وداعاً مؤلماً يا عراق

وداعاً (مؤلماً) يا عراق

وداعاً (مؤلماً) يا عراق

 العرب اليوم -

وداعاً مؤلماً يا عراق

حازم صاغية

أحياناً تنبئ الحلول بالكوارث أكثر مما تنبئ المشكلات. فبالأمس لم يبقَ بلد مؤثر في منطقة الشرق الأوسط، أكان من هذه المنطقة أم من خارجها، إلا واضطلع بدور ما في الوصول إلى النهاية السعيدة، ممثلةً بإبعاد رئيس الحكومة نوري المالكي عن منصبه وإحلال محازبه حيدر العبادي محله. لقد أزيح المالكي واختير العبادي في واشنطن وطهران والرياض وعواصم أخرى، وذلك لأن بغداد لا تملك من القوة والعزم ما يتيح لها أن تزيح أحداً أو أن تفرض أحداً سواه. هكذا حل التدويل الصارخ والكامل لمسألة يُفترض أصلاً أن تكون عراقية.

لكن هذه لم تكن المرة الأولى من هذا القبيل. فقبل أربعة أعوام، وبعد فوز الكتلة النيابية التي يتزعمها إياد علاوي بأكبر عدد من مقاعد البرلمان، خيضت معركة سياسية بين العواصم الإقليمية والدولية المذكورة، ومعها دمشق آنذاك التي كانت قبضتها لا تزال معافاة، وانتهت المعركة بتنصيب نوري المالكي الإيراني الهوى.

وهذه أيضاً لم تكن المرة الأولى في عراق ما بعد صدام. ففي 2006 تحولت إزاحة ابراهيم الجعفري عن رئاسة الحكومة، وهو المرفوض سنياً وكردياً، إلى اشتباك سياسي إقليمي ودولي، تأدى عنه إبعاد الجعفري وانتصار الإرادة الأميركية على الإرادة الإيرانية. فالأولى كانت لا تزال متمكنة في بلاد الرافدين، وكان ذلك قبل وصول باراك أوباما بسياسته الانكفائية إلى البيت الأبيض، فيما الثانية لم تكن استجمعت ما يكفي من أوراق القوة التي اجتمعت لها بعد ذاك.

بطبيعة الحال لا يستطيع أيٌ كان أن ينفي دور الإرادات الخارجية في رسم سياسات البلدان الأضعف والأصغر، خصوصاً «العالمثالثية» منها. لكن التجارب العراقية الثلاث المذكورة أعلاه تقطع بانهيار كل دور عراقي قياساً بما تستطيعه تلك الإرادات. ذاك أن العراقيين الذين أنقذهم التدخل العسكري الأميركي من استبداد صدام وحاشيته، ما لبثوا أن ظهروا مختلفين ومتناحرين على كل شيء، وعاجزين بالتالي عن تأسيس مركز سياسي فاعل ومقرر. وهي حالة تشبه، على نحو مضاعف، ما عرفه لبنان بعد سلام الطائف، حين انتفى كل مركز سياسي داخلي بتأثير النزاع بين أفراد «الترويكا» الرئاسية وإحالة القرار، كبيراً كان أم صغيراً، إلى دمشق. وكما نعرف جميعاً، ما لبثت تلك المعادلة أن انفجرت برمتها في 2005، مع اغتيال رفيق الحريري، وسط تأزم في التناقضين السني – الشيعي واللبناني – السوري.

وهذا الإفناء للداخل، الذي بدأ قبل المالكي وقبل «داعش»، يجد تتويجه في المالكي كما في «داعش» الذي استولى على ثلث مساحة البلد وضم إليه ربع مساحة سورية الذي استولى أيضاً عليه. كذلك يتوج الإفناءَ هذا إفراغُ العراق، على يد «داعش» إياه، من بعض مكوناته السكانية الأصلية، وضم كركوك إلى مناطق الحكم الذاتي الكردي في الشمال، والتي ما لبثت أن حلت الحرب المفتوحة بينها وبين «داعش» وسط عجز السلطة في بغداد عجزاً مطبقاً، هي التي سبق لجيشها أن انهار في الموصل.

لهذا فإزاحة المالكي، وهي دائماً تستحق الترحيب، لا تكفي لإعلان مسك الختام، أو للاستبشار ببدايات واعدة يطل بها علينا حيدر العبادي فوق حصان أبيض موزعاً بعض الأعطيات على السنة والأكراد. فالعراق، في آخر المطاف، استنزف ذاته ولم يبق منه، لا في بغداد ولا في الأطراف، ما يعول عليه أو ما ينبعث منه طائر فينيق!

arabstoday

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:27 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 10:16 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وداعاً مؤلماً يا عراق وداعاً مؤلماً يا عراق



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab