الأردن من مخاض الولادة الى المئوية الثانية

الأردن... من مخاض الولادة الى المئوية الثانية

الأردن... من مخاض الولادة الى المئوية الثانية

 العرب اليوم -

الأردن من مخاض الولادة الى المئوية الثانية

بقلم -خير الله خير الله

كان طبيعيا خروج الملك عبدالله الثاني برسالة مقتضبة وواضحة الى الاردنيين بعد يومين من طي ملفّ قضيّة شغلت بالهم، كما شغلت بال المنطقة، قضيّة مرتبطة بالامير حمزة بن الحسين وليّ العهد السابق. في النهاية طوي ملفّ هذه القضيّة سريعا نظرا الى ان لا مصلحة لايّ طرف فيها باستمرارها في بلد لا يمتلك موارد طبيعيّة تذكر من جهة ويواجه تحديات كثيرة لكلّ منها طابعها الخاص من جهة اخرى.

ثمّة حاجة لدى الأردنيين في ظلّ الازمات التي يعيشون في ظلّها لمن يطمئنهم الى مستقبلهم. إضافة الى ذلك، جاءت مبادرة العاهل الأردني لتكون مثابة تأكيد لوجود عقل يمتع بالصلابة والمرونة في الوقت ذاته. عقل من دون عقد قادر على مصارحة الأردنيين بما هو عليه وضعهم وبأن عليهم ان يكونوا "يدا واحدة". هذا يعني بكل بساطة ان من المهمّ بالنسبة الى مستقبل المملكة تضافر الجهود مستقبلا كي لا تكون هناك أي ثغرات داخليّة.

ثمّة ملاحظة مهمّة لا يمكن تجاهلها تتعلق بالدور الأردني اقليميا. لا يزال هناك دور للمملكة الاردنيّة الهاشمية على الرغم من التغيير الكبير الذي طرأ على المنطقة في السنوات الأخيرة، إن على صعيد تراجع اهمّية القضيّة الفلسطينية او على صعيد غياب الحاجة الى قناة اردنية بين دول الخليج وإسرائيل. أقدمت معظم دول الخليج العربي على خطوات جريئة في اتجاه العلاقات مع إسرائيل في وقت لم تتردّد ايران في السير في مشروعها التوسّعي القائم على اثارة الغرائز المذهبية والبناء على ذلك. دفعت ايران، بسبب تصرّفاتها التي تنم عن عدائية تجاه محيطها العربي وسعي الى الهيمنة، في اتجاه علاقات خليجية – إسرائيلية علنيّة.

كشفت الازمة، انّه على الرغم من كل ما قيل ويقال، يظلّ الأردن بلدا مهمّا في المنطقة. لا تزال المملكة موضع اهتمام عربي ودولي في آن. ليس صدفة ان الرئيس جو بايدن اتصل بعبدالله الثاني ليؤكّد له وقوف الولايات المتحدة الى جانبه والى جانب الأردن. يشير اهتمام الإدارة الأميركية الجديدة بالأردن الى انّها إدارة مختلفة عن إدارة دونالد ترامب التي تجاهلت الأردن. لم يستطع الملك عبدالله الثاني الذي يعرف واشنطن عن ظهر قلب إقامة علاقة طبيعية مع ترامب نفسه على غرار ما كانت عليه الحال مع الرؤساء الاميركيين السابقين في السنوات العشرين الماضية. لم يكن الرئيس الأميركي السابق مهتمّا سوى بإسرائيل وبتغطية اطماعها في القدس والضفّة الغربية، علما ان للاردن اهتماما خاصا بالقدس والاماكن المقدّسة الاسلاميّة والمسيحيّة في المدينة. كذلك، لديه اهتمام بخيار الدولتين ومصلحة في ذلك. عكس اتصال بايدن بالعاهل الأردني وجود سياسة أميركية مختلفة ليس معروفا هل تتبلور قريبا. لكنّ كلّ ما يمكن قوله انّها سياسة مختلفة عن سياسة إدارة ترامب وصهره جاريد كوشنر اللذين كانا على علاقة وطيدة برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو.

في الجانب الداخلي، ليس سرّا ان وساطة الأمير الحسن عمّ الملك عبدالله والأمير حمزة أتت ثمارها وذلك بعد حصوله على رسالة موقّعة من حمزة يعلن فيها ولاءه للعرش. هذا مكّن عبدالله الثاني من القول أن "البلاد آمنة ومستقرة".‏ مشدّدا على أن الأردن محصّن بـ"عزيمة الأردنيين"، وأنّ "البلاد ‏منيعة بتماسكهم، وبتفاني الجيش والأجهزة الأمنية". قال ايضا: "أتحدث إليكم اليوم، وأنتم الأهل والعشيرة، وموضع الثقة المطلقة، ومنبع ‏العزيمة، لأطمئنكم الى أن الفتنة وئدت، وأن أردننا الأبي آمن مستقر. وسيبقى، بإذن الله ‏عز وجل، آمناً مستقراً، محصنا بعزيمة الأردنيين، منيعا بتماسكهم، وبتفاني جيشنا ‏العربي الباسل وأجهزتنا الأمنية الساهرة على أمن الوطن".‏

كان لافتا الجانب الشخصي في رسالة عبدالله الثاني وذلك عندما قال: "لم يكن تحدي الأيام الماضية هو الأصعب أو الأخطر على استقرار وطننا، ‏لكنه كان لي الأكثر إيلاما، ذلك أن أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد ‏وخارجه، ولا شيء يقترب مما شعرت به من صدمة وألم وغضب، كأخ وكولي ‏أمر العائلة الهاشمية، وكقائد لهذا الشعب العزيز (...) لكنّ لا فارق بين مسؤوليتي إزاء أسرتي الصغيرة وأسرتي ‏الكبيرة، فقد نذرني الحسين، طيب الله ثراه، يوم ولدت لخدمتكم، ونذرت نفسي لكم، ‏وأكرس حياتي لنكمل معا مسيرة البناء والإنجاز في وطن العز والسؤدد والمحبة ‏والتآخي. مسؤوليتي الأولى هي خدمة الأردن وحماية أهله ودستوره وقوانينه. ولا ‏شيء ولا أحد يتقدم على أمن الأردن واستقراره، وكان لا بد من اتخاذ الإجراءات ‏اللازمة لتأدية هذه الأمانة. وكان إرثنا الهاشمي وقيمنا الأردنية الإطار الذي اخترت ‏أن أتعامل به مع الموضوع".

 وأوضح: "قررت التعامل مع موضوع الأمير حمزة في إطار الأسرة الهاشمية، ‏وأوكلت هذا المسار إلى عمي صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال. ‏والتزم الأمير حمزة أمام الأسرة أن يسير على نهج الآباء والأجداد، وأن يكون ‏مخلصا لرسالتهم، وأن يضع مصلحة الأردن ودستوره وقوانينه فوق أي اعتبارات ‏أخرى. وحمزة اليوم مع عائلته في قصره برعايتي".‏

لم يفت العاهل الأردني الاعتراف بانّ الأردن "يواجه تحديات اقتصادية صعبة فاقمتها جائحة كورونا، ‏وندرك ثقل الصعوبات التي يواجهها مواطنونا. ونواجه هذه التحديات وغيرها، كما ‏فعلنا دائما، متّحدين، يدا واحدة في الأسرة الأردنية الكبيرة والأسرة الهاشمية، ‏لننهض بوطننا، وندخل مئوية دولتنا الثانية، متماسكين، متراصين، نبني المستقبل ‏الذي يستحقه وطننا".‏

سيدخل الأردن يوم الحادي عشر من الشهر الجاري المئويّة الثانية لانشاء امارة شرق الأردن في 11 نيسان – ابريل 1921. مرّت الامارة التي أصبحت مملكة بتحولات كثيرة. ما لا يمكن تجاهله اليوم انّ ثمّة مخاض في المنطقة كلّها يشبه المخاض الذي ولدت منه امارة شرق الأردن. كيف سيواجه الأردن هذا المخاض؟ لا شكّ ان لا خيار آخر سوى مراجعة تجربة السنوات الـ22 الأخيرة منذ اعتلاء عبدالله الثاني العرش خلفا لوالده الملك حسين. تحتاج هذه التجربة الى مراجعة في العمق، مراجعة بإيجابياتها الكثيرة وبسلبيات لا تخفى على احد تسببت بها في أحيان كثيرة ظروف خارجة عن إرادة الملك.

لا يمكن التغلّب على كلّ هذه الظروف ومواجهة التحدّيات من دون ان يكون الأردن يدا واحدة في وقت كان بارزا القلق الفلسطيني حيال ما حصل في الأردن. فما اكتشفه الفلسطينيون بعد سنوات طويلة انّ الأردن حماية لهم ولما بقي من قضيّتهم وليس تهديدا لها، كما كان يتصوّر أولئك الرعاع الذين نادوا في 1970 بان طريق القدس تمرّ بعمّان.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن من مخاض الولادة الى المئوية الثانية الأردن من مخاض الولادة الى المئوية الثانية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab