أصيلة 2017 كلام لا يقال إلا في المغرب

أصيلة 2017: كلام لا يقال إلا في المغرب

أصيلة 2017: كلام لا يقال إلا في المغرب

 العرب اليوم -

أصيلة 2017 كلام لا يقال إلا في المغرب

بقلم : خير الله خير الله

مرّة أخرى، استطاع موسم أصيلة، المدينة المغربية الصغيرة الحالمة على شاطئ المحيط الأطلسي تجديد نفسه. صار عمر موسم أصيلة الثقافي 39 عاما. بدت ندوات هذا العام، وهو العام الذي يسبق بلوغ الموسم الأربعين من العمر، وكأن الموسم في سنته الأولى. الحماسة ذاتها لدى المشاركين. الأفكار الجريئة نفسها التي لا تقال إلا في المغرب، بما في ذلك النقاش في العمق الذي يتناول الإسلام وما يتعرّض له على يد الذين يشوهون صورته، أو على يد المسلمين الذين لا يعرفون حقيقة دينهم. يحدث ذلك بعيدا عن أي نوع من الكليشيهات والأفكار المسبقة التي استطاع موسم أصيلة تجاوزها.

ما سرّ أصيلة؟ ما الذي يجعل موسمها يحتفظ بشبابه؟ هل هو المغرب الذي يقال فيه في عهد الملك محمّد السادس ما لا يمكن قوله في معظم بلدان العرب؟ الأكيد أن الأساس هـو المغرب الذي لا مكان للممنوعات فيه، والذي يوفّر فضاء للحرية ليس موجودا سوى في البلدان المتقدّمة التي تنتمي بالفعل إلى العالم الحضاري؟

في افتتاح ندوة “الفكر العربي المعاصر والمسألة الدينية”، كان محمّد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة حريصا على الذهاب في طرح المسألة كما يجب أن تطرح، وذلك لحضّ المشاركين على الذهاب بعيدا في عرضهم لأفكارهم.

قال بن عيسى، وهو وزير سابق للخارجية في المملكة “إنّها لمفارقة تاريخية حقّا أن يستمرّ إعجابنا بمفكري النهضة، في مصر والشام والمغرب العربي، كون هؤلاء توقفـوا في مـواجهة مشاكل عصرهم بالأدوات المعرفية المتاحة. صاغوها استجابة لمتطلبات مجتمعاتهم في فترات محدّدة، بل تصدّوا بجرأة فكرية نادرة للطابوهات (الأفكار المسبقة الثابتة التي لا تمس) والمواضيع المحرّمة دون شطط فكري أو شعبوية منفرة”.

لم يكن النقاش الذي شهدته الندوة صاخبا. كان هناك احترام للآخر، ذلك أن على المحكّ مستقبل أجيال ومنطقة وصورة الإسلام. لذلك كان لا بد من التذكير بأنّ ما يمرّ به العرب في هذه الأيام، استمرار للأزمة العميقة المستعصية التي تعاني منها المنطقة كلّها.

كان محمد بن عيسى على حقّ عندما اختتم كلمته الافتتاحية في ندوة “الفكر العربي المعاصر والمسألة الدينية” بقوله “أود التذكير بندوة اتسمت بنقاش ساخن، احتضنتها جامعة المعتمد ابن عبّاد الصيفية (في أصيلة) قبل ثلاث سنوات. اخترنا لها بالقصد عنوانا إنذاريا وصادما: العرب أن نكون أو لا نكون”.

لا يزال المطروح، عربيا، أن نكون أو لا نكون، لكن جديد أصيلة أن الأفكار التي طرحت هذه السنة ذهبت إلى مدى أبعد في الجرأة. إنّها من نوع “هل قدرنا أن نكون محاصرين بالمسألة الدينية؟ هل الدين مرتبط بالتخلّف؟”.

بدا واضحا أن الأفكار التي طرحت في أصيلة تناولت عمق الأزمة، ولكن من دون إيجاد مخارج ذات طابع عملي منها. هناك مقدمات لا مفرّ من طرحها من أجل الذهاب إلى فهم لبّ الأزمة.

قال أحد المشاركين في الندوة مثلا إن “موضوع الدين الإسلامي موضوع الساعة” مضيفا أن الدين “انقلب إلى دين مذهبي متزمت”، وأن “الطائفية مرتبطة بالصراع الدائر على السلطة والنفوذ”.

قال أيضا إن “النمط الجديد هو النمط العنفي الإرهابي الذي دخلنا فيه الآن، وقد قلـب الموضوع الإسـلامي في العـالم كلّه. شوّه صورة الإسلام بما يهدد وجود الإسلام”. تحدّث أيضا عن “إسلام الغنيمية (نسبة إلى غنيمة) في ديار الإسـلام” وعن “أن المرعب أن هذا النمط أدخلنا في صدام مع العالم”.

نادرا ما يقال هذا الكلام في ندوات تستضيفها أرض عربية. لكن المغرب يبقى مختلفا. لذلك وُجد مشارك آخر يقول إن “الدين الإسلامي العظيم صار وسيلة سياسية” مشيرا إلى أن نشوء الإخوان المسلمين في العام 1928 رافقه قيام جناح متخصص في الاغتيالات تابع للتنظيم. أضاف هذا المشارك “يستكمل الآن ما بدأ في تلك المرحلة”.

لم يتردد المشارك نفسه في القول إنّه “يجب فصل الدين عن الدولة. دولة المدينة المنوّرة لم تكن دولة دينية”. لاحظ أن “ما يجري الآن في القدس صراع بين حماس والسلطة الوطنية” وأن هناك “في الغرب من صار يعتبر داعش الدين الإسلامي الصحيح”.

لم تكن حدود للجرأة في أصيلة. كانت هناك تعرية للإخوان المسلمين. قال مشارك من تونس التي عانت وتعاني من خبث الإخوان المسلمين إنّ أحزابا لا تمتلك أي برنامج سياسي أو اقتصادي أو حضاري معقول ومقبول تغطي نفسها بعبارة “أنا حزب إسلامي”.

قال أيضا إن تلك “ماركة” يطلقها حزب على نفسه كي يسوّق نفسه. أضاف “لم يبق من الدين سوى الجوانب الشكلية وهذا ما حصل مع الإخوان المسلمين. وقد أخذ آية الله الخميني ولاية الفقيه عن (فكرة) الحاكمية لدى الإخوان المسلمين”. أنهى المشارك التونسي مداخلته بأن الجديد هذه الأيام وجود “دعوة” في صفوف المسلمين، أي أن هناك مسلمين يعتبرون مسلمين آخرين غير مسلمين!

لا شكّ أن معظم الأفكار التي طرحت في أصيلة قابلة للنقاش ولأخذ وردّ طويلين. هناك توصيف فعلي للداء وللحال العربية والإسلامية في عالم يتبيّن فيه أن الدين لم يمنع مجتمعات معيّنة، بما في ذلك مجتمعات إسلامية، من التطوّر، خصوصا عندما تكون هناك مؤسسات تعليمية توفّر العلم والمعرفة وتعرّف التلميذ على كلّ ما هو حضاري في هذا العالم.

هل يمكن لموسم أصيلة الانتقال مستقبلا من مرحلة وصف الحال العربية بدقّة متناهية إلى مرحلة البحث عن حلول؟ هل يمكن مثلا أن يصـدر ما يمكـن تسميته “إعلان أصيلة” وفيه أفكار عامة قابلة للتطبيق من نوع أن الأمور لن تصطلح، لا عربيا ولا إسـلاميا، من دون تجديد المدرسة.

وهذا يعني في طبيعة الحال إعادة النظر في البرامج التعليمية التي استخدمها الإخوان المسلمون في غير بلد عربي من أجل النزول في مستوى التعليم كي يتقبل التلميذ السموم التي يبثونها والتخلف الذي يحرصون على تعميمه.

هناك وعي في المغرب، على أعلى المستويات، بأهمّية تطوير البرامج التعليمية والتخلّص من عقـدة اللغات الأجنبية. المدرسة في أساس كلّ شيء. بلغت كلّ الدول الراقية ما بلغته بفضل المدرسة أوّلا وأخيرا. الأمثلة على ذلك كثيرة، من سنغافورة… إلى فنلندا.

المصدر : صحيفة العرب

arabstoday

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 04:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 03:26 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصيلة 2017 كلام لا يقال إلا في المغرب أصيلة 2017 كلام لا يقال إلا في المغرب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab