تركيا وإسرائيل وعالم ما بعد الحرب الأوكرانيّة

تركيا وإسرائيل... وعالم ما بعد الحرب الأوكرانيّة

تركيا وإسرائيل... وعالم ما بعد الحرب الأوكرانيّة

 العرب اليوم -

تركيا وإسرائيل وعالم ما بعد الحرب الأوكرانيّة

بقلم - خير الله خير الله

لا يمكن الاستخفاف بالخطوة التركية المتمثلة بإعادة العلاقات الكاملة مع إسرائيل.

ترتدي هذه الخطوة أهمّية استثنائيّة، خصوصاً في ظلّ الظروف التي تمرّ فيها المنطقة والعالم... في ضوء الحرب الأوكرانية من جهة واحتمال عقد صفقة أميركية - إيرانيّة من جهة أخرى.

تحررت تركيا من عقد عدّة فجأة. تحرّرت، أوّل ما تحرّرت، من العقد التي تحكمّت بشخص رجب طيب أردوغان الذي أراد في مرحلة معيّنة لعب دور زعيم العالم الإسلامي والرجل القويّ في المنطقة... إلى أن اكتشف أن تركيا ليست سوى دولة من دول العالم الثالث وأنّ في استطاعتها أن تصبح دولة مزدهرة اقتصاديا في حال تخلت عن وهم العودة إلى أيام الدولة العثمانيّة.

هذه مرحلة انتهت تماماً لا يمكن لفكر الإخوان المسلمين، الذي وقع إردوغان في شراكه، احياءها.

حررت حرب أوكرانيا الرئيس التركي من الضغط الروسي.

بعد الحرب الأوكرانيّة التي مضى عليها ستة أشهر، صار فلاديمير بوتين في حاجة إلى أردوغان وليس العكس وذلك بغية تفادي الوقوع كلّيا في الحضن الإيراني.

هذا ما جعل الرئيس التركي أكثر مرونة وواقعيّة، خصوصاً بعدما تصالح مع دول الخليج العربي كلّها.

لعلّ المكان الذي سيظهر فيه مدى تعقّل أردوغان، في حال حصوله، هو سورية، حيث حقّق المشروع التركي منذ العام 2011، تاريخ اندلاع الثورة الشعبيّة السوريّة، الفشل تلو الآخر بعدما انتزعت إيران المبادرة وسارعت إلى الوقوف مع نظام أقلّوي في حرب مع شعبه.

تجاهلت إيران وجود أكثريّة سنّية في سورية وعملت على إحداث تغيير ديموغرافي عميق في البلد بعدما وجدت أمامها ضياعاً تركيّاً ليس بعده ضياع تعبّر عنه هذه الأيّام تصريحات لمسؤولين أتراك جعلت المعارضة السوريّة في حيرة من أمرها.

يحتاج كلّ حرف من هذه التصريحات إلى توضيح كي يُفهم أن تركيا لم تتخل عمليّاً عن الشعب السوري ولم يضق ذرعها بالسوريين الموجودين في أراضيها.

في وقت تتحدث تركيا عن عملية عسكريّة في الشمال السوري وفي وقت تسعى إيران إلى التمدد في محيط حلب، يمكن للعلاقات بين تركيا وإسرائيل أن تزيد الضغوط على دمشق حيث النظام في وضع لا يحسد عليه في ظلّ تدهور معيشي لا سابق له في مناطق سيطرته.

تستطيع تركيا الضغط اقتصادياً وعسكرياً وزراعياً ومائياً في الداخل السوري في حال أراد ما يسمّى «محور الممانعة» ايذاء إسرائيل عن طريق استخدام الأراضي السوريّة.

أكثر من ذلك، أنّ الوجود الإيراني المتزايد في الشمال السوري، تحديداً في حلب ومحيطها، سيكون تحت خطر ضربات إسرائيلية وتهديدات تنفّذ عبر أجواء تركيا.

أمّا بالنسبة إلى الاكراد، وهو موضوع أساسي لتركيا، ربما يستطيع أردوغان تحييد الدعم الأميركي والإسرائيلي إلى هؤلاء أو تخفيفه.

تعتمد تركيا استراتيجيّة جديدة على الصعيد الإقليمي في ضوء حرب أوكرانيا واحتمال حصول الصفقة الأميركيّة - الإيرانيّة.

جعلتها هذه الإستراتيجيّة تنسى مغامرة أردوغان الذي أراد في العام 2010 فكّ الحصار عن قطاع غزّة.

كان الفشل من نصيب تلك المغامرة التي كشفت أنّ الرئيس التركي كان يتمتع في تلك المرحلة بمقدار كبير من قصر النظر والمعرفة بموازين القوى في المنطقة والعالم.

يمكن للإستراتيجيّة التركية الجديدة أن تساعد أردوغان وحزبه في الانتخابات المقبلة المتوقعة في السنة 2023.

كذلك يمكن لعودة العلاقات الإسرائيلية - التركية أن تساعد حكومة الثنائي يائير لابيد - بيني غانتس في الدولة العبرية.

يحتاج هذا الثنائي إلى مقعدين إضافيين في انتخابات الكنيست المقررة في مطلع نوفمبر المقبل كي يمنع بنيامين نتنياهو من العودة إلى موقع رئيس الوزراء.

الأكيد أنّ الإدارة الأميركيّة الحالية تلعب دوراً في دعم الثنائي لابيد - غانتس حيث تستطيع.

يبدو أنّها ليست بعيدة عن التقارب الإسرائيلي - التركي. ما هو أكيد أكثر أنّ أردوغان نفسه بدأ يعي أنّ لا مفرّ من استرضاء الولايات المتحدة.

تؤكّد ذلك زيارته لأوكرانيا حيث التقى الرئيس فولوديمير زيلينسكي بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.

لم يأبه أردوغان برد فعل بوتين على لقائه مع عدوّه اللدود.

يظهر ذلك مدى حاجة روسيا إلى تركيا في هذه الأيّام بالذات.

يعطي التحوّل في الموقف التركي فكرة عن العالم الجديد الذي يولد من رحم الحرب الأوكرانيّة.

تشكّل تركيا ودورها جزءاً من هذا العالم الجديد.

إنّه تحوّل يدعو إلى التساؤل عن موقع تركيا في المنطقة وما إذا كانت ستكون قادرة على تحقيق مكاسب تؤدي إلى تحسين وضع أردوغان في الداخل.

الجواب أن الكثير سيعتمد على ما إذا كان الرئيس التركي سيكون مستعداً للذهاب بعيداً في هذا التحوّل بعيداً عن أوهامه الشخصيّة ذات الطابع العثماني.

هناك شبكة علاقات مهمّة إلى حدّ كبير تربط بين دول البحر المتوسط. تتضمن هذه الشبكة التعاون المصري - الإسرائيلي في مجال الغاز، كذلك خطوط الغاز التي ستربط المتوسط بأوروبا التي قررت دفع ثمن الاستغناء عن الغاز الروسي، مهما كلّف الأمر.

وجد الرئيس التركي أنّه في حال كان يريد بالفعل أن تكون تركيا جزءاً من العالم الجديد، الذي لا تكون فيه أوروبا تحت رحمة الغاز الروسي، ليس أمامها سوى التصالح مع محيطها، بما في ذلك إسرائيل.

لكن هذه المصالحة ستبقى معزولة من دون مزيد من الخطوات التصالحية التركيّة تجاه قبرص واليونان من جهة ومن دون الكف عن لعب دور متذبذب في سورية من جهة أخرى.

يبدو أن روسيا، التي بدأت تأخذ علماً بحجم فشلها الأوكراني، صارت تعي بأن عليها استرضاء تركيا في سورية تحديداً حيث الاتجاه إلى تعديل اتفاق أضنة السوري - التركي لمصلحة أنقرة تفادياً لعملية عسكرية تركيّة كبيرة في الشمال السوري.

يعني ذلك ولادة «أضنة - 2» بمباركة روسيا بعمق 35 كيلومتراً داخل الأراضي السوريّة!

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا وإسرائيل وعالم ما بعد الحرب الأوكرانيّة تركيا وإسرائيل وعالم ما بعد الحرب الأوكرانيّة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025

GMT 20:36 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إسعاد يونس تتمنى أن يجمعها عمل مسرحي بشريهان

GMT 10:43 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البيتكوين تقترب من 90 ألف دولار بعد انتخاب ترامب

GMT 10:41 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يفقد أرنولد أسبوعين ويلحق بموقعة ريال مدريد

GMT 11:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجددا بعد غياب 12 عاما

GMT 13:36 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمازون تؤكد تعرض بيانات موظفيها للاختراق من جهة خارجية

GMT 13:40 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تطلق قمرا صطناعيا جديدا لرصد انبعاثات غاز الميثان

GMT 17:33 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل شخصين في الغارة الإسرائيلية على مدينة صور جنوبي لبنان

GMT 03:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض.. لغة قوية تنتظر التنفيذ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab