الشرعية في اليمن جزء من المشكلة

"الشرعية" في اليمن... جزء من المشكلة

"الشرعية" في اليمن... جزء من المشكلة

 العرب اليوم -

الشرعية في اليمن جزء من المشكلة

بقلم - خير الله خير الله

طبيعي ان تُحمّل الحكومة اليمنية "الشرعية" المجلس الانتقالي الجنوبي وقياداته "المسؤولية الكاملة عن عدم تنفيذ بنود اتفاق الرياض، وصولاً الى الانقلاب الكامل على مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن من خلال بيانهم الصادر يوم السبت 25 نيسان -ابريل 2020".

طبيعي اكثر ان تعتبر الحكومة "الشرعية" اعلان المجلس الانتقالي قيام الادارة الذاتية وحال الطوارئ في المحافظات الجنوبية "تمرداً واضحاً على الحكومة الشرعية وانقلاباً صريحاً على اتفاق الرياض واستكمالاً للتمرد المسلح على الدولة في شهر آب - اغسطس 2019، وهو محاولة للهروب من تداعيات الفشل في تقديم أي شيء للمواطنين في عدن الذين يكتوون بنار الأزمات، وانعدام الخدمات بعد التعطيل الكامل لمؤسسات الدولة والاستيلاء عليها ومنع الحكومة من ممارسة مهماتها".

ادّى تدخّل تحالف الشرعية في اليمن، وهو تحالف على رأسه المملكة العربيّة السعوديّة، الى تهدئة الوضع في عدن. لكنّ النار ما زالت تحت الرماد، لا لشيء سوى لان "الشرعية" تعيش في غيبوبة تجعلها بعيدة من الواقع والاحداث وهموم الناس. لا تستطيع هذه "الشرعية" التي على رأسها "رئيس انتقالي" هو عبد ربّه منصور هادي الاختلاء الى نفسها والتفكير في ما اذا كانت تستطيع تأدية أي خدمة لليمن باستثناء التفرّج على ما يدور في الجنوب، وفي عدن تحديدا، وفي الشمال، في مناطق سيطرة الحوثيين (انصار الله).

مشكلة اليمن كبيرة ومعقّدة في آن، لكن "الشرعية" جزء من هذه المشكلة ولا يمكن ان تكون حلّا. لعلّ افضل ما يستطيع تحالف دعم الشرعية، الذي على رأسه المملكة العربية السعودية، عمله هو إعادة تركيب "الشرعية". كلّ ما عدا ذلك دوران في حلقة مقفلة وسقوط في فخّ الحلف غير المقدّس القائم بين الحوثيين (انصار الله) والاخوان المسلمين. هؤلاء يحتلون مواقع مهمّة في التركيبة الحالية لـ"الشرعية" ويجدون مصلحة في استمرار الوضع الراهن الى ما لا نهاية في انتظار اليوم الذين يسيطرون فيه على عدن ومدن أخرى ليس من الضرورة ان تكون في الجنوب اليمني. فعين الاخوان دائما على تعز، اكبر المدن اليمنية وعاصمة الوسط الشافعي ذي الكثافة السكانية الأعلى نسبة في البلد. تحوّلت تعز بكلّ ما فيها من تراث ثقافي وحضاري وثروات إنسانية في كلّ المجالات الى ضحية من ضحايا الحرب اليمنية المستمرّة منذ 2011 تاريخ بدء الانقلاب على نظام علي عبدالله صالح الذي ما لبث ان قدّم استقالته في شباط – فبراير 2012 معتقدا انّه سيتمكن من العيش في صنعاء بصفة كونه زعيم حزب سياسي له وجوده الحقيقي في مناطق عدّة، بل في كلّ المحافظات. هذا على الأقل ما كان يعتقده علي عبدالله صالح الذي اصرّ الحوثيون على اغتياله في كانون الاوّل -ديسمبر من العام 2017.

الأكيد ان المجلس الانتقالي اقدم قبل ايّام على مغامرة أخرى. من المفيد ملاحظة انّه لم يعلن الانفصال. اكتفى بالكلام عن "الادارة الذاتية". استغلّ من دون شكّ الحال المزرية التي تعاني منها عدن التي تعرّضت لكارثة السيول التي كشفت انّه لم يعد من وجود لبنية تحتية من ايّ نوع في المدينة وان مستوى الخدمات فيها تراجع الى حدّ كبير... بل الى درجة لا يمكن تصوّرها.

هناك غياب تام لـ"الشرعية" عن عدن. وجود عدد من الوزراء فيها لا يقدّم ولا يؤخر. بكلام أوضح، هناك "شرعية" تمتلك اجندة خاصة بها. هناك عبد ربّه منصور والمجموعة المحيطة به التي تتابع الامور التي تهمّها، خصوصا في مجالات تجارية. لعلّ الوثائق التي كشفت عن كمّيات النفط التي تُفرّغ في ميناء الحديدة ابرز دليل على ذلك. امّا الاخوان المسلمون المدعومون من تركيا على وجه الخصوص، فلديهم اجندة مختلفة مرتبطة بالشبق الى السلطة وإقامة امارة خاصة بهم على جزء من الأرض اليمنية. المشروع الاخواني مشروع سياسي اوّلا وأخيرا. وهذا يفسّر التفاهمات من تحت الطاولة ومن فوقها مع الحوثيين. وهي تفاهمات تشمل الوضع القائم في تعز، وهو وضع عنوانه الجمود المستمرّ منذ سنوات عدّة على تلك الجبهة. يترافق ذلك مع اختراقات عسكرية يحقّقها الحوثيون في مناطق شمالية عدّة، خصوصا في الجوف وحتّى في محيط مأرب.

لا يمكن تحقيق أي تقدّم في اليمن في ظلّ "شرعية" تضحك على نفسها وعلى العالم، "شرعية" تقول في بيانها الأخير: "ثمنت الحكومة حالة الاجماع الوطني من كافة المحافظات وعلى وجه الخصوص السلطات المحلية في المحافظات الجنوبية ومن كل الاحزاب والمكونات السياسية وكافة أبناء الشعب اليمني في مختلف المحافظات الذين أكدوا رفضهم لهذه الخطوات الطائشة، داعية أبناء شعبنا اليمني فوق كل أرض وتحت كل سماء إلى رص الصفوف وتعزيز اللحمة الوطنية لإسقاط أي محاولات للمساس بوحدة الوطن، ورفض ما صدر عن المجلس الانتقالي والوقوف مع الدولة في مواجهة كافة اشكال التمرد والانقلاب".

لا يمكن لمثل هذا الكلام ان يصدر عن مجموعة تعيش على ارض الواقع وتدري ما يدور عليها وتتحمل مسؤولياتها. في النهاية، ان جماعة المجلس الانتقالي ليسوا قديسين وقد ارتكبوا أخطاء كثيرة، لكنّهم يمثلون جزءا من عدن ومن اهل عدن ومن المناطق المحيطة بها. كان في استطاعة "الشرعية" اخراسهم لو فعلت شيئا لعدن. للأسف الشديد، لم تقم "الشرعية" بشيء. ليس سرّا من كان وراء تحرير عدن من الحوثيين. ليس سرّا ان "الشرعية" كانت تسيطر على صنعاء في مرحلة معيّنة قبل الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014. ما الذي فعلته من اجل المحافظة على العاصمة في تلك الايّام. الم يدرِ عبد ربّه منصور في صيف العام 2014 ان سقوط محافظة عمران يعني سقوط صنعاء وانّه كان عليه استخدام القوات العسكرية التي في امرته من اجل الحؤول دون ذلك بدل العمل على تصفية حساباته مع علي عبدالله صالح بحسناته وسيئاته؟

ثمّة حاجة الى التعاطي مع الموضوع اليمني بعيدا عن الاوهام. حسنا فعل تحالف دعم الشرعية بالدعوة الى العودة الى اتفاق الرياض الذي وقّعته "الشرعية" مع المجلس الانتقالي. مثل هذه الدعوة مهمّة، خصوصا اذا ترافقت مع جهود لإعادة تركيب "الشرعية"، اقلّه من اجل ان تكون عاملا فاعلا في مواجهة الحوثيين الذين ما زالوا، الى اشعار آخر، مجرّد أداة إيرانية لا اكثر. في غياب خطوة في هذا الاتجاه، سيسعى كلّ طرف يمني يمتلك قوّة على الأرض الى تدبير أوضاعه بنفسه في بلد سيمضي سنوات طويلة قبل إيجاد صيغة جديدة تعيده الى خريطة المنطقة بشكل او بآخر.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرعية في اليمن جزء من المشكلة الشرعية في اليمن جزء من المشكلة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab