لم يكن أمام الإيرانيين سوى الرهان على فاشل

لم يكن أمام الإيرانيين سوى الرهان على فاشل

لم يكن أمام الإيرانيين سوى الرهان على فاشل

 العرب اليوم -

لم يكن أمام الإيرانيين سوى الرهان على فاشل

بقلم : خير الله خير الله

لم تكن عودة حسن روحاني رئيسا لـ“الجمهورية الإسلامية” سوى مشهد آخر من المشاهد المتكررة التي عفا عنها الزمن والتي تحاول إظهار إيران بأنها دولة ديمقراطية لديها نموذج تقدمه إلى العالم وإلى محيطها.

الأمر الوحيد الثابت أنه ليس معروفا إلى متى يمكن أن يستمرّ هذا التحايل على الواقع. يقول الواقع المدعوم بالإثباتات، بما في ذلك طريقة الترشّح لانتخابات الرئاسة ولأيّ انتخابات أخرى، إن إيران بلد تتحكّم به مجموعة من رجال الدين الضيقي الأفق. هؤلاء يستفيدون في تحكّمهم برقاب المواطنين من نظام متخلف يلغي الحرّيات ويحول دون أي ديمقراطية حقيقية حلم بها أولئك الذين نزلوا إلى الشارع من أجل التخلّص من نظام الشاه قبل نحو أربعة عقود.

هل يغيّر فوز روحاني على منافسه إبراهيم رئيسي شيئا في السلوك الإيراني؟ لن يتغيّر شيء ما دام رئيس الجمهورية في إيران مجرّد واجهة، فيما السلطة الحقيقية في مكان آخر.

على الرغم من ذلك، يعكس فوز روحاني على منافسه “المتشدّد” توقا لدى الشعب الإيراني إلى التخلّص من نظام يتحكّم به رجال دين، في حال هروب مستمرّة إلى خارج إيران. يظن هؤلاء أن في استطاعة إيران لعب دور القوّة الإقليمية المهيمنة معتمدين خصوصا على ثلاثة عوامل. هذه العوامل هي إثارة الغرائز المذهبية، وإيجاد اختراقات في المجتمعات العربية التي ولدت فيها ميليشيات مذهبية تعمل بأوامر من طهران… واستغلال للسذاجة الأميركية في معظم الأحيان.

ربّما لا يصحّ الكلام عن سذاجة أميركية بمقدار ما أنه يمكن الكلام عن سياسة أميركية تقليدية تقوم على جعل المنطقة في خوف دائم من الخطر الإيراني. وهذا الخطر حقيقي إلى حدّ كبير. الدليل على ذلك ما تفعله إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، والكلام الوقح للمسؤولين الإيرانيين عن السيطرة على أربع عواصم عربية وعن الوجود الإيراني على البحر المتوسط.

ليس صعبا الخروج باستنتاج فحواه أن روحاني كان رئيسا فاشلا في ولايته الأولى، وأن نجاحه الوحيد كان في الوصول إلى الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني مع مجموعة الخمسة زائدا واحدا (البلدان الخمسة التي تمتلك عضوية دائمة في مجلس الأمن زائد ألمانيا) صيف العام 2015. كان ذلك حدثا مهمّا على صعيد إطلاق يد إيران في المنطقة.

من أجل التوصّل إلى الاتفاق في شأن الملف النووي، الذي كان في الواقع اتفاقا أميركيا – إيرانيا وليس اتفاقا بين إيران والمجتمع الدولي، غطت إدارة باراك أوباما المشاركة الإيرانية في الحرب على الشعب السوري الذي انتفض من أجل استعادة بعض من الكرامة. استغل “الحرس الثوري” والذين يقفون خلفه موقف إدارة أوباما إلى أبعد حدود، فيما كان جواد ظريف، وزير الخارجية، يتبادل المجاملات والابتسامات والنكات مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في هذه المدينة الأوروبية أو تلك.

كان المتشددون في إيران، على رأسهم الـ“الحرس الثوري” بقيادة “المرشد” علي خامنئي الرابح الأوّل من وجود روحاني وفريقه الذي يضمّ محمد جواد ظريف في واجهة السلطة، ولو شكلا. في المقابل، لم يستطع رئيس الجمهورية الذي انتخب في العام 2013 تحقيق وعوده للإيرانيين، وهي وعود قائمة أوّلا وأخيرا على الاستفادة من الاتفاق النووي لرفع العقوبات الدولية عن البلد.

صحيح أنّ إدارة أوباما بعثت بكميات كبيرة من الأموال النقدية إلى النظام الإيراني، مبررة ذلك بحجج مختلفة، لكنّ الصحيح أيضا أن شيئا لم يتغير في العمق باستثناء أن هناك انكشافا للنظام الإيراني أمام الإيرانيين أوّلا. أدرك المواطن الإيراني أخيرا أن النظام القائم لا يستطيع حل أي مشكلة تخصّه، كما أنه عاجز كل العجز عن الدخول في مغامرة عودة إيران دولة طبيعية من دول المنطقة.

تبين بوضوح ليس بعده وضوح، وبلغة الأرقام، أن الفقر زاد في إيران وأن ليس لدى النظام ما يقدّمه لا للإيرانيين ولا لمحيطه غير الشعارات والتعبئة المذهبية والروح العدوانية ونشر الجهل والبؤس في عالم يشهد ثورة تكنولوجية. تجعل هذه الثورة الهوة بين العالم المتقدّم والعالم الذي يعيش فيه النظام الإيراني تتسع بشكل يومي، خصوصا أن إيران بقيت أكثر من أيّ وقت أسيرة سعر النفط والغاز.

في البقاء في أسر سعر النفط والغاز يكمن الفشل الأكبر للنظام الإيراني. هذا الفشل جعل الإيرانيين، بأكثريتهم، يراهنون مرّة أخرى على فاشل اسمه حسن روحاني عاجز عن الذهاب في أي رحلة حقيقية إلى دول الجوار والعالم، رحلة تصبّ في البحث عن المصالح المشتركة وفي كيفية تغيير السلوك الإيراني القائم على العدوانية والتوسّع.

بعد نحو أربعة عقود على قلب شاه إيران، لم يتحقق شيء مما وعد به مؤسس “الجمهورية الإسلامية” آية الله الخميني. لم تستطع إيران تنويع اقتصادها. لم تستغن عن تصدير النفط والغاز على الرغم من كلّ الثروات الكبيرة التي تمتلكها. هذا كلّ ما في الأمر. على الرغم من ذلك، لم يجد الإيرانيون أمامهم سوى التصويت لروحاني، وذلك في وقت كان عليهم الاختيار بين السيء والأسوأ.

لن يحصل التغيير الكبير في إيران سوى بعد موت خامنئي. متى يحصل ذلك؟ العلم عند الله، عز وجل، وليس عند أحد غيره. في الانتظار، ليس في الإمكان إلا ملاحظة أن العوامل التي كانت في أساس الدور الإيراني في المنطقة تراجعت، أقلّه لسببين.

الأوّل وجود وعي عربي عميق لمدى خطورة المشروع التوسّعي لـ“الجمهورية الإسلامية”، والآخر أن رجال الإدارة الأميركية الجديدة، بغض النظر عن المشاكل الكبيرة التي يعاني منها دونالد ترامب، يدركون أن عملية لعب الورقة الإيرانية استنفدت الغرض المطلوب وأنه آن أوان الجدّ… وليس تبادل النكات والابتسامات.

هناك إدراك أميركي للتحوّل الإقليمي الذي نتج عن الخلل الكبير في التوازن الذي حصل بمجرّد تسليم إدارة جورج بوش الابن العراق على صحن من فضة إلى إيران في العام 2003. هذا هو جديد المنطقة، وهذا ساهم في جعل الإيرانيين يراهنون مرّة أخرى على روحاني كبديل مؤقت في منطقة تبدو مقبلة على تطورات كبيرة.

لم يعد العرب يعتمدون الصمت في وجه التهديدات الإيرانية، ومن الواضح أنّهم غير مستعدين للسقوط في فخ المزايدات الذي نصبته لهم إيران عندما خطفت القضية الفلسطينية وضحكت على الفلسطينيين وأقنعتهم بأن العمليات الانتحارية تستطيع أن تأتي لهم بدولة.

عاد حسن روحاني أو لم يعد. يظلّ السؤال في النهاية متى تعود إيران التي أعادت انتخاب رئيس فاشل لا لشيء سوى لأنّه يمكن أن يكون بديلا من خامنئي في مرحلة معيّنة لا أكثر ولا أقلّ.

المصدر : صحيفة العرب لندن

arabstoday

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 04:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 03:26 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لم يكن أمام الإيرانيين سوى الرهان على فاشل لم يكن أمام الإيرانيين سوى الرهان على فاشل



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab