عن التغيير في لبنان

... عن التغيير في لبنان

... عن التغيير في لبنان

 العرب اليوم -

 عن التغيير في لبنان

حازم صاغية

لا داعي للمبالغات العاطفيّة والمشحونة عند الحديث عن الشبّان اللبنانيّين وتحرّكهم: فلا هم سيُسقطون النظام الطائفيّ، وقد رأينا الكلفة الباهظة لتحدّي وزير عاديّ واحد من خلال عمل سلميّ! ولا النظام الذي يواجهه الشبّان ديكتاتوريّ، وهذا يستحيل في لبنان، ولا تكفي أعمال القمع الأخيرة لصبغه بهذه الصبغة. ثمّ إنّ أيّ تغيير لبنانيّ لا بدّ أن يضع نصب عينيه الحفاظ على مكتسبات لبنان القائمة، والتقليديّة، وأهمّها الحرّيّة وسهولة الانفتاح على الغرب، كي يكون تغييراً يتجاوز القائم نحو ما هو أفضل.

والشبّان الذين يتحرّكون يرتكبون الأخطاء، بطبيعة الحال، ويقعون في المبالغات أحياناً. إلاّ أنّ نقدهم يُستحسن ألاّ يصدر عن قلوب «يستخفّها الطرب»، ولا عن استغباء أبويّ يمارسه أهل النظام نفاقاً ومزايدةً في إبداء التعاطف مع تحرّك يعرفون أنّه ضدّهم تحديداً، ويعرفون أيضاً أنّهم ضدّه تحديداً.

وفي آخر المطاف فإنّ أساس الموضوع كامن في تصلّب شرايين هذا الوضع الذي عاش ما بين 1989 و2005 بوصفه نظام تكافل وتضامن مرعيّاً سوريّاً، لكنّه منذ ذاك الحين غدا نظاماً للاختلاف المضبوط، أو أنّ اختلافه صار هو نفسه نظاماً. وفي هذا المعنى جاز الكلام عن تركيبة للتنازع الطائفيّ بوصفها امتداداً مقلوباً لتركيبة التكامل الطائفيّ. فإن لم نصدّق هذه الفرضيّة، بات علينا الاستعانة بكثير من السذاجة كي نفسّر قيام «التحالف الرباعيّ» قبل أن يجفّ دم رفيق الحريري، أو ذاك التعايش بين التخوين المتبادل لسنوات طويلة، والتشارك، لسنوات طويلة، في حكومات وطاولات حوار آخرها ستداهمنا بعد أيّام قليلة.

وهذا ليس للقول إنّ إسقاط النظام يحتلّ أيّاً من المواقع على أيّ جدول أعمال جدّيّ. لكنّ ما يثيره تحرّك الشبّان لا يتعدّى اختراقاً بسيطاً يُراد للمسائل الاجتماعيّة والشبابيّة أن تُحدثه، بما يفتح قناة ضيّقة لتجديد النخب تجاور القنوات العريضة المتاحة للطوائف ونُخبها. وهذا لن يُفقد 8 و14 آذار قاعدتيهما الطائفيّتين بالطبع، إلا أنّه يفقدهما الكثير من الزعم الإيديولوجيّ الذي يقنّع طائفيّتهما (علماً بوجود يساريّين مستعدّين للمضيّ دفاعاً عن عفاف إيديولوجيٍّ لـ «حزب الله» يفوق ما يدّعيه الحزب لنفسه). لكنْ من دون الوقوع في أيّة فولكلوريّة طبقيّة متفائلة، قد تتّسع قليلاً قاعدة الذين يباشرون التخلّي عن خياراتهم الطائفيّة، والانحياز إلى ما يجمعهم بسواهم من هموم ومعاناة.

في المقابل، لا يعود النقد الذي يطاول شطراً من النظام هو النقد الذي يمارسه شطره الآخر، وتكفّ الخلافات عن الانضباط الكلّيّ بثنائيّة 8 و14 آذار. هكذا نسمع ما يهبّ علينا من بيئة مختلفة ونظيفة هي التي تثار فيها الضمانات الاجتماعيّة لمن هم أكثر عوزاً، والمساواة بين الرجال والنساء، وحريّة الإبداع في مواجهة الرقابات على أنواعها، والعمالة الأجنبيّة وقضايا العنصريّة. وغنيّ عن القول إنّ قيماً كهذه لا تجافي قيم الأقطاب في 8 و14 آذار فحسب، بل تجافي القيم السائدة في المنطقة التي يراد استيرادها من الرعاة الإقليميّين.

فإن لم ينجح الشبّان في إحداث هذا الاختراق الصغير، مجسّداً في وجوه وفي قيم، لم يبقَ من معاني لبنان إلاّ أنّه «ليس» ديكتاتوريّة عسكريّة، أو أنّ «داعش» لا تعيث فيه فساداً. وهذا لا يكفي ولا يستجيب لطموح طامح متواضع في زمننا. فوق ذلك، قد يغدو تكيّف النظام مع هذه المطالب المتواضعة «الخرطوشة الأخيرة» في الحفاظ على لبنان وتجنّب الانهيار الكامل لهذه الوحدة التي تتزايد شكليّتها وخواؤها.

أمّا المهجوسون بالتخريب الذي قد يُحدثه تحرّك الشبّان فيفوتهم أنّ التخريب بالغٌ اليوم حّده الأقصى، بشهادة النفايات والكهرباء والأمن وسواها، وهو ما لا يترك للشبّان شيئاً يخرّبونه. هل نضيف: للأسف!

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 عن التغيير في لبنان  عن التغيير في لبنان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab