أميركا وكيميائي الغوطة

أميركا... وكيميائي الغوطة

أميركا... وكيميائي الغوطة

 العرب اليوم -

أميركا وكيميائي الغوطة

بقلم - خيرالله خيرالله

يبدو قصور السياسة الأميركيّة تجاه سورية والشعب السوري من نوع السياسات التي ليس بعدها قصور. ليس ما يوحي بأنّ هذا القصور غير متعمّد.

بعد عشر سنوات على مجزرة السلاح الكيميائي الذي استهدف أهل الغوطة، في محيط دمشق، يظهر واضحاً أن الإدارات الأميركية الثلاث، منذ اندلاع الثورة السوريّة، لا تمتلك سوى هدف واحد

يتمثّل هذا الهدف في تفتيت هذا البلد في سياق إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط لمصلحة إيران ومشروعها التوسعي. ليست هناك فوارق كبيرة، في ما يخص سورية، بين إدارة باراك أوباما التي خلفتها إدارة دونالد ترامب ثم إدارة جو بايدن التي يمكن وصفها بالإدارة الحائرة.

في أغسطس من العام 2013، كان باراك أوباما رئيساً للولايات المتّحدة. وقتذاك، هدّد الرئيس الأميركي، بشار الأسد بعواقب وخيمة في حال لجوئه إلى استخدام السلاح الكيميائي في حربه على الشعب السوري. وصف استخدام مثل هذا السلاح بأنّه «خط أحمر» لن تسمح الولايات المتحدة بتجاوزه.

ما حدث أن بشّار استخدم السلاح الكيميائي بعدما اقترب الثوار السوريون من قلب دمشق. كانت النتيجة قتل مئات السوريين وإصابة آلاف بجروح.

 

فجأة، بات أوباما يرى كلّ الألوان باستثناء اللون الأحمر الذي لم يعد له وجود، أقلّه بالنسبة إليه. ما الذي جعل الرئيس الأميركي يغيّر موقفه من استخدام السلاح الكيميائي، هو الذي قال في العام 2011، موجهاً كلامه إلى حسني مبارك (الرئيس المصري وقتذاك) إن عليه الرحيل «أمس قبل اليوم»؟

لم يلجأ حسني مبارك إلى السلاح الكيميائي ولا لأيّ نوع آخر من السلاح في المواجهة مع الانتفاضة الشعبية المصريّة. فضّل في نهاية المطاف الانسحاب بعدما اكتشف أنّ الشعب، بأكثريته، يعارض بقاءه في السلطة، فيما ليس ما يضمن ولاء الجيش لشخصه ومشروع توريث نجله جمال.

من دون مقدمات، تراجع أوباما عن استخدام القوّة في التعاطي مع بشّار الأسد. تبيّن لاحقاً أن سببين يقفان وراء استدارته الكاملة.

الأوّل الخوف على المفاوضات السرّية مع ايران في شأن ملفّها النووي والآخر الدور الذي لعبه فلاديمير بوتين في إقناعه بحمل النظام السوري على التخلي عن مخزون السلاح الكيميائي الذي يمتلكه.

بعد مرور عشر سنوات على استخدام السلاح الكيميائي في غوطة دمشق، لا يزال النظام السوري قائماً وإن على أنقاض سورية وإن في ظلّ خمسة احتلالات. ما لم يتغيّر أن ثورة الشعب السوري مستمرّة. يؤكّد ذلك أنّ تلك الثورة لم تكن ثورة عابرة ولن تكون وأنّ السوريين، جميع السوريين، يريدون التخلّص من نظام أقلّوي تدعمه إيران وروسيا.

تريد الأكثريّة السوريّة التخلّص من نظام قتل ما لا يقلّ عن نصف مليون سوري وهجّر نحو عشرة ملايين آخرين في الداخل السوري وإلى دول الجوار. لا وجود لحدّ أدنى من الاحترام لكرامة المواطن ما دام هذا النظام، المدين في بقائه لإيران وروسيا، موجوداً.

اختزل أوباما كلّ مشاكل المنطقة وأزماتها بالملفّ النووي الإيراني. في صيف العام 2015 توصل إلى اتفاق مع «الجمهوريّة الإسلاميّة». كان الاتفاق بين مجموعة البلدان الخمسة ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، زائداً ألمانيا من جهة وإيران من جهة أخرى. لكنّه كان في العمق اتفاقاً أميركياً - إيرانيا. الدليل على ذلك أن الاتفاق لم يعد قائماً عندما مزّقه دونالد ترامب في مايو من العام 2018.

صحيح أنّ هذا الاتفاق، الذي سعى إليه أوباما، قيّد النشاط النووي لإيران في حدود معيّنة، لكنّ الصحيح أيضاً أنّه وفّر لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» مليارات الدولارات أنفقها «الحرس الثوري» على نشاط ميليشياته المذهبية في كلّ أنحاء المنطقة، بما في ذلك سورية.

بفضل الدعم الروسي المباشر ابتداءً من خريف العام 2015، تراجعت الثورة السورية التي هددت في مرحلة معيّنة الساحل، حيث الكثافة العلوية، ودمشق نفسها.

مكّن بوتين، الذي كان يعمل بالتفاهم الوثيق مع إيران وبالتنسيق مع «الحرس الثوري»، الأسد من البقاء في دمشق. أرسلت روسيا قاذفات إلى قاعدة حميميم القريبة من اللاذقية وفكّت الحصار على الساحل السوري، فيما تولّت ميليشيات تابعة لإيران مساعدة الأسد ببسط سلطته في المناطق المحيطة في دمشق. هذه المناطق التي عادت تتحرّك اليوم في وقت تعمّ الاضطرابات الساحل السوري.

لم يتغيّر شيء في العمق السوري، هل تتغيّر أميركا؟

بعد عشر سنوات على استخدام الكيميائي في الغوطة وظهور التخاذل الأميركي، لا يزال الشعب السوري مصرّاً على التغيير.

ما الذي ستفعله الإدارة الأميركيّة الحالية التي باتت تعرف جيداً أنّ الفضل في بقاء الأسد في دمشق يعود إلى «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران وإلى بوتين الذي يظنّ أن في استطاعته استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي وتحويل الاتحاد الروسي إلي قطب عالمي عن طريق مغامرات من نوع المغامرة السوريّة. ليس معروفاً هل سيحصل تغيّر في الموقف الأميركي في المستقبل القريب. ليس معروفاً هل يتبع جو بايدن الخط الذي اتبعه أوباما، أم تتولّد لديه قناعة بأن الرئيس السابق، الذي كان هو نائباً له، ارتكب في العام 2013 خطأ لا يغتفر عندما تراجع عن تهديداته للأسد.

ساهم هذا الخطأ في جعل بوتين يشعر بأنّ أميركا ليست دولة مهمّة وأنّ في استطاعته الضحك عليها، تماماً كما حصل عندما أقنع أوباما بالاكتفاء بسحب مخزون السلاح الكيميائي من سورية. هذا الخطأ الذي ارتكبه أوباما جعل بوتين يعتقد أنّ غزو أوكرانيا سيكون مجرّد نزهة أخرى على طريقة نزهته السوريّة.

في غياب التغيير الأميركي، سيستمر الوضع السوري في التدهور. لا معنى آخر لهذا التدهور ولا نتيجة له سوى مزيد من التفتت لما كان يعرف بـ«الجمهوريّة العربيّة السوريّة». هل هذا ما تريده الولايات المتحدة وما تسعى إليه فعلاً؟

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا وكيميائي الغوطة أميركا وكيميائي الغوطة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab