اسبانيا تتصالح مع نفسها قبل مصالحة المغرب

اسبانيا تتصالح مع نفسها قبل مصالحة المغرب

اسبانيا تتصالح مع نفسها قبل مصالحة المغرب

 العرب اليوم -

اسبانيا تتصالح مع نفسها قبل مصالحة المغرب

بقلم - خير الله خير الله

ليست الرسالة التي بعث بها رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز الى الملك محمّد السادس وما تضمّنته من موقف واضح من الصحراء سوى نقطة تحوّل أخرى تصب في تكريس الاعتراف الدولي بمغربيّة الصحراء. لا جدل في شأن مغربيّة الصحراء واقاليمها منذ "المسيرة الخضراء" التي نظمت في تشرين الثاني – نوفمبر من العام 1975 في عهد الملك الحسن الثاني، رحمه الله.  

تعود اهمّية الموقف الاسباني إلى انّه صادر عن الدولة التي كانت في موقع المستعمر في الصحراء. إنّه بمثابة اعتراف من الدولة التي كانت تستعمر الصحراء المغربيّة بأنّ الأرض عادت الى أصحابها. تصالحت اسبانيا مع نفسها قبل ان تتصالح مع المغرب.

كلّ ما فعله المواطنون المغاربة الذين زحفوا بعشرات الآلاف في اتجاه الصحراء، مع رحيل اسبانيا عنها، يتمثل في تأكيد ان الصحراء قضيّة وطنيّة. مغربيّة الصحراء جزء لا يتجزّأ من ايمان المواطن المغربي بهذه القضيّة وبضرورة استعادة بلاده وحدتها الترابيّة.

من هذا المنطلق، باتت إسبانيا "تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي قدّمت في العام 2007، بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف" المتعلق بالصحراء المغربية. لعلّ اهمّ ما في الرسالة قول رئيس الوزراء الاسباني أنه "يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة إلى المغرب". مشيرا إلى "الجهود الجادة ذات المصداقية التي يقوم بها المغرب في إطار الأمم المتحدة من أجل تسوية ترضي جميع الأطراف". اكثر من ذلك، أبرز رئيس الحكومة الإسبانية أن " البلدين تجمعهما، بشكل وثيق، أواصر المحبة، والتاريخ، والجغرافيا، والمصالح، والصداقة المشتركة"، معربا عن " يقينه بأن الشعبين يجمعهما المصير نفسه أيضا"، وأن "ازدهار المغرب مرتبط بازدهار إسبانيا والعكس صحيح". 

ذهب رئيس الحكومة الإسبانية في رسالته الى الملك الى تأكيد أن "هدفنا يتمثل في بناء علاقة جديدة، تقوم على الشفافية والتواصل الدائم، والاحترام المتبادل والاتفاقات الموقعة بين الطرفين والامتناع عن كل عمل أحادي الجانب، في مستوى أهمية كلّ ما نتشارك فيه ويجمع بيننا". وفي هذا السياق، فإن "اسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف". وأضاف سانشيز: "أود أن أؤكد لكم أن إسبانيا ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها".

جدد رئيس الحكومة الإسبانية، في رسالته تأكيد "عزمه العمل الجماعي من أجل التصدي للتحديات المشتركة، لاسيما التعاون من أجل تدبير تدفقات المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، والعمل على الدوام في إطار روح من التعاون الكامل". خلص إلى "أنه سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين".

نعم، هناك تركيز على "الوحدة الترابيّة للبلدين". معنى ذلك وضوح اسباني في شأن لمن تعود الصحراء في ضوء نضال مغربي سياسي وعسكري استمرّ 47 عاما لتكريس حقيقة تاريخيّة ثابتة موثقة قانونيا من جهة ومواجهة حرب استنزاف تتعرّض لها المملكة من جهة أخرى.

استطاع المغرب الخروج منتصرا من حرب الاستنزاف التي تشنّها الجزائر عليه، بل ردّ عليها بنجاحات على الصعيدين الداخلي والخارجي. تظلّ الاختراقات الافريقية التي تحققت منذ عودة المغرب الى الاتحاد الافريقي الدليل الأبرز على تحوّل المغرب دولة ذات موقع إقليمي لا مجال لتجاوزه كجسر مهمّ بالنسبة الى كلّ دولة اوروبيّة مهتمة بافريقيا، بما في ذلك فرنسا.

احتاجت اسبانيا الى كلّ هذه السنوات كي تقول كلمة حقّ، علما انّ العلم المغربي ارتفع في الصحراء لحظة انسحابها منها في العام 1975 في وقت كان الجنرال فرانكو على فراش الموت والبلد يستعد لاستقبال عهد جديد، ينهي سنوات طويلة من الديكتاتوريّة، في ظلّ الملك خوان كارلوس.

كرست رسالة رئيس الحكومة الاسبانيّة الى محمد السادس واقعا جديدا اسمه الموقع المغربي في المنطقة كلّها. في شمال افريقيا والعمق الافريقي نفسه وفي كون المغرب جسرا بين أوروبا والقارة السمراء. بعد الاعتراف الأميركي بمغربيّة الصحراء، جاء دور اسبانيا التي غلفت هذا الاعتراف بالإشادة بالطرح المغربي والحكم الذاتي في اطار السيادة المغربيّة.

لم يعد في الإمكان تجاهل الموقف الاسباني الذي يندرج في سياق طويل من النجاحات المغربيّة المدعومة عربيّا. لا يدل على ذلك اكثر من البيان الصادر عن القمة الخليجية التي انعقدت في الرياض في كانون الاوّل – ديسمبر الماضي. لم تترك القمّة مجالا لأي شكّ في موقف دول الخليج العربيّة الست من وضع الصحراء المغربيّة ومن طبيعة العلاقة التي تربطها بالمغرب.

ربح المغرب معركة استعادة اقاليمه الصحراوية على الرغم من كلّ ما استثمره النظام الجزائري الذي افتعل قضيّة اسمها قضيّة الصحراء... تحت شعارات من النوع المضحك المبكي مثل "حقّ تقرير المصير للشعوب".

في النهاية، لو كان النظام في الجزائر حريصا على حق تقرير المصير للشعوب، بدل المتاجرة بهذه الشعوب، لكان وفر ارضا في جنوب البلد لجمهوريّة وهمية في ضوء انتشار الصحراويين على طول الشريط الصحراوي الممتد من موريتانيا الى جنوب السودان. لو كان بالفعل حريصا على الشعوب، لكان سمح بإقامة "جمهوريّة صحراويّة" على ارضه بدل بقاء قسم من أبناء هذا الشعب في منطقة تندوف الجزائرية حيث يخضع أطفال ومراهقون لعمليّة غسل دماغ وتدريب على السلاح تصبّ في خدمة الإرهاب والتطرّف في ظلّ أوضاع بائسة.

يُفترض ان يوفّر الموقف الاسباني الشجاع، على الرغم من انّه جاء متأخرا، فرصة كي يزداد الوعي الأوروبي والاميركي لواقع جديد في شمال افريقيا. عنوان الواقع الجديد هو المغرب الذي يرفض الاستثمار خارج تطوير الانسان المغربي بما يخدم الاستقرار الداخلي والنمو في المنطقة.

 ثمة فارق بين بلد لا يمتلك ثروات طبيعية كبيرة يسعى الى تطوير نفسه بين بلد يمتلك ثروات طبيعية كبيرة يصرفها على كلّ ما له علاقة بزعزعة الاستقرار في المنطقة والهرب من ازمته الداخلية العميقة الى خارج حدوده.

ليس الموقف الاسباني سوى تتويج لرغبة في رفض استمرار التعامي عن وجود حقيقة اسمها مغربيّة الصحراء لا كثر. مرّة أخرى، اسبانيا تتصالح مع نفسها قبل ان تتصالح مع المغرب.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اسبانيا تتصالح مع نفسها قبل مصالحة المغرب اسبانيا تتصالح مع نفسها قبل مصالحة المغرب



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 07:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

لبلبة باكية في عزاء بشير الديك وتتحدث عن عادل إمام
 العرب اليوم - لبلبة باكية في عزاء بشير الديك وتتحدث عن عادل إمام

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab