ثمة حياة لسوريا ما بعد الاسد

ثمة حياة لسوريا... ما بعد الاسد

ثمة حياة لسوريا... ما بعد الاسد

 العرب اليوم -

ثمة حياة لسوريا ما بعد الاسد

خيرالله خيرالله

مخطئ من يعتقد انه كان على الاخضر الابراهيمي، منذ البداية، اتخاذ موقف واضح من نظام بشّار الاسد. ما لا يمكن تجاهله أن الاخضر الابراهيمي وسيط قبل اي ّ شيء آخر. ولأنّه يعرف ذلك جيّدا، سعى، في تعاطيه مع الرئيس السوري، الى التمسّك بالصبر الى حدّ يفوق قدرة أيّ مخلوق ينتمي الى طينة البشر على تحمّله. بدا الاخضر في سياق مهمته السورية وكأنّه رفع شعار: صابر حتى يعجز الصبر عن الصبر. ولا شكّ أنّ الكلام الاخير الصادر عن مبعوث الامين العام للامم المتحدة والامين العام لجامعة الدول العربية يدلّ على أنّ الرجل يتصرّف كوسيط حقيقي انحيازه الوحيد لمستقبل الشعب السوري والمحافظة على ما بقي من الدولة السورية. فما الذي يضمن انقاذ سوريا غير رحيل النظام الحالي والانتقال بالبلد الى مرحلة جديدة يستعيد فيها وضعه الطبيعي؟ يبدو أنّه توصل الى هذه الخلاصة في ضوء تجربته الاخيرة مع النظام السوري، هو الذي سبق له التفاوض في الماضي مع شخصين يتمتعان بكل صفات الديكتاتور هما صدّام حسين وحافظ الاسد ووجد ان الرجلين مثلا اصعب تحديين واجههما في حياته الديبلوماسية التي يزيد عمرها على نصف قرن. كان طبيعيا صدور تصريحات وبيانات عن النظام السوري تهاجم الاخضر. ربّما كانت العبارة الاهمّ التي خرج بها المبعوث الدولي- العربي هي أنّ النظام لم يقطع الجسور معه على الرغم من اتهامه بـ"الانحياز الى المتآمرين على سوريا". وهذا يعني أنّه سيكون قادرا على متابعة مهمّته بغض النظر عمّا اذا كانت هناك فرص نجاح من نوع ما متوافرة لها. حافظ الديبلوماسي الجزائري على هدوئه ورفض السقوط في فخ نصبه له النظام الذي كان يريد منه سحب وساطته. في الواقع، كان النظام السوري يفضّل عدم حضور الوسيط الدولي- العربي الى دمشق اواخر الشهر الماضي للاجتماع بالرئيس السوري. في كلّ الاحوال حقق الاخضر اختراقا في غاية الاهمّية. يتمثّل هذا الاختراق في كشف النظام السوري على حقيقته. كشف بكلّ بساطة ان بشّار الاسد يرفض التعاطي مع الواقع ومع ما يدور حقيقة في سوريا. لا يزال يخلط بين النظام وسوريا، علما أنّ النظام الذي ورثه عن والده لا يمتلك شرعية من ايّ نوع كان نظرا الى أنّه نظام قائم على اجهزة امنية وضعت في خدمة عائلة معيّنة تعتبر سوريا مزرعة لا اكثر. يبدو واضحا أن هدف النظام اقناع العالم بأنّ نهايته تعني نهاية سوريا. وهذا ما يرفضه كلّ من يمتلك حدا ادنى من المنطق والشعور الوطني من المحيط الى الخليج، بمن في ذلك الاخضر الابراهيمي... أذا اخذنا في الاعتبار الحالة المرضية يعاني منها النظام السوري، يمكن القول أنّ الاخضر الابراهيمي، باصراره على متابعة مهمّته، أنما يتلو يوميا فعل ايمان بسوريا وامكان انقاذها. كلّ ما فعله الى الآن هو محاولته الذهاب الى النهاية في اقناع بشّار  بأن هناك شيئا اسمه "سوريا ما بعد الاسد" وأن بلدا مهما مثل سوريا ليس مرتبطا بمصير عائلة تعتبر ان السوريين عبيدا لديها. نعم، هناك "سوريا ما بعد الاسد"، اي هناك حياة اخرى لسوريا بعد رحيل بشّار الاسد. ربما كان ذلك التحدي الاهمّ الذي يواجه المبعوث الدولي- العربي. كان الاسد الابن يفضّل عدم مجيء الاخضر الى دمشق عن طريق بيروت. كان يعرف أنّ مجرد قدومه عبر مطار العاصمة اللبنانية، اي مطار رفيق الحريري، سيفرض عليه الاعتراف بأنّ نظامه لم يعد قائما. أنه يرفض أن يطرح على نفسه السؤال البديهي الآتي: كيف يمكن لنظام أن تقوم له قيامة بعد فقدانه السيطرة على مطار العاصمة وكلّ المطارات المهمة الاخرى في مختلف انحاء البلد؟ ولذلك، لجأ الرئيس السوري الى كلّ ما يستطيع من اجل تأجيل زيارة الاخضر، خصوصا بعدما تبيّن أنه سيسلك طريق بيروت- دمشق. فشل اوّلا في اعادة فتح مطار دمشق على الرغم من تبرّع عدد لا بأس به من ضباط الحرس الجمهوري في انجاز هذه المهمّة. ورضخ اخيرا للامر الواقع بعد ضغوط روسية مورست عليه من منطلق أن ليس من مصلحته تدمير كل الجسور مع المجتمع الدولي وأنّ تصرفا من هذا النوع سيضعف موقف موسكو على غير صعيد. كانت زيارة الايراهيمي الاخيرة لدمشق بمثابة فضيحة للنظام السوري. كان تصرّف الاسد الابن تاكيدا لأنّ النظام لا يعرف سوى ممارسة لعبة الهروب الى امام بدل التعاطي مع موازين القوى على حقيقتها ومع ما يدور فعلا على الارض.هل كان كافيا أن يتصرّف الرئيس السوري مع المبعوث الدولي- العربي وكأنّ لا شيء يحدث في سوريا كي يقتنع الاخير بأن الشعب السوري الثائر مجموعة من "الارهابيين"؟ لم يعد مهمّا نجاح وساطة الاخضر او فشلها. ما حققه الى الآن، عن طريق الديبلوماسية الهادئة والتكتم الذي اثار كثيرين، مهمّ جدا بكلّ المقاييس. استطاع الرجل نقل الازمة السورية الى مرحلة جديدة. تختصر هذه المرحلة، التي لا تزال موسكو تعترض عليها، بأنّ لا مفرّ من مرحلة انتقالية من دون الاسد الابن وآل الاسد. هل  سيكون في استطاعته الابقاء على سوريا موحدة في حال اتيح له متابعة مهمّته التي لم يوجد في البداية، وحتى في يومنا هذا، كثيرون يعلقون عليها ايّ امل؟ من الواضح أنّ الاخضر الابراهيمي، الذي يحب سوريا والسوريين ويرفض المزج بين سوريا والنظام، يمتلك من المعطيات بما يجعله يتابع مهمته. يبدو أن فكرة سوريا ما بعد الاسد تستاهل العمل من اجلها، او اقلّه بعض الجهود الديبلوماسية.

arabstoday

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 09:19 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:16 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

تحديات السودان مع مطلع 2025

GMT 09:15 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

«لا حل إلا بالدولة»!

GMT 09:14 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

لعنة الفراعنة

GMT 09:08 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الأسرى... والثمن الباهظ

GMT 09:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمة حياة لسوريا ما بعد الاسد ثمة حياة لسوريا ما بعد الاسد



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab