بين بريغوجين وحسين كامل

بين بريغوجين... وحسين كامل!

بين بريغوجين... وحسين كامل!

 العرب اليوم -

بين بريغوجين وحسين كامل

بقلم - خيرالله خيرالله

«كل الذين نظموا هذا التمرد ووجهوا بنادقهم إلى صدور إخوتهم في السلاح، خانوا روسيا وسيدفعون الثمن». هذا ما قاله فلاديمير بوتين في اليوم التالي لتمرّد يفغيني بريغوجين قائد مجموعة «فاغنر» التي لعبت دوراً أساسياً في دعم الجيش الروسي في حرب أوكرانيا.

انتظر بوتين شهرين، بالتمام والكمال، على تمرّد قائد «فاغنر» وزحفه في اتجاه موسكو وتوقفه على مسافة 200 كيلومتر من العاصمة الروسيّة، كي يصفي حساباته مع الرجل الذي كان قريباً منه، لكنّه لم يستطع سبر أغوار شخصه وطباعه. كان بريغوجين، خريج السجون التي دخلها باكراَ، بين الارتكابات الكثيرة لبوتين منذ ما قبل توليه الرئاسة في العام 2000.

في النهاية، يبقى كل شيء مسموحاَ بالنسبة إلى الرئيس الروسي باستثاء «الخيانة»، على حد تعبيره في مقابلة تلفزيونية تعود إلى العام 2018. في 23 أغسطس 2023، جرت تصفية لقائد «فاغنر» مع مجموعة من المحيطين به. قدّم بوتين تعازيه، حسب الأصول المتبعة. أصرّ على تبرئة ذمته من دم رجل ارتكب فعل «الخيانة»!

يعرف الرئيس الروسي، مثله مثل كلّ الديكتاتوريين في هذا العالم، أنّ أي تراجع عن ممارسة السلطة بشكل كامل بمثابة بداية النهاية.

لا يمكن للديكتاتور قبول أي تحدٍّ لسلطته أو اعتداء عليها... أو انتقاص منها. لذلك حكم قائد «فاغنر» على نفسه بالإعدام في اللحظة التي انسحب فيها من أوكرانيا، وقبل ذلك، عندما بدأ يكشف مدى ضعف الجيش الروسي وكبار الضباط الذي يقودون الحرب الأوكرانيّة.

أكثر من ذلك، راح بريغوجين يشكو من تخاذل المؤسسة العسكرية الروسيّة التي حققت شبه انتصار وحيد منذ بدء الحرب الأوكرانيّة في باخموت. في الواقع، كانت «فاغنر» وبريغوجين شخصياً وراء تحقيق شبه الانتصار ذلك.... وهو انتصار سعى كبار الضباط في الجيش الروسي إلى نسبه إليهم.

أسئلة كثيرة تطرح نفسها في ضوء تفجير طائرة بريغوجين، بقنبلة زرعت في داخلها أو بواسطة صاروخ اطلق في اتجاهها في أثناء رحلة بين موسكو وسانت بطرسبرغ. يرجّح الجانب الأميركي نظريّة الصاروخ، وهو ما يؤكّده خبراء عسكريون شاهدوا ما حصل مع طائرة الركاب، وهي من صنع برازيلي وتعتبر بين الأكثر أماناً في العالم، قبل سقوطها.

يبدو أنّ الأجهزة التابعة لبوتين أعدّت العملية بشكل متقن. أرادت التخلّص من بريغوجين بأي ثمن بعدما بات قائد «فاغنر» يشكل تشكيكاً من نوع ما بالسلطة المطلقة للرئيس الروسي.

يعرف بوتين مثل كثيرين أنّ «الانتقام طبق يؤكل بارداً»، كما يقول المثل الفرنسي. لذلك سعى إلى طمأنة بريغوجين في مرحلة ما بعد تمرّده.

أظهر له كلّ ودّ وسمح له بحضور القمّة الروسية ـ الأفريقية التي انعقدت قبل نحو شهر.

ظهر قائد «فاغنر» يتحدّث، في القمّة، إلى مسؤولين أفارقة. بعدما شعر بريغوجين أنّه صار في أمان وأن الرئيس الروسي راضٍ عنه، عاود نشاطه في أفريقيا. عاد إلى موسكو من رحلة إلى مالي حيث هناك وجود لـ«فاغنر».

أفادت صحف أوروبيّة أنّ بريغوجين، عاد من مالي إلى موسكو عن طريق دمشق وكان يستخدم طائرة شحن عسكريّة من طراز «اليوشين».

في موسكو، كان كلّ شيء معداً لكتابة الفصل الأخير من رحلة بريغوجين الذي استقل مع عدد من مساعديه طائرة خاصة انطلقت من موسكو إلى سانت بطرسبرغ وانفجرت في الجو وما لبثت أن اشتعلت. تبيّن بكل بساطة أنّ بريغوجين لا يعرف بوتين لا أكثر. لا يعرف أنّ لا أحد في هذا العالم لا يمكن الاستغناء عنه.

من بين الأسئلة التي ستفرض نفسها في المستقبل القريب، ما مصير «فاغنر»؟ هل من حياة أو وظيفة أخرى لها في غياب بريغوجين؟ ما الذي سيحلّ بالوجود الروسي في أفريقيا، في مالي وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى وحتّى ليبيا. كذلك، هناك وجود لـ«فاغنر» في سورية، إلى جانب القوات التابعة للنظام والميليشيات المذهبيّة التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.

كلّ هذه الأسئلة غير مهمّة بالنسبة إلى الديكتاتور الروسي الذي لا يهمّه سوى الولاء الأعمى له. تأتي بعد ذلك، في مرتبة ثانية أو ثالثة، المغامرات العسكرية والنتائج المترتبة عليها. كلّ ما يهمّ بوتين هو السلطة. يدرك أن أي تراجع سيعني، بين ما سيعنيه أنّه سيكون عليه مغادرة الكرملين.

لم يكن بريغوجين أكثر من رجل جاهل يشبه إلى حدّ كبير حسين كامل وقصته مع صدّام حسين. غاب عنه أنّ الشبه كبير بين الرئيس العراقي الراحل والرئيس الروسي الحالي. لو علم قائد «فاغنر» بقصّة حسين كامل، لما كان قبل يوماً العودة إلى موسكو ما دام بوتين في الكرملين.

ليس سرّاً أن قصة حسين كامل، الذي يقرأ ويكتب بالكاد، والذي كان متزوجاً من رغد، ابنة صدّام، في غاية البساطة. صيف العام 1995، فرّ صهر الرئيس العراقي إلى الأردن مع زوجته وشقيقه صدّام كامل الذي كان بدوره متزوجاً من ابنة أخرى لصدّام.

بعد أشهر عدّة في عمان، اقنع صدّام حسين كامل، عبر وسطاء، بالعودة إلى بغداد وبالعفو عنه. عاد حسين كامل بالفعل إلى العاصمة العراقيّة. تولّى أبناء العشيرة، على رأسهم علي حسن المجيد، قريب حسين كامل، تصفية الرجل وشقيقه بعد طلاقهما من زوجتيهما.

لم ينتظر الرئيس العراقي الراحل شهرين، كما فعل بوتين، لتنفيذ حكم الإعدام بمن كان أقرب الناس إليه وما لبث أن تمرّد وخانه بالفعل.

لقي بريغوجين مصيراً كان يسعى إليه لا أكثر، لكنّ مقتله يشير إلى أزمة عميقة في روسيا حيث لم يعرف بوتين سوى ارتكاب الأخطاء غير مدرك، منذ غزو أوكرانيا في 24 فبراير 2022، أنّه وقع في فخّ نصبه لنفسه، على غرار الفخّ الذي وقع فيه صدّام حسين عندما اتخذ قراراً بغزو الكويت في الثاني من أغسطس 1990!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين بريغوجين وحسين كامل بين بريغوجين وحسين كامل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab