حرب غزّة والمأزق الأميركي

حرب غزّة والمأزق الأميركي

حرب غزّة والمأزق الأميركي

 العرب اليوم -

حرب غزّة والمأزق الأميركي

بقلم - خيرالله خيرالله

ليس ما يشير إلى أن حرب غزّة يمكن أن تنتهي قريبا، خصوصا أن بنيامين نتنياهو يجد لنفسه مصلحة في استمرار هذه الحرب التي لم تعد مأزقا إسرائيليا وحمساويا فحسب، بل صارت أيضا مأزقا أميركيّا. هل تصبح هذه الحرب استثمارا إيرانيا ناجحا بعدما تبيّن بوضوح أن “الجمهوريّة الإسلاميّة” استطاعت، أقلّه إلى يومنا هذا، أن تكون المستفيد الأول من حرب غزّة على حساب العراق وسوريا ولبنان واليمن. تبيّن أن لدى إيران أدوات فعالة في البلدان الأربعة تغنيها عن الدخول المباشر في أي مواجهة مع إسرائيل. يؤكد ذلك تفادي “الجمهوريّة الإسلاميّة” الردّ الجدي على قتل إسرائيل، قبل نحو خمسة أسابيع، مجموعة من كبار ضباط “فيلق القدس” التابع لـ“الحرس الثوري” كانوا في القنصلية الإيرانية بدمشق.

نفّذت إيران هجوما استعراضيا ردّا على تدمير قنصليتها في دمشق. ما لبثت إسرائيل أن ضربت أهدافا عسكريّة مهمّة في أصفهان. لم يعرف الكثير عن الضربة الإسرائيلية وما إذا كانت ذات أهمّية حقيقية. المهمّ أن إيران غضت النظر عن تلك الضربة ونتائجها وقرّرت العودة إلى سياستها التقليدية. تقوم هذه السياسة على استخدام الميليشيات المذهبيّة التابعة لـ“الحرس الثوري” في لبنان وسوريا والعراق واليمن في “مساندة غزّة” على أن يتحمل اللبنانيون والسوريون والعراقيون واليمنيون تبعات هذه المساندة. الأكيد أن آخر ما يهمّ إيران ما يحل بلبنان وسوريا والعراق ومناطق سيطرتها في اليمن. المهمّ أن يكون أبناء البلدان الأربعة في خدمة المشروع التوسعي الإيراني من جهة وفي خدمة الدفاع عن النظام الإيراني وحمايته من السقوط من جهة أخرى.

◄ لا مفرّ من كلام واضح في شأن المرحلة التي دخلتها حرب غزّة وذلك بعدما تبيّن أنّ نتنياهو يراهن على استمرار الحرب فيما لا وجود لقدرة أميركيّة على وضع حدّ للوحشيّة الإسرائيلية

قضت إسرائيل على غزّة من دون القضاء نهائيا على “حماس” التي لا تزال تمتلك ورقة الأسرى الإسرائيليين. هذه ورقة لا قيمة لها سوى من زاوية واحدة هي تأمين السلامة الشخصية، في يوم من الأيّام، لقياديي “حماس” مثل يحيى السنوار ومحمّد الضيف وآخرين اتخذوا قرار شن هجوم “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي.

من بين مآسي حرب غزّة، حجم التدمير الذي حل بالقطاع. تشير أرقام مصدرها الأمم المتحدة إلى الحاجة إلى سنوات طويلة لإزالة الركام الذي خلفته إسرائيل في غزّة. تحدث أحد كبار موظفي الأمم المتحدة عن وجود 37 مليون طنّ من الركام في غزّة. قال هذا الموظّف “الحاجة إلى أربعة عشر عاما لإزالة الركام”!

يظلّ أخطر ما في الأمر أن إسرائيل غير مهتمة بأي تسوية سياسيّة. يشير غياب الاهتمام الإسرائيلي بتسوية سياسيّة إلى هامش المناورة الضيّق لدى إدارة جو بايدن التي تعرف، قبل غيرها، أنّ كلّ كلام عن تحسن العلاقات بين المملكة العربيّة السعوديّة وإسرائيل يظل كلاما لا معنى له في غياب ثمن سياسي تدفعه الدولة العبريّة. لمثل هذا الثمن السياسي معنى واحد هو الانتقال من حرب غزّة إلى خيار الدولتين مع كل ما يتضمنه مثل هذا الخيار من ضمانات لأمن إسرائيل كي لا يتكرّر هجوم “طوفان الأقصى” يوما.

لا تستطيع الولايات المتحدة الإقدام على أي خطوة في اتجاه عقد اتفاقات دفاعيّة مع السعوديّة ودول الخليج من دون حصول تقارب سعودي – إسرائيلي. مثل هذا التقارب يبدو مستحيلا ما دام بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية وما دام إنقاذ مستقبله السياسي يعتمد على بقاء الحكومة الحالية التي تضمّ وزراء من طينة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وغيرهما. هؤلاء الوزراء يعيشون في عالم آخر لا علاقة له بالعالم الحقيقي، أي بوجود شعب فلسطيني على أرض فلسطين. شعب يمتلك حقوقه المشروعة التي لن تتبخّر بغض النظر عمّا حل بغزّة.

◄ غياب الاهتمام الإسرائيلي بتسوية سياسيّة يشير إلى هامش المناورة الضيّق لدى إدارة بايدن التي تعرف أنّ كلّ كلام عن تحسن العلاقات بين السعوديّة وإسرائيل هو كلام لا معنى له

في كلّ يوم يمرّ تتحوّل الأزمة التي تعيش في ظلّها إسرائيل إلى أزمة أميركيّة. صار المأزق الإسرائيلي مأزقا أميركيا يتفاعل في داخل الولايات المتحدة نفسها حيث كلّ هذا الغليان في جامعات مرموقة بسبب ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني في غزّة. لا سابق لهذا الغليان في الجامعات الأميركيّة سوى في سبعينات القرن الماضي حين كان الطلاب يعترضون على استمرار حرب فيتنام التي انتهت في آخر نيسان – أبريل 1975.

لا مفرّ من كلام واضح في شأن المرحلة التي دخلتها حرب غزّة وذلك بعدما تبيّن أنّ رئيس الحكومة الإسرائيليّة يراهن على استمرار الحرب فيما لا وجود لقدرة أميركيّة على وضع حدّ للوحشيّة الإسرائيلية. يحصل ذلك فيما لا مصلحة لدى “حماس” التي طرحت شروطا مستحيلة تؤمن عودة “الإمارة الإسلاميّة”، التي أقامتها في غزّة منذ منتصف العام 2007، وكأنّ شيئا لم يكن. ترفض “حماس” أخذ علم بما حلّ بغزّة وأهلها. لا تدرك أنّ ليس في هذا العالم من هو مستعد للعودة إلى وضع كان قائما قبل يوم السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر 2023. لا يستطيع العالم العودة إلى ما قبل ذلك اليوم لسبب في غاية البساطة يتمثّل في أنّ غزّة التي عرفناها لم تعد موجودة!

في غياب الدور الأميركي الفاعل، وهو دور من النوع الذي مارسته إدارة جورج بوش الأب في مرحلة ما قبل إنهاء الاحتلال العراقي للكويت مطلع العام 1991، عندما ضبطت أميركا إسرائيل ووضعتها في حجمها الحقيقي، لم يعد من مجال لأي تسويات سياسيّة. لا مكان في المدى المنظور للغة العقل التي تعني وقفا لإطلاق النار في غزّة. لا مكان سوى للرؤوس الحامية مثل رأس “بيبي” ورأس “حماس” التي تعتقد أنّها انتصرت في حرب غزّة. أمّا الإدارة الأميركية فهي تكتفي بلعب دور المتفرّج من منطلق أنّ همّ جو بايدن محصور بهمّ العودة إلى البيت الأبيض في انتخابات تشرين الثاني – نوفمبر المقبل. لا هو قادر على منع المأزق الإسرائيلي من التحوّل إلى مأزق أميركي ولا هو قادر على طمأنة الدول الخليجية، في مقدمها السعوديّة، ولا على مواجهة المشروع التوسّعي الإيراني بالطريقة التي يفترض أن يُواجَه بها.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب غزّة والمأزق الأميركي حرب غزّة والمأزق الأميركي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab