لبنان والاوهام العراقية والايرانية والصينية

لبنان... والاوهام العراقية والايرانية والصينية

لبنان... والاوهام العراقية والايرانية والصينية

 العرب اليوم -

لبنان والاوهام العراقية والايرانية والصينية

بقلم - خير الله خير الله

لا يمكن للأوهام انقاذ لبنان من الوضع شبه الميؤوس منه الذي هو فيه. ثمّة حاجة الى التعاطي مع الواقع قبل الدخول في أي بحث عن حلول ومخارج. تقتضي الخطوة الاولى، من اجل التخلّي عن الأوهام، نسيان انّ هناك حلا في الصين او العراق... او ايران. كلّ ما في الامر ان الاقتصاد في لبنان في حاجة الى ضخّ كمّية كبيرة من الدولارات. ليس في استطاعة ايّ جهة ضخّ مثل هذه الكميّة، وان على دفعات، سوى صندوق النقد الدولي الذي لديه شروطه من اجل مساعدة لبنان، وتوفير قروض هو في امسّ الحاجة اليها.

في مقدّم هذه الشروط تأتي الإصلاحات. لو كان لبنان قادرا على القيام باي إصلاحات، لما وصلت الأمور الى ما وصلت اليه ولما حصل كلّ هذا الانهيار الذي جعل مستقبل النظام المصرفي اللبناني في مهبّ الريح.

قبل فترة قصيرة، طالب وزيران لبنانيان في لقاء افتراضي، عبر "زوم" مع وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان بتنفيذ مقررات مؤتمر "سيدر" الذي انعقد في باريس في نيسان – ابريل 2018. خصّص المؤتمر، الذي كان وراءه سعد الحريري والذي ما كان لينعقد لولاه ولولا الرئيس ايمانويل ماكرون، مبلغ نحو 11 مليار دولار لتنفيذ مشاريع في لبنان.

كان جواب الوزير الفرنسي، ردّا على طلب الوزيرين، ان على لبنان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل الكلام عن "سيدر" وما خصصه له من مليارات لتنفيذ مشاريع معيّنة يحتاج اليها البلد.

في النهاية، انّ الموضوع يتعلّق بإصلاحات تبيّن ان الحكومة الحالية غير قادرة على تنفيذها. هذه الإصلاحات كان مطلوبا المباشرة بها في عهد حكومة سعد الحريري التي تشكّلت بعد انتخابات ايّار – مايو 2018. لم تستطع تلك الحكومة اتخاذ أي خطوة ذات طابع إصلاحي بعدما تبيّن ان الحلف غير المقدّس القائم بين "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر" لا يقبل أي نوع من الإصلاحات. كان هذا الحلف مسيطرا على الحكومة وليس لديه أي همّ اسمه لبنان والخروج من الازمة. على العكس من ذلك، لدى "حزب الله" اجندة ذات طابع إقليمي خاصة به. إضافة الى ذلك، ان لبنان واللبنانيين والمصارف آخر همومه. لبنان بالنسبة اليه "ساحة إيرانية" ولا شيء آخر غير ذلك. امّا "التيّار الوطني الحر"، أي حزب رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يرأسه صهره جبران باسيل، فلا طموح لديه سوى ان يخلف جبران باسيل ميشال عون في قصر بعبدا. ليس امام ما يسمّى بـ"العونيين" سوى استرضاء "حزب الله" باي شكل كونهم يعرفون انّه صار الطرف الذي يقرّر من هو رئيس الجمهورية اللبنانية المسيحي.

بين انقاذ ما يمكن إنقاذه من لبنان والوصول الى بعبدا بايّ ثمن كان، يفضّل جبران باسيل الخيار الثاني.

ليس امام لبنان سوى صندوق النقد الذي تحوّل الى المفتاح الذي يسمح بالخروج من الانهيار الكلّي. فالعراق، حتّى لو امتلك كلّ النيّات الطيبة، بلد مفلس لديه مشاكل ضخمة لن يقوى على حلّها في المدى المنظور لسببين على الاقلّ. الاوّل هبوط سعر برميل النفط والآخر العدد الضخم لموظفي القطاع العام الذين يقبضون راتبا من الدولة من دون ان يكون لهم ايّ عمل!

ليس ما يدعو الى العودة سنوات الى خلف لشرح كيف افلس العراق وكيف تعرّض لعملية نهب منظّمة لمئات مليارات الدولارات استفادت منها أحزاب مذهبية تابعة لايران مارست الفساد بوقاحة بطريقة فريدة من نوعها على مستوى العالم. حصل ذلك منذ العام 2003 تاريخ تسليم إدارة جورج بوش الابن البلد على صحن من فضّة الى ايران. لا شكّ ان رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي يودّ مساعدة لبنان ويكنّ له ودّا، لكنّ ما ينطبق عليه هو المثل القائل: العين بصيرة، لكنّ اليد قصيرة.

يظلّ مجيء وفد وزاري عراقي الى لبنان، للبحث في كيفية تنظيم العلاقات التجارية بين البلدين، امرا جيّدا. لكنّ ما لدى لبنان يصدّره الى العراق من منتجات زراعية محدود جدّا. ثمّ هل لدى العراق نفط يرسله الى لبنان في موازاة ما يمكن ان يأتيه من لبنان؟ على الرغم من الثروة النفطية العراقية، لن تقدّم ايّ اتفاقات تجارية مع العراق او تؤخّر في شيء. لا يمكن للبنان العيش في غياب القدرة على التعاطي مع الحقائق ومع لغة الأرقام التي لا بديل منها. انّها اللغة السائدة في العالم... الى اشعار آخر.

امّا بالنسبة الى الصين، فلديها حسابات أخرى مع بلد مثل لبنان تقيم معه علاقات تجارية منذ سنوات طويلة. معروف كيف تعمل الشركات الصينية وما هي شروطها. اكثر ما هو معروف انّها ليست جمعيات خيرية ولا تؤمن سوى بالربح والخسارة. هناك بالطبع علاقة قويّة بين الصين وايران، وهناك اهتمام صيني بالوجود على شاطئ المتوسط، لكن ذلك ليس كافيا كي تأتي الصين وتستثمر مئات ملايين الدولارات في لبنان.

ليس في استطاعة الحكومة اللبنانية الحالية، وهي "حكومة حزب الله"، تأمين اجماع وطني على أي طرح لها. ليس لدى العهد ما يقدّمه الى اللبنانيين. هناك كثيرون يرمون انفسهم من السفينة "العونية" في الوقت الحاضر. ابرز دليل على ذلك تقديم المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني استقالته قبل ايّام.

الأكيد ان العهد القائم جعل من لبنان سفينة تغرق. قدّمت الحكومة الى صندوق النقد خطة اقتصادية تعتبر لبنان بلدا مفلسا وليس متعثرا. لا تحظى الخطة بايّ اجماع وطني. فوق ذلك كلّه لم تقدم الحكومة على أي اصلاح من ايّ نوع كان. هناك تعلّق باوهام، مثل الوهم الصيني والوهم العراقي... او الايراني، بدل الذهاب الى صندوق النقد الدولي بخطّة موحّدة تعكس تطلعات اللبنانيين الى البحث عن باب للخروج من الانهيار الذي جعل الحد الأدنى للأجور يصل الى 70 دولارا. نعم 70 دولارا في بلد اسمه لبنان الذي كان نظامه المصرفي من بين الاهمّ في العالم!

هناك لبنانيون يبحثون عن الخبز. هناك لبنانيان انتحرا اخيرا. هناك تعليق للمفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد. اخطر ما في الامر انّ هناك من لا يريد اخذ العلم بما يحصل في الداخل والمنطقة والعالم وماذا يعني ان يكون لبنان في ظلّ "حكومة حزب الله" و"عهد حزب الله" وان يكون الحزب الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني بمثابة الحزب الحاكم في البلد!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان والاوهام العراقية والايرانية والصينية لبنان والاوهام العراقية والايرانية والصينية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
 العرب اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab