بداية وعي وبعض التفاؤل في الكويت

بداية وعي... وبعض التفاؤل في الكويت

بداية وعي... وبعض التفاؤل في الكويت

 العرب اليوم -

بداية وعي وبعض التفاؤل في الكويت

خيرالله خيرالله

كانت الكويت، قبل اسبوع، على موعد مع انتخابات اخرى انتجت مجلسا نيابيا جديدا في سياق مسلسل معروف كيف بدأ وليس معروفا متى يمكن أن ينتهي في ضوء ما شهدته البلاد من خضات سياسية أفضت الى جعل اعمار المجالس والحكومات لا يتجاوز السنة. ثمة من يراهن منذ الآن على أن عمر مجلس الامة الجديد سيكون قصيرا. هل هو رهان في محله أم لا؟ لا يمكن الاجابة عن السؤال ولكن ما يمكن قوله أن الانتخابات التي أجريت يوم السابع والعشرين من تموز- يوليو الماضي جاءت بمؤشرات جديدة تحمل بعض التفاؤل، مؤشرات توحي بأن هناك بداية وعي لدى الكويتيين لاهميّة الخروج من حلقة مغلقة لم تؤد سوى الى حال من الجمود اضطر معها أمير الدولة الشيخ صباح الاحمد الى العمل على تجاوز حال الضياع التي عاشها البلد في السنوات الاخيرة والتي جعلت الحكومات المتتالية غير قادرة على العمل الجدّي والاستثمار في المستقبل، خصوصا في الانسان الكويتي. كلّ ما يمكن قوله الان، في ضوء النتائج التي أفرزتها الانتخابات أنّه صار في الكويت مجلس أمة يعكس الى حدّ كبير المزاج الشعبي الراغب في التقدّم بدل البقاء في أسر الشعارات والمزايدات والنقاشات التي لا طائل منها. هناك باختصار بداية وعي لدى المواطن الكويتي لاهمية تفادي العودة الى الماضي القريب والمزايدات التي لا طائل منها. لعلّ أفضل دليل على ذلك نسبة الاقبال على صناديق الاقتراع وهي نسبة تجاوزت الخمسين في المئة تجاوزا مريحا الى حدّ كبير. لم تأت بداية الوعي لدى معظم الكويتيين لاهمّية الانتخابات من فراغ. اراد الكويتيون الردّ على المقاطعين بشكل عملي. هذا ما دفعهم الى تحدي الحرارة والغبار والتوجه الى مراكز الاقتراع. انهم يدركون أن امير الدولة حزم أمره بشكل نهائي وأنّ لا عودة لديه الى خلف، أي الى فترة الجمود. وهذا لا ينطبق على الداخل الكويتي فقط، بل يتجاوزه الى ما هو أبعد من ذلك بكثير، أي الى الدور الكويتي على الصعيد الاقليمي في وقت يمرّ الشرق الاوسط والخليج في مرحلة مخاض. من الواضح أن الكويت استعادت في السنتين الماضيتين الكثير حيويتها على الصعيد الاقليمي، على الرغم من كلّ التجاذبات الداخلية واتساع رقعة التحركات الشعبية التي وقف خلفها الاخوان المسلمون وغيرهم. لا يمكن تجاهل أنه كان هناك حراك شعبي وُجدمن يحاول ربطه بـ"الربيع العربي"، علما أنه لا يخفى على من يتابع المشهد السياسي الكويتي عن قرب أن البلد في ربيع دائم. هناك ربيع كويتي في كلّ فصل من فصول السنة. كان هذا الربيع الكويتي الدائم مثمرا في بعض الاحيان وكانت له آثار سلبية في أحيان أخرى نظرا الى أنه عطل حركة التطور في بلد يمتلك مجتمعا حيّا كان يلعب في الماضي القريب جدادورا رائدا في محيطه. وقع الكويتيون في فخّ كان يفترض بهم تفاديه. صحيح أن الاحتلال العراقي للبلد في العام 1990 لعب دوره في ارباك المجتمع والطبقة السياسية، لكنّ الصحيح أيضا أنه كان لا بدّ من تجاوز هذه الحالة والتغلب عليها بسرعة أكبر. تحاول الكويت حاليا تعويض ما فاتها في السنوات الاخيرة. سيكون مجلس الامة الجديد أمام امتحان كبير. سيكون نجاحه مرتبطا بمساهمته في مواكبة دولة استضافت في أقلّ من سنة قمة عربية- اسيوية ومؤتمرا دوليا لدعم الشعب السوري وستستضيف قريبا قمة عربية- افريقية ثم القمة الخليجية ثم القمة العربية. الاهمّ من ذلك كله، أن الكويت استطاعت اقامة علاقات متوازنة الى حدّ ما مع ايران على الرغم من كلّ العداء الذي تظهره طهران لكلّ ما هو عربي في المنطقة، خصوصا في الخليج. في الوقت ذاته، ساعدت الكويت العراق في الخروج من الفصل السابع بعد الزيارة المهمّة التي قام بها لبغداد رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك، فيما تسير عملية ترسيم الحدود بين البلدين بشكل طبيعي. فوق ذلك كلّه، لم تتردد الكويت في دعم الاستقرار في مصر. انضمت الى دولة الامارات والسعودية في توفير مساعدات للدولة المصرية، مباشرة بعد تخلص الشعب المصري من كابوس الاخوان المسلمين ممثلا بالرئيسالسابق محمد مرسي. هذا بعض من النشاطات التي استضافتها أو قامت بها الكويت. هناك احياء عاقل للدور الكويتي بعيدا عن المبالغات والاستعراضات وذلك من خلال فهم عميق لظروف المنطقة وتعقيداتها وتوازناتها. هل يكون مجلس الامّة الجديد في وضع يمكنه من مواكبة هذه العملية التي يقودها الشيخ صباح الاحمد؟ هل يكون شريكا في كسر الجمود؟ انه تحد كبير يواجه القادمين الجدد والعائدين الى قاعة عبدالله السالم.  تظلّ الكويت نفسها التحدي الاكبر. امام المجلس الجديد فرصة لاظهار  أن الكويت في حاجة الى أن تكون دولة عصرية ذات اقتصاد منتج وليس اقتصادا ريعيا تغطي مداخيل النفط عوراته. فالدولة الكويتية تستوعب مئتين وتسعين ألف موظف، عدا القوات المسلّحة والشرطة، القسم الاكبر من هؤلاء في حقلي الصحة والتربية. لا تحتاج الكويت الى اكثر من ستين ألف موظف. من سيتولى "ترشيق" الدولة التي لديها خطة انمائية طموحة تمتد حتى السنة 2020  كلفتها مئة وثلاثة مليارات دولار؟ من سيتولى جذب الاستثمارات الاجنبية بدل بقاء الكويت استثناء في هذا المجال بعدما كانت في الماضي مركزا ماليا مهما في المنطقة كلها؟ تشير الارقام الى الحاجة الى تفكير جدّي في جعل الكويت دولة جاذبة للاستثمارات الخارجية. الكويت لم تجلب في السنوات العشر الماضية سوى 800 مليوم دولار من الاستثمارات في مقابل عشر مليارات دولار للبحرين و73 مليارا  لدولة الامارات العربية المتحدة و132 مليارا للمملكة العربية السعودية! هل يمكن للكويت أن تتقدم في ظل البرامج التربوية المتخلفة التي ساهم في وضعها الاخوان المسلمون خصوصا منذ العام 1996؟ ما نفع أجمل المباني الجامعية وكلّ مختبرات الحديثة من دون برامج تربوية عصرية واساتذة على علاقة مباشرة بالطلابوبما يتحقق في العالم المتحضر؟ المشكلة مع متخلفين مثل الاخوان أنهم يهتمون بالاختلاط في الجامعات، اكثر مما يهتمون بما يتعلّمه الذين يذهبون الى الجامعة! انّ مسلسل الاسئلة المرتبطة بالمستقبل لا يتوقف. هل يمكن للكويت تفادي العجز في موازنتها في السنة 2021 اذا لم يتطوّر اقتصادها وتنفتح على الاستثمارات الاجنبية؟ هل طبيعي في بلد مثل الكويت أن تكون نسبة اثنين في المئة فقط من القوة العاملة في القطاع الخاص؟ لا يحتاج الكويتيون بكل تأكيد الى دروس من أحد. انهم يعون أن تطوير بلدهم، بما في ذلك قطاع الاسكان، يحتاج الى تفكير من نوع آخر. مرّة أخرى، ما شهده يوم الانتخابات الاخيرة كان بداية وعي لاهمية الانتقال، على الصعيد الداخلي، الى مرحلة جديدة في كلّ المجالات، وليس في مجال الاعلام وحده الذي شهد في الفترة الاخيرة قفزات الى امام. فلغة الارقام لا تكذب في أيّ مجال من المجالات أو حقل من الحقول. أمام مجلس الامة الجديد مهمّة التصرف، مستندا الى الارقام، من منطلق أنه ليس صحيحا أن كلّ شيء على ما يرام في البلد. يفترض بالنواب الجد والجدد- القدامى الاعتراف بأنّ الاصلاحات الحقيقية  لا تكون بالشعارات الفضفاضة التي أخذت مصر، على سبيل المثال وليس الحصر، الى ما هي عليه الان. يفترض بهؤلاء التساؤل كيف يمكن تطوير اقتصاد بلد، كان في الماضي القريب قدوة لمحيطه، بلد يعتمد بنسبة خمسة وتسعين في المئة على مداخيل النفط، من دون الاستثمار في الانسان. والاستثمار في الانسان يعني الاستثمار في التعليم من أجل الوصول الى اقتصاد منتج بديلا من الاقتصاد الريعي الذي لا يعلّم المواطن سوى مادتي الكسل والتخلّف. انهما المادتان الوحيدتان في برنامج الذين يدفعون الكويت الى التخلف والجمود معتمدين الشعارات الدينية ووضع القيود على المرأة قبل أي شيء آخر.

arabstoday

GMT 07:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:48 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

السوشيال كريديت وانتهاك الخصوصية

GMT 07:40 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 07:39 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كَذَا فلْيكُنِ الشّعرُ وإلَّا فلَا!

GMT 07:13 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

من باب المندب للسويس والعكس صحيح

GMT 07:10 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«بيرل هاربر» التي لا تغيب

GMT 07:07 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كرد سوريا وشيعة لبنان

GMT 07:05 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

الخلط الإسرائيلي بين موازين القوى والحقائق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بداية وعي وبعض التفاؤل في الكويت بداية وعي وبعض التفاؤل في الكويت



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:59 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

خاسران في سورية... لكن لا تعويض لإيران

GMT 08:06 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«بنما لمن؟»

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab