الشرعية مشكلة اليمن وليست الحلّ

"الشرعية" مشكلة اليمن وليست الحلّ

"الشرعية" مشكلة اليمن وليست الحلّ

 العرب اليوم -

الشرعية مشكلة اليمن وليست الحلّ

بقلم - خير الله خير الله

لا يدلّ على افلاس "الشرعية" في اليمن اكثر من الخطاب الأخير للرئيس الانتقالي عبد ربّه منصور هادي الذي تحدّث فيه عن اهمّية اتفاق الرياض الذي وقعته "الشرعية" مع "المجلس الانتقالي" الذي يدعو الى انفصال اليمن الجنوبي. يعني الانفصال العودة الى ما قبل الوحدة التي وقعت في الثاني والعشرين من ايّار – مايو 1990. هذا مطلب مستحيل التحقيق نظرا الى انّ لا علاقة له بالواقع في ضوء حال التشظّي التي يعاني منها اليمن والتي تجعل من خيار العودة الى ما قبل الوحدة، أي الى وجود دولتين مستقلتين بدل الكيان السياسي الواحد، مجرد وهم لا اكثر.

أوقف اتفاق الرياض الاشتباكات التي اندلعت في عدن، لكنّه لم يحل ايّ مشكلة في العمق. هذا لا يعود الى ان المملكة العربية السعودية لم تقم بالجهود المطلوب ان تقوم بها. على العكس من ذلك، بذلت المملكة كلّ ما تستطيع كي يعود الوضع الى طبيعته في المحافظات الجنوبية وكي تتفرّغ "الشرعية" لقتال الحوثيين (انصار الله) واستعادة مواقع فقدتها في الماضي، بما في ذلك محافظة الجوف القريبة من مأرب. لكنّ شيئا لم يتغيّر لا في صنعاء ولا في عدن بالنسبة الى "الشرعية" التي لم تستطع اثبات نجاحها في التعاطي مع أي مكون من مكونات الشعب اليمني او مع ايّ منطقة يمنية. كيف يمكن لـ"الشرعية" قتال الحوثيين ومنع قيام امارة إسلامية في صنعاء وحولها على غرار الامارة التي اقامتها "حماس" في غزّة. ليس ما يشير الى أي امل في تحقيق هدف من هذا النوع في المدى المنظور.

ما يبدو ضروريا ملاحظته انّ "الشرعية" لم تستطع عمل شيء منذ العام 2014 من اجل منع "انصار الله" من وضع يدهم على صنعاء. لا تزال عاجزة عن الاقدام على أي خطوة ذات طابع إيجابي في ايّ اتجاه كان. كلّ ما في الامر ان الهدف من الخطاب الأخير للرئيس الانتقالي الذي خلف علي عبدالله صالح في شباط – فبراير من العام 2012 لا يستهدف سوى تفادي أي تغيير حقيقي يعيد النظر في تركيبة "الشرعية". مثل هذا التغيير هو الشرط الاوّل والأخير للخروج من الحلقة المقفلة التي دخلها اليمن ويدور فيها منذ ابعاد علي عبدالله صالح عن الرئاسة بموجب المبادرة الخليجية وتحويله الى لقمة سائغة للحوثيين الذين اغتالوه في العام 2017 بعدما قرّر مواجهتهم.

يوجد تاريخ آخر لا مفرّ من التوقف عنده. انّه تاريخ استيلاء الحوثيين على صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014. لا يزال السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح الى الآن هو لماذا رفض عبد ربّه منصور هادي الذي كان يتحكّم بالمؤسسة العسكرية اليمنية التصدّي للحوثيين الذين ما لبثوا ان وضعوه في الإقامة الجبرية واجبروه على الاستقالة قبل ان يتمكّن من الفرار من صنعاء في شباط – فبراير 2015. نسي بعد ذلك صنعاء ونسي انّ المدينة كانت عاصمة اليمن الموحّد وترمز فوق ذلك الى وحدة البلد التي يروي انّه متمسّك بها...

بدل ان يصرّ الرئيس الانتقالي الذي كان مفترضا الّا يمضي اكثر من سنتين في موقعه على استقالته الذي اعلنها في 2014، اذا به يعود عنها ويعمل حاليا بطريقة توحي بانّ الأمور تسير على ما يرام في اليمن وانّ معركة استعادة صنعاء الى حضن "الشرعية" مسألة ايّام.  

من المفيد العودة الى اتفاق الرياض الذي وضع حدّا للقتال بين "الشرعية" و"المجلس الانتقالي"، وهو قتال تجاوز عدن، حيث للانتقالي "اليد العليا" عسكريا، الى محافظتي ابين وشبوة. ابين هي مسقط رأس عبد ربّه الذي لا يستطيع العودة الى المديرية (مديرية الوضيع) التي ترعرع فيها شابا وصولا الى دخوله السلك العسكري وبلوغه موقع نائب رئيس الأركان في عهد الرئيس علي ناصر محمّد، وهو عهد انتهى في الشهر الاوّل من العام 1986. لا شكّ انّ عبد ربّه قطع طريقا طويلة منذ كان مرافقا امنيا لستيفن داي ضابط الارتباط السياسي في ابين في السنوات الأخيرة من الاستعمار البريطاني، قبل العام 1967.

ليست المشكلة في اتفاق الرياض الذي جهدت المملكة العربية السعودية من اجل التوصّل اليه للوصول الى وقف لإراقة الدماء. عكس الاتفاق، الذي وقع في الخامس من تشرين الثاني – نوفمبر الماضي، رغبة واضحة لدى التحالف العربي في إعادة الأمور الى طبيعتها في عدن وفي المحافظات القريبة منها. حقّق اتفاق الرياض بعض أهدافه، لكنّ المشكلة بقيت في "الشرعية" التي لا هدف يمنيا لها. هدف "الشرعية" السلطة في المطلق حتّى لو كانت تمارس من خارج ارض اليمن. لا هدف لـ"الشرعية" غير السلطة... في حين ان الحاجة الى قتال الحوثيين والى رجال على ارض اليمن يفعلون ذلك. الحاجة الى وجود على الأرض اليمنية وليس في أي مكان آخر. الحاجة الى التفاعل مع المواطن اليمني الجائع والمريض ومع حاجاته اليومية من شراب وطعام وخدمات صحّية وماء وكهرباء... في الحدّ الأدنى.

بعض الشجاعة ضروري بين حين وآخر. تدعو الشجاعة الى الاعتراف بانّ "الشرعية" صارت لبّ المشكلة في اليمن. "الشرعية" هي المشكلة وليست الحلّ. ليست "الشرعية" سوى وسيلة تخدم هدفين. يتمثل الاوّل في استفادة الرئيس الانتقالي والمحيطين به من عائدات معيّنة، لا علاقة لها من قريب او بعيد بتخليص اليمن من الحوثيين او التصدّي لـ"المجلس الانتقالي" وطروحاته. الهدف الآخر تأمين غطاء للاخوان المسلمين الذين يعتبرون ان لديهم خريطة طريق ستمكنهم من الاستيلاء على جزء من اليمن وذلك بالتفاهم الضمني مع الحوثيين، أي مع أدوات ايران في اليمن.

هناك أمور خطيرة تجري في اليمن حاليا. إضافة الى الوجود الإيراني، هناك التدخلات التركية التي تحوّلت الى اختراقات في العمق اليمني، خصوصا في شبوة وساحلها. الأكيد انّ "الشرعية" ليست علاجا بمقدار ما انّها جزء من ازمة عميقة تحتاج معالجتها الى مقاربة مختلفة في ظلّ تفاهم من تحت الطاولة وفوقها بين الحوثيين والاخوان المسلمين الذي باتوا العمود الفقري لـ"الشرعية".

هناك بكلّ بساطة رهان لدى الاخوان المسلمين على الوقت. يعتقدون ان الوقت يعمل لمصلحتهم وانّ "الشرعية" افضل غطاء لهم. الم يحن الوقت للتفكير ملّيا بان المدخل الاهمّ لايّ معالجة في اليمن يبقى في إعادة تشكيل "الشرعية" بدل البقاء في اسرها؟  

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرعية مشكلة اليمن وليست الحلّ الشرعية مشكلة اليمن وليست الحلّ



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
 العرب اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab