خطف الاخوان لمصربعد خطفهم الثورة

خطف الاخوان لمصر...بعد خطفهم الثورة!

خطف الاخوان لمصر...بعد خطفهم الثورة!

 العرب اليوم -

خطف الاخوان لمصربعد خطفهم الثورة

خيرالله خيرالله

يمكن اختصار الوضع المصري الراهن، خصوصا السعي الى تمرير دستور جديد وضع على مقاس تنظيم حزبي معيّن، بسؤال مباشر: هل يسمح المصريون للاخوان المسلمين بخطف مصر بعدخطفهم لـ"ثورة 25 يناير"؟ لا يمكن الاستخفاف بشجاعة المصريين ووعيهم السياسي. فبعد مفاجأة الشعب السوري، جاءت مفاجأة الشعب المصري. على الرغم من مرور 49 عاما على قيامه، لم يستطع نظام البعث ثم نظام الطائفة (ابتداء من 1970) الذي ورثه نظام العائلة ابتداء من العام 2000، تدجين الشعب السوري. قريبا جدا، سينتصر الشعب السوري على جلاديه الذين ارادوا الغاءه وتحويل سوريا مجرّد مزرعة لهم باسم "المقاومة" و"الممانعة" وشعارات مضحكة- مبكية لا يصدٌقها سوى المنافقين من المتاجرين بالعرب والعروبة واللبنانيين والفلسطينيين وكلّ ما تقع يدهم عليه. في مصر، قبل ثورة سوريا وبعدها، اراد الشعب توجيه رسالة في غاية البساطة فحواها أنّه لا يمكن أن يكون هناك نصف ثورة او ربع ثورة. كلّ ما اراد المصريون قوله هو انّهم يرفضون أن يخطف الاخوان المسلمون مصر بعد نجاحهم في خطف الثورة. لم يقم المصريون بثورتهم على نظام العسكر كي يحلّ مكانه نظام من الطينة نفسها. قام المصريون بثورتهم، التي استطاع الاخوان المسلمون خطفها، من اجل اقامة نظام جديد ينقل البلد العربي الاكبر الى دولة مؤسسات فيها تداول سلمي حقيقي للسلطة. هذا كلّ ما في الامر. خطف الاخوان المسلمون الثورة، لكنّهم لم يخطفوا مصر. فشلوا، الى اشعار آخر، في خطف مصر. سيحاولون ذلك. لكنّ ما يتبيّن يوميا هو أنّ هناك قوى حية في المجتمع المصري ترفض الانتقال من ديكتاتورية العسكر الى ديكتاتورية الاخوان. يرفض المصريون، من خلال نزولهم الى الشارع مجددا تكرار تجارب الماضي القريب وذلك بعد ستين عاما من حكم العسكر الذي لم يجلب على البلد سوى الازمات والمشاكل في غياب القدرة على بناء دولة المؤسسات الديموقراطية التي تضمن التزام كلّ سلطة من السلطات الثلاث حدودها استنادا الى مبدأ الفصل بين السلطات. من دون الفصل بين السلطات، يصعب الحديث عن دولة حديثة تستطيع التفرّغ لمعالجة المشاكل الحقيقية التي تعاني منها مصر. ما يجمع بين العسكر والاخوان الذين كانوا شركاء في انقلاب الثالث والعشرين من تموز – يوليو 1952 يتمثّل في أن الجانبين يؤمنان بالشرعية الثورية بديلا من الشرعية الدستورية. لو لم يكن الامر كذلك، لما كان هناك اصرار على الاعلان الدستوري الذي صدر عن الرئيس محمّد مرسي من جهة وعلى التعجيل في اقرار دستور جديد، لا يليق بمصر او اي دولة حديثة، من جهة اخرى. لم يستوعب الاخوان المسلمون أنّ عهد الشرعية الثورية انتهى مع انهيار الاتحاد السوفياتي. كان الاتحاد السوفياتي والدول الدائرة في فلكه نتاج الشرعية الثورية التي تعتبر نفسها فوق اي شرعية اخرى. ولذلك، الغى النظام السوفياتي، باسم نظام الحزب الواحد، كل ما له علاقة بالحريات الفردية والفصل بين السلطات. الغى الانسان، بين ليلة وضحاها، وقضى على اي امل بمستقبل افضل للمواطن العادي. قضى بكل بساطة على اي طموح لدى هذا المواطن العادي الراغب في الارتقاء اجتماعيا وحتى ماديا... يستخدم الاخوان المسلمون في مصر الآن الانتخابات الرئاسية، التي كانت انجازا ديموقراطيا بالفعل، للعودة الى الشرعية الثورية بدل أن تكون تلك الانتخابات- التي اوصلت مرسي الى موقع رئيس الجمهورية-  خطوة على طريق ترسيخ الشرعية الدستورية. في غمرة الاحتفالات بالانتصار الفلسطيني في غزة، وهو انتصار لحركة "حماس" على اهل غزة وعلى غزة نفسها، اخذ الرئيس المصري مواطنيه على حين غرّة. اصدر الاعلان الدستوري الذي يجعل منه رئيسا مطلق الصلاحيات، رئيسا قادرا على السيطرة على السلطة القضائية وتسييرها كيفما يشاء وتوظيفها في خدمة تعزيز سيطرة الاخوان على كلّ السلطات في مصر. كيف يمكن أن تقوم دولة حديثة في غياب آلية تسمح بمحاسبة ايّ مسؤول مهما علا شأنه عندما يرتكب خطأ؟ كيف يمكن أن تكون هناك ثورة حقيقية في مصر، اذا كان هدف الثورة استبدال مرسي بحسني مبارك والاخوان بالمؤسسة العسكرية؟ رفض المصريون التفسير الاخواني للثورة التي اطاحت حكم العسكر. اضطر الرئيس مرسي الى مغادرة قصر الرئاسة قبل ايّام بطريقة لا تليق برئيس لـ"جمهورية مصر العربية". تدل طريقة مغادرته القصر المحاصر بتلك الطريقة على أنّ المصريين مصرّون على متابعة "ثورة 25 يناير" التي تعني اوّل ما تعني رفض ديكتاتورية الاخوان بعد ديكتاتورية العسكر. لا شكّ أن الاخوان المسلمين، مدعومين من السلفيين، سيحاولون مجددا الاستيلاء على الشارع. قد ينجحون في ذلك. لكنّ نجاحهم لا يمكن الاّ ان يكون موقتا نظرا الى أنه ليس لديهم اي جواب يتعلّق بالمشاكل التي تعاني منها مصر والتي تهدد مستقبل البلد. وهذا يعني في طبيعة الحال مشكلة النمو السكّاني العشوائي والازمة الاقتصادية ومستوى التعليم وتطوير الزراعة والصناعة وحصة مصر من مياه النيل والارهاب في سيناء...والعلاقة بين السلطة والاقباط ودورهم على الصعيدين الاجتماعي والسياسي. يشكّل الاقباط، في أقلّ تقدير، نسبة عشرة في المئة من المجتمع المصري. هل في استطاعة الاخوان، بطريقة او بأخرى، اقامة علاقة صحية معهم؟ المؤسف أن الاستيلاء على السلطة والعودة الى ممارسات عفا عنها الزمن لا تحلان اي مشكلة من مشاكل مصر ولا اي ازمة من ازماتها. لا يحل مشاكل مصر سوى حوار في العمق. فمصر لا تحتاج الى فرعون آخر بمقدار ما انّها في حاجة الى اخذ وردّ بين مختلف التيارات السياسية بعيدا عن اي تشنّج من اي نوع كان. كلّ ما اراده المواطنون الذين نزلوا الى الشارع وحاصروا القصر الرئاسي أنّ مصر تغيّرت وأن اصرار المصريين على التخلص من الديكتاتورية والشرعية الثورية والتخلف بكلّ اشكاله لا تقلّ عن اصرار السوريين وتصميمهم على بناء دولة حديثة ورفض الذلّ والمهانة.  

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطف الاخوان لمصربعد خطفهم الثورة خطف الاخوان لمصربعد خطفهم الثورة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab