المانيا تسيء الى نفسها وليس الى المغرب

المانيا تسيء الى نفسها... وليس الى المغرب

المانيا تسيء الى نفسها... وليس الى المغرب

 العرب اليوم -

المانيا تسيء الى نفسها وليس الى المغرب

بقلم -خير الله خير الله

من المستغرب تصرّف دولة محترمة مثل المانيا بالطريقة التي تتصرّف بها تجاه المغرب. لا وجود لتفسير منطقي للسلوك الألماني تجاه المغرب والبحث عن كلّ ما يمكن ان يسيء اليه. قد يكون التفسير الوحيد للسلوك الألماني، ذلك الماضي النازي لهذا البلد الذي لا يريد ادراك ان المغرب بلد مسالم لا يسعى سوى الى استعادة وحدته الترابية سلما، تماما كما فعلت المانيا التي عادت وتوّحدّت سلما بعد سقوط جدار برلين في العام 1989 وانتهاء الحرب الباردة مطلع تسعينات القرن الماضي.

يفترض ان تدرك المانيا قبل كلّ شيء ان قضيّة الصحراء قضيّة مفتعلة تقف وراءها الجزائر وهي تنتمي، مثل جدار برلين، الى مخلّفات الحرب الباردة. يبدو ان المانيا تكيل بمقياسين. نجدها، في ما يخص المغرب تحديدا، مع مخلفات هذه الحرب ونجدها، حيث يناسبها، تقف ضدّها، خصوصا حين يتعلّق الامر بمصلحتها الذاتية.

ليس مفهوما لماذا تمارس المانيا خارج حدودها عكس ما مارسته وما زالت تمارسه داخل هذه الحدود ولماذا هذا الحقد على بلد مسالم اسمه المملكة المغربيّة. إنّه الماضي النازي الذي يبدو انّ هناك حنينا اليه لدى بعض الجهات الالمانية. ترى هذه الجهات، للأسف الشديد، انّ لا مكان لاستعادة هذا الحنين سوى عبر التعاطف مع الأداة الجزائرية المسمّاة جبهة "بوليساريو". ليست "بوليساريو" سوى مجموعة عسكرية تموّلها الجزائر وتشرف على تدريبها.

لا يذكّر العرض العسكري الأخير لـ"بوليساريو" في منطقة تندوف الجزائرية سوى بالعسكر النازي. تؤكّد ذلك طريقة "بوليساريو" في القيام بعروض عسكرية لا هدف منها سوى بث الرعب والخوف في صفوف الصحراويين الموجودين في المخيمات الجزائرية بصفة كون هؤلاء بضاعة صالحة للمساومات.

قبل ان تفكّر المانيا في الإساءة الى المغرب والاعتراض على اعتراف الولايات المتحدة بمغربيّة الصحراء، يظلّ من الأفضل لها تحرير الصحراويين من مخيّمات معسكرات الاعتقال النازية الذي يعيشون فيه حيث يتعلّم أولادهم ثقافة الموت. عليها ان تفكّر في اخراجهم من مخيمات تندوف اوّلا ليعيشوا بكرامة خارج مكان احتجازهم. اذا كانت تريد الذهاب الى ابعد في حرصها على الصحراويين، لماذا لا تقنع المانيا الجزائر، التي تعالج رئيسها عبدالمجيد تبون من امراضه، بإقامة دولة صحراوية في جنوبها. عندئذ تستطيع المانيا الاحتفال بوجود دولة صحراوية وترفع علمها بدل رفع علم الدولة الوهمية التي لا وجود لها سوى في مخيّلة مريضة هي مخيّلة النظام الجزائري.

مرّة أخرى يصحّ السؤال هل تحنّ المانيا الى ماضيها النازي الذي تحاول التخلّص منه؟ من اجل التخلّص من هذا الماضي وعقده، يفترض في السلطات الألمانية امتلاك ما يكفي من الجرأة والشجاعة للاعتراف بانّ مخيّمات "بوليساريو" في تندوف ليست سوى معسكر نازي في الهواء الطلق. تتحكّم بهذا المعسكر، الذي هو تجارة رابحة يمارسها نافذون في الجزائر، ذهنية الاستثمار في مشروع يستهدف شنّ حرب استنزاف على المغرب واقتصاده، وهي حرب مستمرّة منذ العام 1975.

أبقت المملكة الغربية من دون شكّ بابا كي تعيد برلين النظر في مواقفها غير المبرّرة التي تسيء الى المانيا ومكانتها اكثر مما تسيء الى المغرب. اكتفى المغرب بقطع العلاقات مع السفارة الألمانية في الرباط والمنظمات الألمانية الموجودة في المغرب، وذلك "بسبب خلافات عميقة تهم قضايا مصيرية مغربيّة". يدلّ ردّ الفعل الذي اعتمدته الرباط والذي اعلن عنه وزير الخارجية ناصر بوريطة على تطلّع مغربي الى اجراء مراجعة المانية للذات تأخذ في الاعتبار التصرّفات المضحكة المبكية لسياسة قصيرة النظر لا هدف لها، عن قصد او غير قصد، سوى المس بالاستقرار في شمال افريقيا.

بالفعل، لا تفسير منطقيّا للمواقف العدائية الألمانية من المغرب. اللهمّ الّا اذا كان المطلوب التنفيس عن عقد معيّنة يفترض في دولة كبيرة ومتطورة على كلّ صعيد تجاوزها. ذلك لا يكون بالبحث عن ثغرات في الداخل المغربي والحديث عنها بشكل مضخّم في مواقع الكترونية. معروف جيّدا انّ المانيا تشجّع هذه المواقع... وربّما تدعهما وتمدّها بمعلومات تجمعها منظمات، يقال انّها "غير حكوميّة" تجول في المغرب بحثا عن كلّ ما يمكن ان يلطّخ سمعة المغرب وتجاهل ما تحقّق فيه من تطور على كلّ صعيد، خصوصا في مجال حقوق الانسان ووضع المرأة والحرب على الفقر، خصوصا في السنوات الواحد والعشرين الماضية.

من يسيء الى المغرب لا يسيء الى واحة الاستقرار الوحيدة في شمال افريقيا فحسب، بل يسيء الى نفسه ايضا. للمغرب دور أساسي في محاولة الوصول الى تسوية في ليبيا وفي الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل. لماذا لا تراجع المانيا الدور السلبي الذي تلعبه "بوليساريو"، وبالتالي الجزائر، في مجال تسهيل كلّ ما يمكن تغذية الإرهاب والتطرّف والتهريب في منطقة الساحل؟

لا تستطيع المانيا الغاء الدور المغربي لا على الصعيد الليبي ولا على صعيد الحرب على الإرهاب. لا تستطيع المانيا أيضا تجاهل انّ ايّ سياسة تمارسها تستهدف الوحدة الترابية للمغرب والطرح المغربي بالنسبة الى الحكم الذاتي الموسّع للأقاليم الصحراوية هو الطريق الأقصر لضرب الاستقرار في المنطقة كلّها. من يتمعّن في ما تقوم به المانيا يكتشف انّها لا تريد انهاء مأساة اسمها مخيّمات الصحراويين في تندوف. لا تدري المانيا ان هؤلاء يحقّ لهم العيش بكرامة في الأقاليم الصحراوية المغربية. لماذا تريد حرمان صحراويي تندوف من هذا الحق؟ لماذا تصرّ على بقائهم في المعسكر النازي الذي يقيمون فيه؟ ربّما تنسى المانيا ان والد محمّد عبدالعزيز الذي كان يسمّي نفسه رئيس "الجمهورية الصحراويّة" كان ضابط صفّ في الجيش الملكي المغربي وكان يقيم في محافظة قصبة تادلة، جهة بني ملال، عند سفح الاطلس الكبير.

تسيء المانيا الى نفسها ولا تسيء الى المغرب. ارادت استعادة وحدتها ونجحت في ذلك. لماذا هذه الحملة على المغرب الذي اعتمد الطرق السلمية، اي "المسيرة الخضراء"، وتعرّض لكل أنواع الاعتداءات بسبب إصراره على استرجاع أراضيه من الاستعمار الاسباني من دون ان يطلق رصاصة واحدة؟

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المانيا تسيء الى نفسها وليس الى المغرب المانيا تسيء الى نفسها وليس الى المغرب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab