صنعاء شهيدة تصدير الثورة الإيرانية

صنعاء شهيدة "تصدير الثورة" الإيرانية

صنعاء شهيدة "تصدير الثورة" الإيرانية

 العرب اليوم -

صنعاء شهيدة تصدير الثورة الإيرانية

بقلم - خير الله خير الله

في انتظار معرفة هل سيحصل التغيير في إيران ومدى تأثير العقوبات الأميركية على سلوكها خارج حدودها، سيلحق مزيد من الأذى باليمنيين والسوريين والعراقيين واللبنانيين.دولة عاجزة وضعيفة.. هذا ما تبشر به "ثورة" الحوثيين إيرانية الصنع

سيمرّ بعد أيام شهران على توقيع اتفاق ستوكهولم بين “الشرعية” في اليمن من جهة والحوثيين من جهة أخرى. لم يتحقق أيّ تقدم حقيقي حتّى اللحظة باستثناء أن الحوثيين، أي “أنصارالله” حصلوا من الاتفاق على يريدونه. هذا هو فهمهم للاتفاق الذي جعل منهم “الشرعية الأخرى” في اليمن بعد استبعاد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث أي أطراف أخرى عن المفاوضات. اختزل الأزمة اليمنية بـ”الشرعيتين” الممثلتين بالرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي وعبدالملك الحوثي.

بعثت المفاوضات، التي جرت أخيرا بين ممثلي الشرعيتين على سفينة مرابطة قبالة ميناء الحديدة، بإشارات عدة. من بين هذه الإشارات أنّ “أنصارالله” باقون في الحديدة ويرفضون إخلاء المدينة والميناء والمناطق المحيطة بهما.

كلّ ما يهمّ الحوثيين هو تثبيت أمر واقع في اليمن. من جملة ما يريدون تثبيته وقف إطلاق النار في الحديدة. ليس سرّا أن تصرفات الحوثيين لم تعجب الضابط الهولندي باتريك ماكيرت الذي تخلى عن موقع قائد قوة المراقبين التي يفترض أن تشرف على انسحاب “أنصارالله” من الحديدة.

هؤلاء يريدون البقاء في المدينة وفي الميناء من أجل تكريس وجود لإيران على البحر الأحمر. هذا كلّ ما في الأمر. هناك استخدام إيراني للأمم المتحدة من أجل خلق أمر واقع جديد في اليمن يكون فيه كيان حوثي عاصمته صنعاء ويمتلك موقع قدم، في غاية الأهمّية، على البحر الأحمر هو ميناء الحديدة.

في خضم ما يشهده اليمن حاليا، هناك تجاهل كامل للوجود الحوثي في صنعاء المحتلة منذ الحادي والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014. يجري إلهاء المجتمع الدولي بالحديدة ومستقبل الحديدة في حين لا كلام عن الموضوع الأساسي الذي يتمثل في وجود “أنصارالله” في العاصمة.

ماذا يفعل الحوثيون في صنعاء التي وضعوا يدهم عليها بسبب أخطاء كثيرة ارتكبتها “الشرعية” التي حصرت مهمّتها في مرحلة معيّنة في التضييق على علي عبدالله صالح الذي دفع في نهاية المطاف ثمن الحروب الست التي خاضها مع الحوثيين بين 2004 و2010 والتي رفض حسمها في إحدى المرّات عندما سمحت له الظروف بذلك.

الأكيد أنّ من يخطّط للحوثيين ليس عبدالملك الحوثي. هناك من يفكر بدلا عنهم في إيران وفي بيروت. ليس سرّا عمق العلاقة القديمة والعميقة، في آن، بين “أنصارالله” و”حزب الله”. تقوم الإستراتيجية الحوثية على مقولة “خذ وطالب”. هذا ما يفعله “حزب الله” في لبنان. وهذا ما تفعله إيران في العراق. وهذا هو الأمر الذي لم يتنبه إليه أولئك الذين استخفوا منذ البداية بمدى التعاون والتنسيق بين النظام السوري من جهة وإيران وأدواتها من جهة أخرى. ليس القرار الاتهامي الذي أصدرته المحكمة الدولية في لاهاي التي تنظر في قضية اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005 سوى دليل على ذلك.

أكان في اليمن أم العراق أم لبنان، تسعى إيران إلى تحقيق اختراقات في كلّ الاتجاهات. عندما وضع الحوثيون يدهم على صنعاء تحركوا في اتجاه تعز والجنوب اليمني. ما زالوا موجودين في تعز، حيث هناك جيب زيدي. لكن ما لا يمكن المرور عليه مرور الكرام أن لديهم أيضا مؤيّدين في صفوف أهل تعز وهم شوافع وأن المدينة لا تزال إلى الآن تعاني من الحلف غير المعلن القائم بين الحوثيين والإخوان المسلمين، أقلّه مع قسم من هؤلاء يرون أن لديهم مصلحة في اقتسام اليمن بين الجانبين.

يصعب فصل الوضع اليمني عن المشروع التوسعي الإيراني الذي يقوم أساسا على سياسة النفس الطويل وتفتيت المجتمعات والمؤسسات في الدول العربية. شئنا أم أبينا، خرج الحوثيون المنتصر الأوّل والأخير، ربّما، من الثورة الشعبية التي قامت ضد نظام علي عبدالله صالح في العام 2011

لولا التحالف العربي الذي خاض وما زال يخوض حربا من أجل إخراج إيران من اليمن، لكان “أنصارالله” ما زالوا في عدن التي سيطروا عليها لفترة قصيرة وفي ميناء المخا الذي يمكن التحكّم من خلاله بمضيق باب المندب.

أقام “أنصارالله” تحالفات مع مجموعات في جنوب اليمن. هناك اليوم جنوبيون في الحكومة التي شكلها الحوثيون في صنعاء. ما يحصل حاليا هو فصل آخر من المعركة مع إيران في اليمن حيث يستغلّ الحوثيون أي ثغرة تبرز أمامهم من أجل الوصول إلى مرحلة يصبح فيها الكيان الخاص بهم واقعا لا يمكن تجاوزه.

يصعب فصل الوضع اليمني عن المشروع التوسعي الإيراني الذي يقوم أساسا على سياسة النفس الطويل وتفتيت المجتمعات والمؤسسات في الدول العربية. شئنا أم أبينا، خرج الحوثيون المنتصر الأوّل والأخير، ربّما، من الثورة الشعبية التي قامت ضد نظام علي عبدالله صالح في العام 2011. لم يدرك الإخوان المسلمون الذين ركبوا موجة الاحتجاجات الشعبية وقتذاك والذين حاولوا عبر أذرعتهم اغتيال الرئيس السابق في الثالث من حزيران – يونيو من تلك السنة أن كلّ ما يفعلونه يصبّ في مصلحة إيران.

مضت إلى الآن أربع سنوات ونصف سنة على سيطرة الحوثيين على صنعاء. ما شهدناه طوال هذه المدّة هو تراجع للمشروع الإيراني في اليمن بفضل “عاصفة الحزم” من جهة مع تثبيت له في جزء من اليمن من جهة أخرى. إنّ أي صيغة جديدة لليمن لا يمكن إلّا أن تأخذ في الاعتبار وجود كيان حوثي بات يحظى بغطاء دولي، خصوصا بعد الضغوط التي مورست من جهات دولية عدّة على التحالف العربي منذ شهر أيّار – مايو الماضي من أجل تفادي أي حسم عسكري في الحديدة.

عاجلا أم آجلا، سيتبين هل هناك جدّية أميركية حقيقية في مواجهة إيران. المؤسف أن تجربة اليمن لا توحي بذلك. هناك سياسة قضم إيرانية تمارس حيث توجد أدوات لطهران. ليس صدفة أن لا حكومة عراقية مكتملة على الرغم من وجود رئيس للوزراء ومن أن الانتخابات النيابية أجريت في الثاني عشر من أيّار – مايو 2018، أي منذ ما يزيد على ثمانية أشهر.

في سوريا، حصل تغيير ذو طبيعة مرتبطة بالتركيبة السكانية في مناطق عدّة، خصوصا في دمشق ومحيطها وعلى طول الحدود الدولية بين لبنان وسوريا. وفي لبنان، لم تتشكل حكومة الرئيس سعد الحريري إلّا بعد تأكد إيران من أنّها اخترقت السنّة والدروز بعد اختراقها الواسع للمسيحيين الذي عمره عمر الاتفاق الذي وقعه ميشال عون مع حسن نصرالله في السادس من شباط – فبراير 2006.

في انتظار معرفة هل سيحصل التغيير في إيران ومدى تأثير العقوبات الأميركية على سلوكها خارج حدودها، سيلحق مزيد من الأذى باليمنيين والسوريين والعراقيين واللبنانيين. هذه ثورة حقيقية قامت قبل أربعين عاما أطاحت بنظام الشاه، لكنّها لم تستطع جعل إيران والإيرانيين في وضع أفضل. أقامت هذه الثورة نظاما في حال هروب مستمرّة إلى خارج حدوده. ليست صنعاء سوى شهيد من شهداء شعار “تصدير الثورة” الذي لم يكن سوى تصدير للخراب والدمار والتخلّف والفتن المذهبية والطائفية لا أكثر…

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صنعاء شهيدة تصدير الثورة الإيرانية صنعاء شهيدة تصدير الثورة الإيرانية



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 العرب اليوم - أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 11:21 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

جريمة مدبّرة ضد شقيق عمرو دياب

GMT 16:22 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

"برشلونة يمدد عقد جيرارد مارتن حتى 2028"

GMT 16:01 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

ريهام حجاج تخوض تجربة جديدة وتعلن سبب غيابها سينمائياً

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الجيش الإسرائيلي يحذر اللبنانيين من التوجه إلى الجنوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab