صفقة أميركية – ايرانيّة كارثة محتملة

صفقة أميركية – ايرانيّة... كارثة محتملة

صفقة أميركية – ايرانيّة... كارثة محتملة

 العرب اليوم -

صفقة أميركية – ايرانيّة كارثة محتملة

بقلم - خير الله خير الله

في ظلّ الازمة الاوكرانيّة التي اثرت في العالم كلّه، توحي إشارات من واشنطن وطهران بأنّ صفقة أميركية – إيرانية في شأن الملف النووي الإيراني باتت في متناول اليد. باتت مسألة توقيع اتفاق جديد، يعني بين ما يعنيه العودة الى الاتفاق القديم، للعام 2015، امر وارد في المستقبل القريب. أكثر من ذلك، سرّبت "الجمهوريّة الاسلاميّة" الى حلفائها، مثل النظام السوري، انّ في استطاعتها الاستفادة من الازمة الاوكرانيّة ومن الحاجة العالميّة، خصوصا الاوروبيّة، الى ما لديها من غاز كي تتوصّل الى اتفاق "مرض" مع إدارة جو بايدن. اتفاق يصبّ، الى حدّ كبير، في مصلحتها.

بعد ايّام قليلة، سيتبيّن ما إذا كان التفاؤل الإيراني في محلّه ام لا وما اذا كانت الإدارة الاميركيّة قادرة، في ضوء الظروف الأميركية الداخليّة، على توقيع مثل هذا الاتفاق مع ايران مع ما يعنيه ذلك من توفير مليارات الدولارات لـ"الجمهوريّة الاسلاميّة". ستسمح هذه المليارات لإيران باستعادة قوّة الدفع لمشروعها التوسّعي الذي ذهبت ضحيته، الى الآن، دول عربيّة عدّة في مقدّمها لبنان. استطاعت ايران تدمير لبنان والنسيج الاجتماعي الخاص به نهائيا مثلما استطاعت نشر كلّ أنواع البؤس والفوضى في العراق وسوريا واليمن. استطاعت "الجمهوريّة الاسلاميّة"، بفضل الحوثيين، تحويل جزء من اليمن الى مجرّد قاعدة صواريخ وطائرات مسيّرة تهدّد دولا عربيّة عدّة في الخليج من بينها المملكة العربيّة السعوديّة ودولة الامارات العربيّة المتّحدة.

في سوريا، استطاعت ايران تغيير طبيعة مناطق عدّة من منطلق مذهبي واستطاعت إبقاء بشّار الأسد في دمشق مستعينة بميليشياتها المذهبيّة وبروسيا ابتداء من العام 2015. في العراق، عطّلت ايران الحياة السياسيّة. لا انتخاب لرئيس جديد للجمهوريّة ولا حكومة جديدة على الرغم من انّ الانتخابات النيابيّة أجريت في تشرين الأول-أكتوبر من العام الماضي!

لم يعد سرّا انّ في واشنطن إدارة حائرة يعتقد عدد لا بأس من المسؤولين فيها أنّ في الإمكان التعاطي مع ايران في اطار سياسة تستهدف، بين ما تستهدفه، إيجاد مصادر أخرى للغاز الذي تستورده أوروبا من الاتحاد الروسي.

ما لا تدركه إدارة بايدن انّه من الضروري تفادي ارتكاب خطأ إعادة تأهيل ايران ومشروعها التوسّعي وميليشياتها. لم يعد مهمّاً التوصل إلى اتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني. المهمّ المقاربة الشاملة لمشاكل المنطقة التي في اساسها السياسة الإيرانية التي تصبّ في خدمة كلّ من يسعى إلى تغذية التطرّف والعنصرية. لم تعد القضيّة الفلسطينيّة، على سبيل المثال، سوى قميص عثمان تستخدمه ايران للتغطية على ما تقوم به في المنطقة. باختصار شديد، ليس الملفّ النووي الإيراني سوى قضية ثانوية مقارنة مع ما تقوم به إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، على سبيل المثال وليس الحصر. هل همّ اللبناني الملفّ النووي الإيراني، أم سلاح "حزب الله" غير الشرعي الذي يُستخدم في تخريب البلد ومؤسساته والمتاجرة به؟ هل همّ المواطن اليمني الملفّ النووي الإيراني والوصول إلى اتفاق بين واشنطن وطهران، أم همّه الحقيقي استعادة بقايا مؤسسات الدولة وتوقّف الحوثيين، أي "أنصار الله"، عن العمل، بدعم إيراني، على إقامة دولة خاصة بهم في شمال اليمن على حساب ما بقي من بلد تشظّى بكلّ معنى الكلمة؟

باتفاق في شأن ملفّها النووي او من دون اتفاق، ليس ما يشير الى ان هناك من يستطيع وقف المشروع الايراني الهادف الى الحصول على القنبلة النووية. تظلّ "الجمهوريّة الاسلاميّة" وفلاديمير بوتين وجهين لعملة واحدة. تناور ايران حاليا من اجل التوصل الى صفقة مع "الشيطان الأكبر". كان لافتا امتناعها عن التصويت في الأمم المتحدة لدي طرح القرار المتعلق بإدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا امام الجمعية العامة. اخذت ايران، تماما كما فعلت الصين، موقفا متوازنا من مغامرة الرئيس الروسي بما يشير الى انّها توجه رسالة الى الرئيس الأميركي وادارته.

هل ستنطلي المناورة الايرانيّة على الإدارة الاميركيّة التي كبلها تهديد الرئيس الروسي بترسانته النووية؟ اتخذت الإدارة موقفا واضحا لا لبس فيه بانّها لا تستطيع توفر غطاء جوّي لأوكرانيا خشية صدام مباشر أميركي – روسي. الموقف نفسه اتخذه حلف شمال الأطلسي (ناتو). تُركت أوكرانيا لمصيرها في مواجهة الجيش الروسي الزاحف في اتجاه مدنها والذي لا يهمّه تهجير مئات آلاف الاوكرانيين او عدد المدنيين الذين يقتلون.

يظلّ المشروع التوسعي الإيراني اهمّ بكثير من البرامج النووي الذي استخدمته "الجمهوريّة الإسلامية" والذي تبدو مستعدّة، في كلّ يوم، لاستخدامه في خدمة تدمير الدول العربيّة في المنطقة. يبدو صعبا، في ضوء تجارب الماضي القريب استيعاب الإدارة الاميركيّة لهذه المعادلة. مثلما ان هذه الإدارة لم تستطع التصدي لروسيا في أوكرانيا، يفترض بها ان تعدّ نفسها لمرحلة جديدة يحمي فيها السلاح النووي الإيراني المشروع التوسّعي لـ"الجمهوريّة الاسلاميّة".

من الواضح أنّ الإدارة الاميركيّة غير مستعدة للاستفادة من تجارب الماضي القريب، لا مع روسيا ولا مع ايران. لم يشنّ فلاديمير بوتين حربه على أوكرانيا من لا شيء. شنّها بعدما وجد ان لا ردّ فعل جديا من اميركا عندما ادّب جورجيا وعندما استعاد شبه جزيرة القرم من أوكرانيا وعندما ارسل قاذفاته الى سوريا للمشاركة في الحرب التي يشنها النظام الاقلّوي على شعبه بدعم مباشر من "الجمهوريّة الاسلاميّة" في ايران.

بالنسبة الى ايران، ليس ما يشير الى استعداد لفهم أميركي لمعنى الخلل الحاصل على الصعيد الإقليمي منذ قرار إدارة بوش الابن القاضي بتسليم العراق على صحن من فضّة الى "الجمهوريّة الاسلاميّة" في العام 2003 والزلزال الذي ضرب، بعد ذلك، المنطقة كلّها. كذلك، ليس ما يشير الى استيعاب أميركي لما أقدمت عليه ايران بعد افراج إدارة باراك أوباما في العام 2015 عن أموال استخدمتها من اجل التمدّد في كلّ الاتجاهات.

عندما تغيب الرؤية الواضحة عن صانعي السياسة في واشنطن، يصبح كلّ شيء ممكنا. كارثة أوكرانيا التي نشهد فصولها يوميا... وكارثة محتملة تتمثل في عقد صفقة مع ايران ستعود، في حال توقيعها، بالويلات على المنطقة كلّها.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفقة أميركية – ايرانيّة كارثة محتملة صفقة أميركية – ايرانيّة كارثة محتملة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab