شجاعة إماراتية ومزايدون

شجاعة إماراتية... ومزايدون

شجاعة إماراتية... ومزايدون

 العرب اليوم -

شجاعة إماراتية ومزايدون

بقلم -خير الله خير الله

تقضي الشجاعة السياسية، في جانب منها، بعدم الرضوخ للمزايدة والمزايدين ووضع المصلحة الوطنية فوق كلّ ما عداها. ليس التاريخ الحديث للمنطقة سوى سلسلة من الخيبات تسببت بها المزايدات التى اوصلت الى حرب العام 1967، وهي حرب لم يشف العالم العربي من آثارها بعد.تعكس الإرادة الإماراتية بالتوصّل الى اتفاق سلام مع إسرائيل في مقابل "تعليق" عملية ضمّ قسم جديد من الضفّة الغربية رغبة واضحة في تجاوز المزايدات والمزايدين الذين امضوا حياتهم في المتاجرة بالقضيّة الفلسطينية. ليس الاتفاق الاماراتي – الاسرائيلي حدثا عاديا، بل انّه حدث ستكون له انعكاسات على صعيد المنطقة كلّها، من المحيط الى الخليج.

قليلون في المنطقة عملوا من اجل القضيّة الفلسطينية ما عملته الامارات بدءا بمؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وصولا الى الشيخ محمّد بن زايد وليّ عهد أبوظبي. في كلّ تاريخ العلاقة بين الامارات وفلسطين، لم يكن من هدف لدى هذه الدولة الخليجية سوى مساعدة الفلسطينيين. هل هناك من يستطيع القول ان الامارات وضعت يوما شرطا، من ايّ نوع كان، على الفلسطينيين في مقابل ما قدمته لهم ولقيادة منظمة التحرير الفلسطينية؟يخشى في ضوء بعض ردود الفعل الفلسطينية، وليس كلّها، على الاتفاق الاماراتي – الإسرائيلي برعاية أميركية، من ان ينطبق على هذه الفئة من الفلسطينيين المثل الفرنسي القائل: هناك خدمات كبيرة الى درجة لا يمكن الردّ عليها سوى بنكران الجميل!

كان في استطاعة الامارات الاكتفاء بخريطة الطريق من اجل التوصّل الى اتفاق سلام مع إسرائيل يشمل تبادلا للسفراء بين البلدين وتطبيع للعلاقات بينهما. كان في استطاعتها تجاهل فلسطين والفلسطينيين لاعتبارات ذات طابع إقليمي ودولي في منطقة اختلفت فيها الأولويات العربيّة خصوصا منذ العام 2003 عندما سلّمت إدارة جورج بوش الابن العراق على صحن من فضّة الى ايران. ليس العراق دولة هامشية في المنطقة. انّه دولة شرق أوسطية ودولة خليجية في الوقت ذاته، إضافة الى ان العراق كان في الماضي عامل توازن مع ايران.

بعد 2003، لم تعد فلسطين القضيّة المركزية لا للعرب ولا لغير العرب. لم تعد سوى قضيّة إيرانية او تركية تستخدم في لعبة ذات طابع تجاري يتقنها الإيراني الذي سار التركي في ركابه، بعد وصول رجب طيّب اردوغان الى الرئاسة. ماذا فعل اردوغان لفلسطين والفلسطينيين غير تكريس الحصار الإسرائيلي لغزّة وأهلها وتحويلها الى سجن في الهواء الطلق؟ حاول الرئيس التركي في العام 2010 فكّ الحصار عن غزّة فارسل سفينة فيها عدد من المتطوعين ومواد اغاثة. ماذا كانت النتيجة بعد تصدّي إسرائيل للسفينة؟ تراجع اردوغان وأعاد العلاقات مع إسرائيل الى طبيعتها، فيما اهل غزّة ما زالوا في يقبعون في سجنهم الكبير بحماية "حماس" ورعايتها!

كشفت الخطوة الإماراتية تركيا وايران في الوقت ذاته وكشفت انّه لا يزال هناك مكان للمزايدات والمزايدين على العرب. كذلك، كشفت ان هناك غيابا في النضج لدى بعض الفلسطينيين الذين لم يتذكروا انّ لا فضل فلسطينيا على الامارات. هناك من دون شكّ شخصيات فلسطينية لعبت دورها، بصفة استشارية، في مراحل تأسيس الدولة وطوال سنوات لاحقة ما زالت ممتدة الى اليوم. هذا ينطبق على فلسطينيين ولبنانيين وسوريين وعراقيين. هذا شيء والتصرف بطريقة نزقة تجاه الامارات شيء آخر لا يمتّ الى السياسة والاعتراف بالجميل بصلة.

يبقى ان الإعلان عن خريطة طريق تمهّد لاتفاق سلام اماراتي – إسرائيلي برعاية أميركية، مناسبة للعودة الى خلف قليلا. لم تستعد مصر ارضها الّا بعد توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل في آذار – مارس 1979 في ظلّ اعتراض عربي قاده البعثان السوري والعراقي. كان في سوريا حافظ الأسد وكان في العراق الثنائي احمد حسن البكر وصدّام حسين. اجبر البعثان المتخاصمان العرب الآخرين على مقاطعة مصر. حرما الفلسطينيين من قطف أي ثمار من الاتفاق المصري – الإسرائيلي الذي صار عمره 41 عاما. لم يكن حصول الفلسطينيين وقتذاك على ايّ مكاسب مضمونا، لكنّ بقاءهم خارج الاتفاق المصري – الإسرائيلي حرمهم من لعب دور سياسي وفضلوا بدل ذلك البقاء في اسر المستنقع اللبناني. كان في استطاعة ياسر عرفات، لو امتلك حينذاك صفات قيادية، التمرّد على حافظ الأسد بدل البقاء في لبنان اسير الجغرافيا. من يتذكّر ان اتفاق كامب ديفيد للعام 1978 كان في الواقع اتفاقين احدهما يخص مصر وإسرائيل والآخر الفلسطينيين والحكم الذاتي للضفّة الغربية التي لم تكن مليئة بالمستوطنات كما الحال الآن.

لم يستوعب "أبو عمّار"، على الرغم من تجربته الطويلة مع حافظ الأسد، انّ الأخير لم يكن مهتمّا يوما باستعادة الجولان. الجولان المحتلّ تجارة بالنسبة اليه، مثلما ان القدس تجارة بالنسبة الى ايران.

حسنا، أضاع الفلسطينيون كلّ الفرص التي سنحت لهم منذ قرار التقسيم في 1947. صحيح ان إسرائيل ليست حملا، لكنّ الصحيح أيضا انّهم لم يدركوا يوما انّ عليهم اخذ ما يستطيعون اخذه، بما في ذلك في قمّة كامب ديفيد للسنة 2000 ايّام الرئيس كلينتون والتي شارك فيها ياسر عرفات وايهود بارك. ولكن ما العمل عندما لا تكون لديهم فكرة عن اهمّية موازين القوى في المنطقة والعالم وعمّا يستطيعون عمله وما لا يستطيعون عمله؟

لماذا لم يتعلّم الفلسطينيون، الذين وقّعوا اتفاق أوسلو، من الملك حسين؟ عرف الحسين في 1994 ان الفرصة المتاحة امام الأردن، في وقت كان فيه اسحق رابين رئيسا للوزراء لن تتكرر؟ سارع، رحمه الله، الى اتفاق سريع مع إسرائيل لضمان حقوق الأردن بالأرض والمياه وتأكيد انّه ليس الدولة الفلسطينية البديلة.

تسير القافلة الإماراتية. لن تتأثر لا ببعض المساكين الفلسطينيين الذين كان عليهم شكر محمّد بن زايد لتركيزه على كيفية إيجاد طريقة لابقاء خيار الدولتين حيّا، وان بصعوبة... علما انّه كان في غنى عن ذلك وعن أي غطاء للاتفاق مع إسرائيل.

لن تتأثر الامارات بالكلام الذي لا معنى له الذي يصدر عن اردوغان ولا بالمزايدات الإيرانية. لو كانت لدى ايران أي صدقية، من أي نوع، لما كانت صمتت صمتا مطبقا عندما زار بيبي نتانياهو سلطنة عُمان في عهد السلطان قابوس، رحمه الله، ولكانت "الجمهورية الإسلامية" غيّرت موقفها من احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث. هذا الاحتلال مستمرّ منذ 1971. انّه يكشف ان ايران تظلّ ايران وانّ سياستها التوسّعية ما زالت هي هي. لم يتغيّر شيء بعد قلب الشاه باستثناء ان ايران صارت اكثر عدوانية واكثر انتهازية في كلّ ما له علاقة بالمتاجرة بفلسطين والفلسطينيين... والقدس تحديدا.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجاعة إماراتية ومزايدون شجاعة إماراتية ومزايدون



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
 العرب اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab