رائحة حرب أهليّة في العراق

رائحة حرب أهليّة في العراق

رائحة حرب أهليّة في العراق

 العرب اليوم -

رائحة حرب أهليّة في العراق

بقلم:خيرالله خيرالله

تتسارع الأحداث في العراق بما يوحي بأنّ البلد يسير بخطى ثابتة نحو حرب أهليّة. أليس ذلك ما تحدّث عنه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في التسريبات التي وزعت أخيراً بصوته والتي تعكس بالفعل نمط تفكيره ودرجة تعصّبه... فضلاً، في طبيعة الحال، عن مدى ولائه لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران؟

تبدو رائحة مثل هذه الحرب نتيجة طبيعية لانسداد سياسي مستمرّ منذ تسعة أشهر. الانسداد مستمرّ منذ الانتخابات النيابيّة الأخيرة التي أجرتها حكومة مصطفى الكاظمي في أكتوبر الماضي. كانت تلك الانتخابات نجاحاً للحكومة ولمصطفى الكاظمي نفسه. لكنّ هذا النجاح تحوّل كارثة على العراق في ضوء رفض إيران نتائج الانتخابات.

وقتذاك، فشلت القوى الموالية لإيران في الحصول على أكثريّة في مجلس النواب وظهرت بوادر تحالف بين الكتلة الصدريّة والسنّة ومعظم الأكراد الذين يمثلّهم الزعيم الكردي مسعود بارزاني. ميّز هذا التحالف الثلاثي نفسه عن «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران. سار في خط تشكيل «حكومة وطنيّة» تمثّل الأكثريّة في مجلس النواب بعيداً عن المحاصصة.

جعل التحالف الثلاثي، بتمييز نفسه عن إيران، «الجمهوريّة الإسلاميّة»، التي تعتبر نفسها وصيّاً على العراق، تذهب إلى أبعد حدود في تأكيد أن هذا البلد صار ملكاً لها ولا يمكن أن تفكّ أسره. شهدنا كيف رفضت إيران في الأيّام العادية أيّ تنازل في العراق على الرغم من أنّ الأحداث التي تتوالى منذ ما يزيد على عشر سنوات، بما في ذلك إحراق القنصليّة الإيرانيّة في النجف، تؤكد أن العراق هو العراق فيما إيران هي إيران.

الأكيد أنّ إيران تحتاج في هذه المرحلة الاستثنائية، أكثر من أي وقت، إلى رهينة اسمها العراق. لن تدعه يفلت من يديها بأيّ شكل. لذلك كان طبيعيّاً أن يسارع جناح في الإطار يمثله المالكي و«العصائب» إلى طرح اسم محمد شيّاع السوداني كي يكون رئيس الوزراء المقبل.

ليس سرّاً أن المالكي يرى في السوداني مجرّد واجهة له. يظهر بوضوح من خلال التسريبات أنّ حقد رئيس الوزراء السابق، وهو أحد قادة حزب الدعوة الإسلاميّة، لا حدود له على مقتدى الصدر الذي لم يترك مناسبة إلّا وأعلن فيها أنّه عراقي أوّلاً... وذلك على الرغم من الهفوات الكبيرة التي ارتكبها.

من الانسداد السياسي المستمرّ منذ تسعة أشهر... إلى اقتحام مؤيدي الصدر مقر البرلمان العراقي رفضاً لوصول السوداني، رجل المالكي، إلى موقع رئيس الحكومة... مروراً بالعجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة خلفاً لبرهم صالح، لا يمكن الكلام عن وضع طبيعي في العراق. تبدو كلّ خطوة تصب في استعادة العراقيين للعراق خطوة من دون معنى، بل خطوة في الفراغ. أُفرغت التطورات الأخيرة، بما في ذلك مشاركة مصطفى الكاظمي في القمّة التي انعقدت في جدّة مع الرئيس جو بايدن والتي شارك فيها قادة دول مجلس التعاون الخليجي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس عبدالفتاح السيسي، من مضمونها. تبيّن بوضوح، بعد أيّام قليلة من انعقاد القمة، أن العراق في وضع لا يحسد عليه وأنّه من الصعب أن تسمح له «الجمهوريّة الإسلاميّة» بأن يكون بلداً طبيعياً يشكّل عنصر توازن في المنطقة. يعود ذلك إلى أنّ إيران نفسها ليست بلداً طبيعياً يستطيع العيش بسلام وأمان مع البلدان الأخرى في المنطقة ومع العالم المتحضّر.

بغض النظر عمّا إذا كان مقتدى الصدر الذي جعل نوابه في البرلمان يقدمون استقالتهم على حق أم لا، وبغض النظر عمّا إذا كان خدم بذلك نوري المالكي وإيران وأحزابها، المنقسمة على نفسها، يبقى أن المشكلة المطروحة في العراق في غاية البساطة. لم يترك مقتدى الصدر أمامه من خيار آخر غير التصعيد. هذا يعني أنّه في مواجهة مباشرة مع إيران التي بعثت بإسماعيل قاآني قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني إلى بغداد.

يبدو الإمساك بالعراق في المرحلة الراهنة مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى النظام الإيراني. يفسّر ذلك الضغوط التي يمارسها قاآني من داخل بغداد من اجل بقاء حلفاء إيران، في الإطار التنسيقي، موحدين.

يبدو مصطفى الكاظمي على حق عندما يتحدّث عن موقف «حرج وحساس» في العراق. اكثر من ذلك، يبدو واضحاً أنّ العراق يتجه إلى مرحلة خطيرة في وقت ليس معروفا هل الإمكان تشكيل حكومة يعترض عليها مقتدى الصدر وأنصاره وما إذا كان إجراء انتخابات تشريعية جديدة وارداً في الظروف الراهنة.

ما تشهده، هو أزمة نظام ولد من رحم الاحتلال الأميركي في العام 2003. قام هذا النظام على فكرتي «الفيديرالية» و«الأكثرية الشيعية» حسب البيان الذي صدر عن مؤتمر لندن للمعارضة العراقيّة في ديسمبر 2002. كان ذلك قبل نحو أربعة أشهر من سقوط النظام الذي كان على رأسه صدّام حسين في بغداد.

تتكشّف اليوم اكثر من أي وقت أزمة النظام القائم في العراق. إنّها أزمة نظام غير قابل للحياة، في أساسه المحاصصة الطائفية والمناطقيّة. قام النظام بموجب تفاهم أميركي - إيراني من أجل أن يكون كذلك.

في مؤتمر لندن للمعارضة العراقيّة، كانت إيران تدير اللعبة وكان الأميركيون مرتاحين إلى أنّها أتت لهم بمعظم ممثلي المعارضة العراقيّة في طائرة واحدة جاءت من طهران.

لم تكن ولادة النظام الحالي في العراق، وهو نظام غير قابل للحياة بحض الصدفة. إنّه نظام من صنع إيراني يحتاج في كلّ وقت إلى تدخّل «الحرس الثوري» أو من يمثله لإثبات أنّ العراق ورقة إيرانيّة ولا شيء آخر غير ذلك. يحدث كلّ ذلك فيما أميركا، التي شنت حرباً من أجل حصول التغيير في العراق، لم تعد تجد ما تفعله سوى أن تتفرّج!

تتفرّج أميركا... أمّا إيران حيث توجد تجاذبات داخليّة في شأن الوضع العراقي والحلفاء من قادة الميليشيات المذهبيّة فهي تواجه يومياً سؤالاً كبيراً: لماذا يرفض العراقيون في أكثريتهم الساحقة الرضوخ للمستعمر الآتي من طهران؟

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة حرب أهليّة في العراق رائحة حرب أهليّة في العراق



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab