لا أمل من الحوار مع الحوثيين…

لا أمل من الحوار مع الحوثيين…

لا أمل من الحوار مع الحوثيين…

 العرب اليوم -

لا أمل من الحوار مع الحوثيين…

خيرالله خيرالله

أثبت مؤتمر جنيف أن لا أمل من الحوار مع الحوثيين. تجارب الحوار المباشر معهم لا تشجع، فكيف عندما يقتصر الأمر على مشاورات تجري بواسطة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة.

انتهى مؤتمر جنيف الذي دعت إليه الأمم المتحدة من دون تحقيق نتائج تذكر، باستثناء أنّه قد يمهّد لهدنة يمنية قد توقف القتال الدائر يوما، كما قد لا توقفه. أثبت المؤتمر أنّ لا أمل من الحوار مع الحوثيين، أي “أنصار الله”، في جنيف أو في غير جنيف. تجارب الحوار المباشر معهم لا تشجّع، فكيف عندما يقتصر الأمر على مشاورات تجري بواسطة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ أحمد؟

لم يلتزم الحوثيون يوما بأيّ اتفاق أمكن التوصل إليه معهم. في جنيف. لم يكن ممكنا، حتّى، التوصل إلى الهدنة الرمضانية، التي كانت ستشكّل الأمر الإيجابي الوحيد القابل للتحقيق.

في أساس المشكلة مع الحوثيين، أنّه لا يمكن الدخول في أي شكل في مفاوضات مع طرف يعتبر نفسه الشرعية في اليمن. ما الذي يمكن لمثل هذا الطرف التفاوض عليه في شأنه، ما دام كلّ المطلوب الاعتراف بأنّه الشرعية، فيما الآخرون خارجون عن هذه الشرعية. أكّد عبدالملك الحوثي المرّة تلو الأخرى أن “أنصار الله” يمثّلون الشرعية مستندا إلى ما سمّاه “الشرعية الثورية”. لم يكتف بالكلام، بل ذهب وفد من الحوثيين إلى طهران، ووقّع سلسلة اتفاقات مع إيران من منطلق أنّ الحوثيين باتوا هم السلطة في اليمن.

تستأهل الهدنة التي لم تتحقّق عقد مؤتمر جنيف. اليمنيون في حاجة ماسة إلى الهدنة نظرا إلى الوضع المأساوي الذي يعـانون منه في ظل انسداد كل الآفاق أمامهم. لا أفق سياسيا أمام اليمنيين في المدى المنظور. وليس ما يشير، أقلّه إلى الآن، أن في الإمكان حصول تغيير على الأرض، خصوصا بعدما تبيّن أنّ القوى اليمنية التي تسعى إلى وقف التمدّد الحوثي لا تمتلك، أقلّه إلى الآن، ما يكفي من التنظيم والقوّة العسكرية للتصدي لتلك الظاهرة.

فوق ذلك كلّه، يستفيد “أنصار الله” إلى أبعد حدود من التحالف الذي أقاموه مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح. هذا التحالف أوصلهم إلى عدن وجعلهم يلتفّون على تعز ويسيطرون قبل أيّام على محافظة الجوف ذات الحدود الطويلة مع المملكة العربية السعودية.

ترسّخ هذا التحالف وأخذ أبعادا جديدة منذ دخول “أنصار الله” صنعاء في سبتمبر من العام الماضي. وصل “أنصار الله” إلى صنعاء نتيجة عدم التصدي لهم في عمران، وذلك بعدما رفض الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي الأخذ بنصيحة علي عبدالله صالح الذي بعث إليه برسالة واضحة في هذا الشأن نقلها إليه ثلاثة من قياديي حزب المـؤتمر الشعبي العام ما زالوا أحياء يرزقون.

في كلّ الأحوال، المشكلة مع الحوثيين واضحة كلّ الوضوح. تكمن هذه المشكلة في أنّ لا حدود لطموحاتهم ولاقتناعهم بأنّهم الشرعية وأنّ في استطاعتهم السيطرة على اليمن كلّه. لذلك، جاءت “عاصفة الحزم” في توقيت مناسب بغية وضع حدّ لهذه الطموحات. شملت الطموحات، بين ما شملت التصرّف باسم الدولة اليمنية وتوقيع اتفاقات من كلّ نوع مع إيران، من بينها اتفاق يقيم جسرا جويا بين صنعاء وطهران. يتضمن هذا الاتفاق الذي يثير كلّ أنواع المخاوف بالنسبة إلى الأمن الخليجي، خصوصا الأمن السعودي، 28 رحلة جوية أسبوعية بين طهران وصنعاء. ليس معروفا إلى اللحظة ما الفائدة من هذا العدد الكبير من الرحلات بين صنعاء وطهران، أو بين طهـران وصنعـاء، اللهمّ إلّا إذا كان المطلوب أن يكون اليمن مستعمرة إيرانية ورمزا لنجاح المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة.

انعقد مؤتمر جنيف في وقت هناك حاجة إلى استعادة “أنصار الله” لرشدهم، خصوصا بعد صدور القرار 2216 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتحت الفصل السابع. ما كشفه المؤتمر أن لا استعداد من أي نوع لدى الحوثيين للتعاطي مع القرار والتصرّف كمكون من مكونات المجتمع اليمني، وليس كممثل لليمن كلّه.

في المقابل، يمثّل الرئيس الانتقالي شرعية ما في أساسها المبادرة الخليجية التي أفضت إلى خروج علي عبدالله صالح من موقع الرئاسة في فبراير من العام 2012. هذا واقع لا يمكن تجاهله بأي شكل، هناك شـرعية في اليمن من جهة، فيما “أنصار الله” لا يمثلون مع ميليشياتهم أي شرعية من أيّ نوع من جهة أخرى. لا يبني السلاح شرعية، كـذلك لا يبني الاستيـلاء على السلطة عبر ميليشيات مذهبية أيّ نوع من الشرعية.

لا مجال للتوفيق بين شرعية مفروضة وشرعية حقيقية، إلى حدّ ما طبعا. يمكن لهذه الشرعية الحقيقية أن تستعيد دورها على صعيد اليمن كلّه في حال استعادة البلد توازنه. هذا ليس واردا في غياب قوّة موجودة على الأرض تستطيع إعادة الحوثيين إلى حجمهم الحقيقي.

في غياب هذه القوّة سيستمر حوار الطرشان في اليمن. لن يكون مجال لمفاوضات جدّية. لذلك، لم تكن هناك مفاوضات. هذا عائد إلى أنّ الحوثيين لم يخسروا أي معركة منذ تجاوزهم حدود محافظة صعدة في العام 2011. على العكس من ذلك، استغلوا كلّ الفرص التي توافرت لهم منذ تحرّك الشارع اليمني بتشجيع من حزب التجمع اليمني للإصلاح وبعض القيادات العسكرية من أجل إسقاط علي عبدالله صالح. كانوا المستفيد الأوّل من التحرّك الشعبي الذي أراد الإخوان المسلمون خطفه في مرحلة معيّنة.

كانت “عاصفة الحزم” ضرورية. لم يكن هناك مفرّ منها. الحاجة الآن إلى ما هو أبعد من ذلك. الحاجة إلى التأكيد للحوثيين ولمن يقف خلفهم ويشجّعهم على السير في خط تصعيدي أن مثل هذا التصرّف سيعود عليهم وعلى اليمن واليمنيين بالويلات. لا بدّ من إيجاد طريقة تؤكّد للحوثيين أنّهم لا يمكن أن يشكلوا مستقبل اليمن. يمكن لهم الاكتفاء بحكم دويلة في اليمن وقد يكون هذا طموحهم في المدى الطويل.

أدّى مؤتمر جنيف الهدف المطلوب. كشف عمق الانسداد اليمني. ولكن ماذا بعد المؤتمر في حال أصرّ “أنصار الله” على أنّهم الشرعية في اليمن… مع ما يعنيه ذلك من تكريس لهذا الانسداد؟

الثابت أن اليمن صار مقسّما ولكن ليس بين شمال وجنوب كما كانت عليه الحال في الماضي. هناك دويلات ستقوم في اليمن بعد حروب طويلة لا شكّ أن “القاعدة” التي لديها حاليا قوّة كبيرة في المكلا، عاصمة حضرموت، ستكون طرفا فيها. ليكن الله في عون اليمن الذي لا يبدو أن هناك مخارج لأزمته في السنوات القليلة المقبلة، ما دام التوازن العسكري على الأرض يراوح مكانه، وما دام “أنصار الله” يرفضون أي بحث في شرعيتهم التي يؤمنون بأنّها هبطت عليهم من السماء.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا أمل من الحوار مع الحوثيين… لا أمل من الحوار مع الحوثيين…



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab