عودةالى العراق

عودة...الى العراق

عودة...الى العراق

 العرب اليوم -

عودةالى العراق

خيرالله خيرالله

كلّما مرّ يوم يزداد الوضعان الاقليمي والعالمي تعقيدا. هذا الوضع مستمرّ منذ حصول التغيير الكبير في العراق في آذار- مارس 2003 عندمت بدأ الزحف الاميركي في اتجاه بغداد التي سقطت في التاسع من نيسان- ابريل من تلك السنة. يدلّ على ذلك أن الشرق الاوسط ما زال منذ عشر سنوات في مرحلة انتقالية فيما هناك حال تجاذب غير واضحة المعالم بين اميركا من جهة وروسيا من جهة اخرى، تعتبر اوروبا طرفا فيها. في ما يخصّ الشرق الاوسط، لا يزال الزلزال العراقي في بدايته. ما حصل في العراق في العام 2003، نتيجة الاجتياح الاميركي لبلد كان احد اعمدة النظام الاقليمي القائم منذ انهيار الدولة العثمانية،  ليس حدثا عاديا. يفوق هذا الحدث في حجم تفاعلاته، المباشرة وغير المباشرة، على الصعيد الاقليمي قيام دولة اسرائيل في العام 1948 وسط العالم العربي...وتشريد الشعب الفلسطيني الذي اعتقد، بسذاجة ليس بعدها سذاجة، أنّ العرب قادرون على استعادة حيفا ويافا وتل ابيب وحتى القدس، التي لم تكن كلّها محتلة وقتذاك. على الرغم من هزيمة 1967 والخسائر التي لحقت بالعرب، يبقى هناك امر في غاية الاهمية لا يمكن المرور عليه مرور الكرام. يختصر هذا الامر بقدرة المجموعة العربية على استيعاب اسرائيل ومنعها من التمدد، حتى بعد بقائها الى يومنا هذا، قوة احتلال، في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان السورية. لا يمكن الاستخفاف بهذا الانجاز الذي حال دون اي اختراق اسرائيلي للعالم العربي، على الرغم من معاهدتي السلام المصرية- الاسرائيلية (1979) والاردنية الاسرائيلية (1994). ما حصل في العراق هو انهيار كامل لدولة عربية استطاع النظام العائلي- البعثي الذي اقامه صدّام حسين، عبر ممارساته الوحشية وسياساته الهوجاء والحروب التي خاضها مع جيرانه، التي توجها بالمغامرة الكويتية، القضاء على النسيج الاجتماعي فيها. جاء الاحتلال الاميركي للعراق وما تلاه من قرارات عشوائية، او مدروسة جيّدا، بما فيها، حل الجيش العراقي واقامة نظام جديد مبني على المحاصصة الطائفية، ليعكس رغبة في القضاء على اي امل ببقاء العراق دولة موحدة. والدولة الموحدة بالمعنى العصري للكلمة هي دولة تمتلك مؤسسات راسخة قادرة على استيعاب التنوّع المذهبي والقومي. كان يمكن للتنوع ان يكون مصدر غنى للعراق بدل ان يتحوّل مصدر نزاعات معروف كيف بدأت وليس كيف يمكن ان تنتهي او متى ستنتهي...او هل ستنتهي يوما. بعد الذي حصل في تونس وليبيا ومصر واليمن، وبعد المأساة المستمرة التي اسمها سوريا، هناك عودة الى العراق. في البدء كان العراق. ما تعرّض له البلد على مراحل منذ الانقلاب الدموي الذي اطاح النظام الملكي في الرابع عشر من تموز- يوليو 1958 ليس مجرّد انهيار لدولة عربية رئيسية. أنه اكثر من ذلك بكثير أنه اختلال في التوازن الاقليمي الدقيق الذي عمره مئات السنوات. أنه توازن بين حضارتين كبيرتين، هما الحضارة الفاؤسية والحضارة العربية التي شكّلت الحدود العراقية- الايرانية خطا فاصلا بينهما طويلا. ما لا يمكن تجاهله أنّ الولايات المتحدة ممثلة بادارة بوش الابن قدّمت العراق على صحن فضّة الى ايران. ما نشهده اليوم محاولة مصدرها الداخل العراقي لاعادة لملمة الوضع والحؤول دون حروب جديدة ذات طابع مذهبي، يبدو واضحا أن ايران ليست بعيدة عنها. ايران ليست بعيدة عن الحروب الداخلية العراقية نظرا الى ان سياستها مبنية على توظيف الغرائز المذهبية في اثارة قلاقل داخل هذه العربية او تلك أو لبناء دويلة داخل الدولة تكون تابعة لها كما الحال في لبنان... لا شكّ ان قسما كبيرا من الشيعة العرب في العراق بدأ يدرك مدى خطورة التمدد الايراني في البلد في ظل حكومة برئاسة السيد نوري المالكي. هذه الحكومة غيّرت رأيها بقدرة قادر، أي ايران، وذهبت من الادانة الصريحة للنظام السوري الى تحولّها ممرّا لوصول الاسلحة والمساعدات اليه. أنها حكومة عراقية لا همّ لها سوى استعادة تجربة صدّام حسين ولكن بغطاء مذهبي يؤمنه حزب مذهبي (حزب الدعوة) لا يشبه في تصرفاته سوى تصرّفات الاخوان المسلمين في مصر وغير مصر. بكلام اوضح، يمكن، في ضوء تصرفات حكومة المالكي الوصول الى نتيجة فحواها أن "حزب الدعوة" ليس سوى النسخة الشيعية للاخوان المسلمين! أثّر اختلال التوازن في الاقليمي، جراء الحدث العراقي، على الوضع في سوريا ولبنان والاردن والخليج وحتى مصر. واستغلّت ايران الاختلال لمصلحتها وذهبت بعيدا في ملء الفراغ الناجم عن الانسحاب العسكري السوري من لبنان عن طريق الميليشيا التابعة لها والمسمّاة "حزب الله". ما نشهده حاليا هو، في جانب منه، ارتداد للزلزال على المصدر، اي على العراق نفسه. فما لم يعد في الامكان تجاهله ان الحرب الاهلية ذات الطابع المذهبي في سوريا صار لها امتداد عراقي. هذا الامر عائد بكل بساطة الى الاذلال والتهميش اللذين يتعرّض لهما السنّة العراقيون العرب وحتى الاكراد الذين يقيمون في مناطق معيّنة مثل كركوك وضواحيها... ما قد يكون جديرا بالمراقبة في المشهد العراقي، سعي فئات شيعية الى اعطاء طابع بعيد عن المذهبية لتحرّك اهل السنّة في الانبار وذلك على الرغم من وجود عناصر متطرفة في اوساط هؤلاء. هل في ذلك بداية عودة للوطنية العراقية تؤدي الى رحيل حكومة المالكي المدعومة ايرانيا؟ يصعب اعطاء رأي في هذا الشأن. الامر الوحيد الاكيد أن الزلزال العراقي الذي كانت بداياته في بغداد...عاد الى بغداد وأنّ ما يمكن تسميته بالروح الوطنية العراقية ما زال له اثر يذكر.

arabstoday

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 09:19 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:16 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

تحديات السودان مع مطلع 2025

GMT 09:15 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

«لا حل إلا بالدولة»!

GMT 09:14 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

لعنة الفراعنة

GMT 09:08 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الأسرى... والثمن الباهظ

GMT 09:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودةالى العراق عودةالى العراق



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab