لبنان أيّ صراع هو هذا

لبنان: أيّ صراع هو هذا؟

لبنان: أيّ صراع هو هذا؟

 العرب اليوم -

لبنان أيّ صراع هو هذا

حازم صاغية

ليس السنّة اللبنانيّون مستفيدين من «سوليدير»، ومن الاقتصاد الذي بُني من حولها. فالبيروتيّون منهم صودرت لهم ملكيّات خاصّة أسوةً بغير السنّة، أمّا غير البيروتيّين فهُمّش اقتصادهم كما هُمّش حضورهم وتمثيلهم السياسيّان. والكافّة، مثلهم مثل غير السنّة، دفعوا أكلاف المديونيّة والغلاء.

وليس الشيعة اللبنانيّون مستفيدين من مقاومة «حزب الله» التي تدعو شبّانهم إلى الموت وتعرّض قراهم وأهلها إلى التدمير والتهجير، فضلاً عن آثار بندقيّتها على اقتصاد يلعب الاستقرار دوراً أساسيّاً في نهوضه، وعن تواطؤها مع «اقتصاد النهب» لأنّها مستفيدة منه بألف طريقة وطريقة.

لكنّ هذا لا يلغي أنّ أكثريّة السنّة اللبنانيّين متماهون مع الحريريّة السياسيّة والاقتصاديّة على نحو لا يفوقه إلاّ تماهي الشيعة اللبنانيّين مع «حزب الله» وسلاحه.

وكلّ من يعرف شيئاً عن الطائفيّة في هذا البلد، ماضياً وحاضراً، ولا يراها مجرّد «افتعال» افتعلته «الطبقة السياسيّة» أو «الطغمة الماليّة»، يدرك أسباب التماهيين هذين، واللذين يتغذّى كلّ منهما على الآخر. فهنا تُقدّم رشوات خدميّة طفيفة لجمهور الطائفة فيما تُسلّط عليها أنظمة هائلة من الرموز والتصوّرات والمخاوف والأكاذيب لكي تمتّن من الولاءات ما يجافي العقل ويزوّر المصالح.

لكنْ حين لا يُطرح، تحت وطأة الخوف من سلاح «حزب الله»، إلاّ شقٌّ واحد من الشقّين، وحين يُطرح هذا الشقّ بقالب هجائيّ وتعهيريّ، لا ينقلب هذا «الصراع الطبقيّ» إلاّ احتداماً في الصراع الطائفيّ الجاهز أبداً للاحتدام.

والأمر لا يرجع إلى مجرّد جهل بالفارق بين «الطبقة بذاتها» و «الطبقة لذاتها»، أو إلى حدود المعرفة بأهميّة الوعي كي تكتمل طبقيّة الصراع. فنحن، هنا، حيال أحزاب تدفع في الاتّجاه هذا، وتجمع بين تكوين استبداديّ غير معروف بأيّة رحابة ديموقراطيّة وبين ارتباطات بالنظام السوريّ، بعضها ينحطّ إلى صلات أمنيّة، وبعضها «يسمو» إلى عشق صوفيّ، فيما يقع البعض الثالث في الوسط متّخذاً شكل التبرّع باستشارات مفيدة.

فإذا أضفنا نبرةً شعبويّة تزايدَ ارتفاعها في الآونة الأخيرة عن ثنائيّة المدينة والريف، وردّدتها الأطراف كلّها من مواقعها المتباينة، انتهينا إلى ما يذكّر بالحروب الأهليّة وأنظمة الاستبداد في المشرق.

ففي سوريّة مثلاً، كان لثنائيّة الريف والمدينة أن ساهمت في إنشاء نظام انقلابيّ لم يعد بالخير على أهل الريف العلويّين، بل هطلت بعض خيراته على شرائح بورجوازيّة وسنّيّة في المدن. لكنّ ما هو أهمّ من هذا وذاك أنّه، بتلك الذريعة وبذرائع مشابهة، حكم السوريّين جميعاً عقداً بعد عقد على نحو لا يتمنّاه المرء لأعدائه.

وإذا نمّ التعالي المدينيّ على الريف عن حدّة طبقيّة تستبطن وعياً عنصريّاً، نمّ التعالي الريفيّ على المدينة عن شعبويّة متخلّفة وظافريّة سبق أن رأينا مفاعيلها في غير بلد، تدميراً للمدن وإفراغاً للريف وتصديعاً للنسيج الوطنيّ في وقت واحد.

وهذا، في الحالة التي نحن فيها، إنّما يخطف «الحراك الشبابيّ» إلى إحدى الضفّتين الطائفيّتين، مكرّراً ما حصل في «حرب السنتين». فحينذاك أيضاً، وبشعارات وعناوين بعضها يساريّ وبعضها قوميّ، وقفت أحزاب وقوى موصوفة بالعلمانيّة والتقدّميّة في إحدى الضفّتين الطائفيّتين، لتنتهي بها الأمور كائناتٍ هزيلة تبحث عن رعاة وآباء في الطوائف والدول. وكم هو بائس أن يُفكَّر باستعادة الجدوى عبر سلوك الطريق نفسها، بحيث يكون الدواء هو الداء ذاته؟!

arabstoday

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 09:39 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

متى يخرج السيتى من هذا البرميل؟!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 09:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 09:33 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 09:30 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان أيّ صراع هو هذا لبنان أيّ صراع هو هذا



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab