التأميم عدوّ لبنان

التأميم عدوّ لبنان

التأميم عدوّ لبنان

 العرب اليوم -

التأميم عدوّ لبنان

بقلم - خير الله خير الله

ان يحبط المدعي العام التمييزي في لبنان محاولة لفرض قيود على المصارف الكبرى وفرض نوع من الحجز على ممتلكاتها وممتلكات رؤساء مجلس الادارة فيها، خطوة تدلّ على ان لبنان ما زال يقاوم. انّه يقاوم حاليا، وان بشقّ النفس، محاولة القضاء على آخر حصن من الحصون التي صمدت فيه وجه الانتهاء من البلد وذلك منذ توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم في العام 1969.

يقاوم لبنان بكلّ بساطة التأميم الذي يظلّ عدوّه الاوّل والذي أوصل بلدانا عربية عدّة الى خراب. على رأس هذه البلدان سوريا التي افقدتها التأميمات في عهد الوحدة مع مصر (1958- 1961) ثمّ في عهد البعث، الذي انبثق عنه النظام الاقلّوي القائم، كلّ قدرة على المقاومة... فانتهت الى ما انتهت اليه بسبب القضاء على المبادرة الفردية لدى الانسان السوري. انتهت الى بلد مفتّت. باتت سوريا بلدا مفتّتا الى درجة صار فيها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يتاجر بلاجئيه في محاولة لابتزاز أوروبا!

تبيّن، في ضوء تدخّل النيابية العامة التمييزية في لبنان لمنع أي إجراءات في حق موجودات المصارف، انّه لا يزال هناك قضاة لبنانيون يتمتعون بحدّ ادنى من الاستقلالية. هذا امر مهمّ بحدّ ذاته في بلد انهار اقتصاده عمليا وليس معروفا هل لا يزال في الإمكان إنقاذه. من الطبيعي طرح مثل هذا التساؤل في وقت هناك من يحاول تحميل المصارف اللبنانية مسؤولية الانهيار، علما ان هناك مآخذ كثيرة على بعض المصارف.

يتجاهل الذين يشنون الحملة على المصارف ان ما يفعلونه يصبّ في تدمير الاقتصاد نهائيا، أي تدمير البلد. فالمعادلة في غاية البساطة. يشكّل النظام المصرفي العمود الفقري للاقتصاد اللبناني. يعني توقف المصارف توقف الاقتصاد. هل من بلد في العالم يستطيع البقاء على رجليه من دون دورة اقتصادية؟

تكمن مأساة لبنان في غياب الفهم في السياسة والاقتصاد في آن. ما وصل اليه لبنان نتيجة طبيعية لغياب الرؤية لدى القيادة السياسية التي لم تعد تعي معنى تحوّل البلد الى قاعدة إيرانية لا اكثر. لا تمتلك هذه القيادة السياسية القدرة على استيعاب ما على المحكّ في لبنان وما هي القرارات الشجاعة الواجب اتخاذها من اجل انقاذ ما يمكن إنقاذه.

من اجل مساعدة هذه القيادة السياسية في جعلها تعي ما هو على المحكّ، أي ان مستقبل لبنان كلّه بات في مهبّ الريح، لا بدّ من العودة الى الأسباب التي مكنت البلد الصغير من البقاء استثناء في المنطقة حتّى العام 1975. هناك أسباب عدّة وراء ازدهار لبنان. من بينها المصارف ونظامه الحرّ المعادي للتأميم. اكثر من ذلك، لا بدّ من امتلاك الشجاعة الكافية للاعتراف بانّ رفيق الحريري قام بمحاولة جدّية لاعادة لبنان الى خريطة الشرق الاوسط انطلاقا من وسط بيروت الذي يشهد محاولة للقضاء عليه نهائيا. المطلوب قتل رفيق الحريري مرّة أخرى ومعاقبة لبنان لانّه حاول ان يعود بلدا لكلّ أبنائه. في كلّ يوم يمرّ، نفهم اكثر لماذا اغتيل رفيق الحريري ولماذا كلّ هذا الحقد لدى الذين قتلوه عليه وعلى لبنان. القتلة معروفون للأسف الشديد وهم مستمرّون في قتل لبنان!

ما ينفّذ حاليا، بكلّ الوسائل المتاحة يمثل خطوة أخرى على طريق الانتهاء من لبنان. بعد خنق بيروت، لم تعد هناك سوى عقبة أخيرة هي النظام المصرفي اللبناني الذي استهدفه "حزب الله" منذ سنوات عدّة، لا لشيء سوى لانّ لا همّ لهذا الحزب سوى حماية المصالح الايرانية بغض النظر عمّا يحلّ بلبنان واللبنانيين، بما في ذلك الشيعة منهم.

المؤسف، بل المخيف، غياب القيادة السياسية التي تقول بكلّ صراحة ان الخيارات المتاحة امام لبنان واضحة ومحدودة. لا يمكن انقاذ لبنان، هذا اذا كان هناك ما لا يزال في الإمكان إنقاذه، الّا عن طريق المساعدات العربيّة او عبر تدخّل المؤسسات المالية الدولية، في مقدّمها صندوق النقد الدولي. ليس سرّا ان هذه المؤسسات الدولية لا تتصرّف من دون ضوء اخضر أميركي.

بكلام أوضح، لم يفعل لبنان شيئا من اجل الحصول على مساعدات عربيّة. لا يمكن ان يكون لبنان صوت ايران في مجلس جامعة الدول العربية، لا عبر جبران باسيل ولا غيره، ولا يمكن للبنان ان يجد اهتماما اميركيا ما دام "حزب الله" يتحكّم بمصيره، خصوصا بعد تشكيل حكومة حسّان دياب التي تثبت في كلّ يوم انّها ليست سوى "حكومة حزب الله" في عهد "حزب الله".

صنع لبنان اقتصاده الذي صمد طويلا بفضل المبادرة الفردية والابتعاد عن فكرة التأميم. هناك حاليا محاولة جدّية لجعل البلد يسقط. لو لم يكن الامر كذلك، لما كان المدعي العام المالي اتخذ قرارا في شأن موجودات المصارف الكبيرة، مستثنيا مصارف معيّنة لاسباب ما زالت مجهولة.

من حسن الحظ، وجد من يبطل هذا القرار عبر جهة قضائية تدرك ابعاده وتدرك خصوصا النتائج التي يمكن ان تترتب عليه. على الرغم من ذلك، ان تصرّف المدّعي العام المالي يثير قلقا. يشير الى انّ هناك من لا يهمّه ما الذي يحلّ بالبلد ما دام هذا البلد مستعمرة إيرانية ولا شيء آخر...

من المضحك المبكي ان تقول "كتلة الوفاء للمقاومة" وهي كتلة نوّاب "حزب الله" بعد اجتماعها الأخير: "حذار استدراج وصايات اجنبية على البلد، ايّا تكن الذريعة". كلام الحزب موجّه الى صندوق النقد الدولي. ما لم يقله الحزب ما هي الخيارات الأخرى امام لبنان. لم يقل ما الدور الذي تلعبه ايران في لبنان وهل لديها ما تصدّره الى لبنان غير الغرائز المذهبية والسلاح الميليشيوي وكورونا... وادوية مشكوك بفعاليتها؟

بعض الشجاعة ضروري بين حين وآخر. اقلّه بالنسبة الى شجاعة الاعتراف بان فكرة التأميم ما زالت الطريق القصر للقضاء على لبنان او ما بقي منه وتغيير طبيعة مجتمعه وصورته في العالم، وهي صورة صارت مشوّهة الى حدّ كبير. الهدف من التأميم، بدءا بالمصارف، تصفية حساب مع لبنان ومع اللبنانيين الذين جاهدوا فعلا وعملوا بكدّ من اجل انقاذ ما بقي من البلد، خصوصا من اجل تفادي وجود رئيس للجمهورية تفرضه عليهم ايران وحكومة يشكّلها "حزب الله" وابواب مشرّعة امام كورونا معروفة المصدر.

arabstoday

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التأميم عدوّ لبنان التأميم عدوّ لبنان



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab