التخلّص من الهوية الفلسطينيّة بالعنصريّة

التخلّص من الهوية الفلسطينيّة... بالعنصريّة

التخلّص من الهوية الفلسطينيّة... بالعنصريّة

 العرب اليوم -

التخلّص من الهوية الفلسطينيّة بالعنصريّة

بقلم - خير الله خير الله

يعبّر التصرّف الإسرائيلي تجاه الضفة الغربية منذ سنوات طويلة عن سياسة تقوم على فكرة أنّ الضفّة ارض متنازع عليها وليست ارضاً محتلة في العام 1967 يجب أن تعود إلى أهلها، تماماً كما عادت سيناء إلى مصر.

بالنسبة إلى إسرائيل، لا ينطبق القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نوفمبر 1967 على الضفّة الغربيّة. تتسلّح إسرائيل بأنّ الضفة الغربية والقدس الشرقيّة كانتا تحت السيادة الأردنيّة قبل حرب يونيو 1967 وأنّه إذا كان من مفاوضات في شأن مستقبلهما، فإنّ هذه المفاوضات تكون مع الأردن.

لا أساس لمثل هذا الادعاء نظراً إلى أنّ إسرائيل نفسها رفضت دائماً أي تفاوض مع الأردن، إن في ما يتعلّق بالقدس أو في ما يتعلّق بالضفّة الغربيّة.

رفضت مثلاً، مطلع سبعينات القرن الماضي، أي طرح يستهدف التوصل إلى فك ارتباط في الضفة الغربيّة بدءاً بأريحا، على غرار ما حصل في سيناء مرّتين أو في الجولان لمرّة واحدة.

الواقع، أن إسرائيل رفضت دائماً فكرة التفاوض مع الأردن في أي مرحلة من المراحل بعد احتلالها الضفّة الغربيّة. كان الأردن مستعداً للتفاوض في شأن حلّ مرحلي يؤدي إلى إنهاء احتلال الضفة الغربيّة والقدس الشرقيّة إلى أن جاء قرار القمة العربيّة في الرباط التي انعقدت في العام 1974.

قضى القرار بإعلان «منظمة التحرير الفلسطينيّة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني».

بعد هذا القرار، لن يعد الأردن في وضع يسمح له بالتفاوض في شأن مستقبل الضفّة. لكن المقدسات المسيحيّة والإسلامية في القدس بقيت في عهدة الهاشميين بموافقة اسرائيليّة، نتيجة إصرار اردني في سياق التفاوض في شأن اتفاق السلام الأردني – الإسرائيلي الذي وقّع في أكتوبر 1994...

لم يكن قرار اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني قراراً صائباً مئة في المئة. اتخذ القرار بضغط فلسطيني في ظلّ رغبات عربيّة بالانتقام من الأردن. كان يعبر عن هذه الرغبات زعماء ضيقو الأفق من طينة الرئيس الجزائري هواري بومدين الذي كان يكنّ عداء لا مبرّر له للملك حسين بسبب احداث سبتمبر 1970 في الأردن.

لم يدرك بومدين أن تلك الأحداث، التي انتهت بخروج المقاتلين الفلسطينيين من الأردن إلى لبنان، انقذت العرش الأردني وانقذت الفلسطينيين في الوقت ذاته. انقذت قادة الفصائل الفلسطينية من انفسهم كونها وضعت حدّاً لفكرة الوطن البديل للفلسطينيين الذي كانت تتطلع إليه اسرائيل.

حافظ الأردن على المشروع الوطني الفلسطيني بدل ان يتحول إلى ارض محروقة وساحة لفصائل فلسطينية كانت تقول ان طريق القدس يمر بعمان ثمّ راحت تقول إنّه يمر ببيروت !

قبل وصول وضع الضفّة إلى ما وصل إليه حالياً، استفادت إسرائيل إلى ابعد حدود من خسارة الجانب العربي الحجة القانونيّة التي كان يستطيع الاستناد عليها من أجل استرجاع السيادة الأردنيّة، أي العربيّة، على القدس الشرقيّة والضفّة الغربيّة.

هذا الماضي مضى.

لا بدّ من التعاطي مع الحاضر ومع ما تقوم به حكومة إسرائيلية عنصريّة على رأسها بنيامين نتنياهو. لم يعد وزير المال في هذه الحكومة بتسلئيل سموتريتش يتردّد في الدعوة إلى «محو» بلدة حوارة الفلسطينية القريبة من نابلس.

قضت إسرائيل عملياً على حل الدولتين، كما قال القيادي الفلسطيني محمد دحلان في حديث مع الزميلة جيزيل خوري في «سكاي نيوز». كان دحلان على حقّ عندما طرح في سياق الحديث خيار الدولة الواحدة الذي ترفضه إسرائيل التي لا تعرف بالفعل ما الذي تريده باستثناء تكريس الاحتلال إلى ما لا نهاية.

مثل هذا الخيار الإسرائيلي مستحيل لسبب في غاية البساطة. يعود هذا السبب إلى أنّ ليس في الإمكان تجاهل وجود بين سبعة وثمانية ملايين فلسطيني بين البحر المتوسط ونهر الأردن.

على الرغم من كلّ الأخطاء التي ارتكبتها القيادات الفلسطينية، اكان ذلك في الأردن أو لبنان أو داخل فلسطين.

على الرغم من حال الفراغ التي تعاني منها، حالياً، الضفة الغربيّة حيث لا وظيفة للسلطة الوطنيّة، التي تتهرّب من أي انتخابات، سوى وظيفة تنفيذ المطلوب منها إسرائيلياً... وفيما لا وظيفة لـ«حماس» سوى تشويه صورة الفلسطيني في العالم، تبقى حقيقة واحدة.

تتمثل هذه الحقيقة في العجز الإسرائيلي عن التكيف مع ما يدور على ارض فلسطين. لا وجود لأي رؤية إسرائيلية لكيفية العيش مع الشعب الفلسطيني، بل لا وجود لحكومة قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية... بما في ذلك التحدي الإيراني الذي ترمز اليه الصواريخ والمسيّرات.

كلّ ما في الأمر أنّ نتنياهو يريد انقاذ مستقبله السياسي بأي ثمن كان. سيقضي على السلطة القضائية في إسرائيل وسيقضي على أي فرصة تسمح بتحولات على الصعيد الإقليمي تسمح بوجود سلام واستقرار وتعاون بين دول المنطقة.

تغيّر الشرق الأوسط بعدما صار العراق ابتداء من العام 2003 هماً عربياً أكبر من همّ فلسطين، إثر تسليم إدارة بوش الابن هذا البلد المهمّ إلى ايران.

لم تعد القضيّة الفلسطينيّة في الواجهة.

هناك عرب يتاجرون بفلسطين لتغطية عمالتهم لإيران، خصوصاً أولئك الذين ينادون بشعار «البوصلة فلسطين». لا يحتاج الجيل الجديد من الفلسطينيين إلى هؤلاء المتاجرين بقضيتهم. حصل تغيير لدى الجيل الشاب الفلسطيني، وهو جيل لن يقبل استمرار الاحتلال إلى ما لا نهاية.

لا بدّ من الاعتراف بوجود هوة بين السلطة الوطنية و«حماس» من جهة والجيل الشاب الفلسطيني من جهة أخرى. لكنّ لا مفرّ من الاعتراف، في الوقت ذاته، بأنّ إسرائيل لم تعد إسرائيل عندما يكون رئيس الحكومة فيها في حاجة إلى تفادي العدالة بدل المثول امامها !

إسرائيل لم تعد إسرائيل بعدما تبيّن أن اعتبار الضفّة الغربيّة أرضاً متنازعاً عليها مجرّد شعار استخدم لتمرير مرحلة معيّنة تجاوزتها الأحداث وتجاوزتها خصوصاً حقيقة وجود شعب فلسطيني يمتلك هوية وطنيّة خاصة به، هوية يستحيل التخلص منها بالعنصرية !


 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التخلّص من الهوية الفلسطينيّة بالعنصريّة التخلّص من الهوية الفلسطينيّة بالعنصريّة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab