روسيا وتركيا وسورية لعب في الوقت الضائع

روسيا وتركيا وسورية... لعب في الوقت الضائع

روسيا وتركيا وسورية... لعب في الوقت الضائع

 العرب اليوم -

روسيا وتركيا وسورية لعب في الوقت الضائع

بقلم: خير الله خير الله

تبدو اللقاءات التركية - السورية، برعاية روسية، أقرب إلى لعب في الوقت الضائع تفرضه موسكو على طرفين لا يمكن إيجاد أي نوع من التفاهم بينهما في أي مجال من المجالات.

ليس الجانب التركي من الغباء كي يتفاوض مع طرف لا يمتلك قراره، بل لا يمتلك أي هامش للتحرك السياسي منذ هبّت «الجمهوريّة الإسلاميّة» لنجدة بشّار الأسد بعد ثورة السوريين على نظامه الأقلّوي قبل 12 عاماً.

تعلم انقرة أنّ القرار في دمشق ملك طهران. تعلم أيضاً أنّه في مرحلة معيّنة صارت موسكو شريكاً لطهران في قرار دمشق بعد دخولها على خط المواجهة المباشرة مع الشعب السوري.

حصل ذلك ابتداء من خريف العام 2015 عندما أرسلت روسيا قاذفاتها إلى قاعدة حميميم، قرب مدينة اللاذقية، لمنع سقوط الساحل السوري والمنطقة ذات الأكثريّة العلويّة... وكي يتمكن بشّار الأسد من البقاء في دمشق.

الأكيد أن تركيا لا تمتلك أي أوهام في شأن طبيعة تكوين النظام السوري وما يستطيع تقديمه، خصوصاً لجهة مشاركة المعارضة في السلطة، على نحو فعلي، وتنفيذ القرار الرقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن في أواخر العام 2015.

ليس وارداً، في أيّ شكل، قبول النظام السوري تنفيذ مثل هذا القرار الذي يتضمن خريطة طريق للتوصل إلى تسوية سياسية في سورية، وهي تسوية مرفوضة أصلاً من النظام.

لا يستطيع النظام الذي قام العام 1970، والذي باتت تتحكّم به «الجمهوريّة الإسلاميّة» كلياً منذ خلف بشار الأسد والده في 2000، القبول بايّ شريك في السلطة.

لم يشنّ النظام الأقلّوي حربه المشتركة مع ايران على الأكثرية السنّية والمدن السورية الكبرى من اجل أن يصل إلى مكان يجد فيه نفسه مضطراً إلى القبول بتغيير في العمق للنظام ولعلة وجوده.

تتمثل هذه العلّة في تحكّم العلويين بمفاصل السلطة والدورة الاقتصاديّة من دون أي شريك فعلي من أيّ نوع كان.

أكثر من ذلك، يعرف الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يمتلك حسابات خاصة به مرتبطة بالانتخابات الرئاسيّة المقررة بعد نحو نصف سنة، أنّ ليس امامه سوى المناورة.

يناور أردوغان في الوقت الضائع لعلمه أنّ لقاءات من نوع ذلك الذي استضافته موسكو أخيرا بين وزراء الدفاع التركي والسوري والروسي وقادة الأجهزة الأمنيّة في البلدان الثلاثة ليست، في احسن الأحوال، سوى تقطيع للوقت.

في الواقع، يدرك الرئيس التركي أنّ لديه مصلحة، أقلّه في الوقت الراهن، في مسايرة الرئيس فلاديمير بوتين. يعود ذلك إلى أسباب عدة، في مقدمها حاجة روسيا إلى تركيا في حربها على أوكرانيا.

يرشح أردوغان نفسه للعب دور الوسيط في انهاء هذه الحرب. يسمح له ذلك بتلبية طموحات ذات طابع شخصي تلمّع صورته في العالم.

لكنّ الأهمّ من ذلك كلّه، أن عين الرئيس التركي على علاقة متميّزة مع الإدارة الأميركية من جهة، وعلاقة هذه الإدارة بالأكراد السوريين الذين تمثل «قسد» قسماً كبيراً منهم من جهة أخرى.

تعكس الاستجابة التركية لموسكو التي تعتقد أنّ دورها في سورية ما زال حيّاً يرزق، وهو أمر مشكوك فيه، محاولة تقوم بها انقرة لإظهار أن لديها أوراقاً تصلح في مساومات مع واشنطن.

لدى تركيا مصالحها ولدى أردوغان تطلعاته. لديه خصوصاً الأزمة الاقتصادية التي يمرّ فيها بلده، وهي أزمة قد تحول دون فوزه في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة.

يعرف الرئيس التركي أن أميركا وحدها يمكن ان تساعده في حلحلة الأزمة الاقتصاديّة التركيّة، التي يعبّر عنها تراجع سعر الليرة.

هذا ما يفسّر، إلى حد كبير، الخطوات التي قام بها تجاه إسرائيل، وهي خطوات توجت بإعادة العلاقات الديبلوماسية وقبول اردوغان أوراق اعتماد السفيرة الإسرائيليّة في انقرة حديثاً.

صارت المتاجرة بالقضيّة الفلسطينيّة وحصار غزّة جزءاً من الماضي التركي.

لم يعد سرّاً أن الرئيس الروسي يضغط بشدة من أجل التوصل إلى اتفاق سوري - تركي، بغية تذكير العالم بإن لديه أوراقاً ما زال قادراً على لعبها.

يرفض أخذ العلم بأنّه خسر الحرب الأوكرانيّة، وأن الاتحاد الروسي ليس سوى دولة من العالم الثالث لا أهمّية لها خارج ما تمتلكه من نفط وغاز.

كذلك، يرفض بوتين أخذ العلم بأن ورقته السورية باتت ورقة ايرانيّة منذ اللحظة التي كشف فيها ضعفه واصبح مضطراً للارتماء في أحضان «الجمهوريّة الإسلاميّة» والحصول على مسيّرات وصواريخ منها كي يتمكن من متابعة حربه على الشعب الأوكراني.

في النهاية، لا بدّ من التساؤل عن الموقف الإيراني من أي اتفاق بين النظام السوري وتركيا سيسمح من دون شكّ باحتفاظ تركيا بمنطقة نفوذ تقع تحت سيطرتها العسكريّة المباشرة على طول الحدود الدولية بين البلدين وفي عمق 30 إلى 35 كيلومتراً...

إضافة إلى ذلك كلّه، لا يستطيع النظام السوري سوى أن يسأل نفسه ما الدور الذي يمكن ان تلعبه تركيا، وهي دولة مفلسة، في إعادة اعمار سورية... هذا إذا كان وارداً أن تكون هناك عملية إعادة إعمار في يوم من الأيّام من دون تغيير في العمق لطبيعة النظام القائم.

لن يساهم أي اتفاق مع تركيا في إعادة اعمار سورية ولا في عودة السوريين الموجودين في الخارج أو في مناطق سورية معيّنة إلى أرضهم.

مثل هذه العودة مرفوضة من ايران التي تعمل منذ سنوات طويلة على تغيير ديموغرافي في سورية يصبّ في مصلحة وضع يدها على البلد وثرواته.

يحصل ذلك في وقت لا قدرة لدى النظام على ابداء أي اعتراض على ما تقوم به «الجمهوريّة الإسلاميّة» عن طريق ميليشياتها المذهبيّة العاملة في سورية.

قبل أن تفكّر روسيا بقيادة بوتين في كيفية ترتيب الأوضاع بين تركيا والنظام السوري، لماذا لا تفكّر في كيفية الخروج من المأزق الذي وضعت نفسها فيه: مأزق الوحول الأوكرانية التي غرقت فيها و«حرب الاستنزاف» الطويلة التي تبدو عاجزة عن خوضها!

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا وتركيا وسورية لعب في الوقت الضائع روسيا وتركيا وسورية لعب في الوقت الضائع



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab