«حماس» خسرت وإسرائيل لم تربح

«حماس» خسرت... وإسرائيل لم تربح

«حماس» خسرت... وإسرائيل لم تربح

 العرب اليوم -

«حماس» خسرت وإسرائيل لم تربح

بقلم - خير الله خير الله

خسرت «حماس» حرب غزّة، لكنّ إسرائيل لم تربح هذه الحرب ولا يمكن أن تربحها. خسرت «حماس» لأنّها تسببت في تدمير قطاع غزّة على رؤوس الغزاويين ولأنّها لا تمتلك، أصلاً، مشروعاً سياسياً قابلاً للحياة باستثناء إقامة «إمارة إسلاميّة» على الطريقة الطالبانيّة (نسبة إلى طالبان) في القطاع من جهة وتغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني نحو ترسيخ ثقافة الموت فيه من جهة أخرى.

يؤكّد ذلك هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي، أي قبل ما يزيد على مئتي يوم. ما الهدف السياسي الذي كان وراء الهجوم غير إعادة الاحتلال الإسرائيلي إلى القطاع الذي انسحبت منه الدولة العبريّة في أغسطس من العام 2005 بعدما فككت المستوطنات التي كانت أقامتها فيه؟ لا وجود لمثل هذا الهدف في حين تعجز «حماس» عن تحديد خياراتها وإعلانها أمام الفلسطينيين أنّها تتحمّل مسؤولية الكارثة التي حلّت بغزّة وأهلها بعدما لجأت إسرائيل إلى وحشية لا سابق لها في التعاطي مع القطاع وأهله. لا تملك «حماس» غير طرح شروط من النوع المضحك المبكي مثل العودة إلى مرحلة ما قبل «طوفان الأقصى»، إي إلى انسحاب إسرائيلي كامل من دون شروط من غزّة. لا إدراك لدى الحركة لعمق التغيير الذي حصل في داخل إسرائيل نفسها منذ الهجوم الذي شنته على مستوطنات غلاف غزّة. تختزل هذا التغيير رغبة أكثريّة إسرائيليّة بالتخلص من بنيامين نتنياهو من دون أن يعني ذلك أي عودة إلى سياسة عقد صفقات مع «حماس» أو أذرع إيران المختلفة مثل «حزب الله» في لبنان.

ثمّة عودة إلى السؤال الأساسي: ما العمل بغزّة؟ الأكيد أنّ لا جواب لدى «حماس» عن هذا السؤال، خصوصاً أنّ لا مجال لإعادة الحياة إلى «الإمارة الإسلاميّة» التي تبيّن في نهاية المطاف أنّها ليست سوى استثمار إيراني. لا جواب لدى إسرائيل أيضاً، خصوصاً في ظلّ حكومة بنيامين نتنياهو التي استغلّت «طوفان الأقصى» من أجل تحقيق حلم مستحيل يتمثّل في تصفية القضيّة الفلسطينية. لايزال هذا الحلم يراود اليمين الإسرائيلي الذي يرفض استيعاب أنّ القضيّة الفلسطينية قضيّة شعب موجود بقوّة على الخريطة السياسيّة للمنطقة... وعلى أرض فلسطين، قبل أي شيء آخر.

لم تعرف إسرائيل يوماً ما عليها عمله بغزّة منذ احتلّتها في حرب العام 1967. تمنّى دائماً كبار السياسيين الإسرائيليين لو يبتلع البحر غزّة للتخلّص منها. لكنّ غزّة كانت دائماً موجودة، كجزء من الجغرافيا الفلسطينيّة، بمساحتها الصغيرة ذات الكثافة السكّانية. تدفع إسرائيل حالياً ثمن الانسحاب الأحادي الجانب من القطاع من دون تنسيق مع السلطة الوطنيّة في رام الله، وعدم إدراك بنيامين نتنياهو أنّ لا فائدة من التواطؤ مع «حماس» من أجل قطع الطريق على خيار الدولتين. راهنت إسرائيل طويلاً على «حماس». تدفع الآن غالياً ثمن هذا الرهان من دون الحصول على فوائد سياسيّة توازي استثمارها الذي استغلته «حماس» لبناء أنفاق.

سقط رهانان سياسيان في الوقت ذاته. سقط رهان «حماس» لأسباب عدّة، في مقدّم الأسباب أن لا علاقة للحركة، من قريب أو بعيد، بأي منطق سياسي من أي نوع باستثناء خدمة المشروع التوسعي الإيراني. كيف يمكن لعاقل الاعتقاد أنّه يمكن البناء، سياسياً، على «طوفان الأقصى» ومرحلة ما بعد «طوفان الأقصى» التي قفزت فيها «الجمهوريّة الإسلاميّة» إلى الواجهة من منطلق إثبات أنّها اللاعب الأساسي في المنطقة؟ سقط يوم السابع من أكتوبر رهان «حماس» وسقط رهان اليمين الإسرائيلي على «حماس» وعلى عدائها للسلطة الوطنية ولخيار الدولتين. يعني ذلك أنّ البحث في مستقبل غزّة لابدّ أن يكون خارج «حماس» وخارج الحكومة الإسرائيليّة الحاليّة وخارج السلطة الوطنيّة بشكلها الحالي. هناك سلطة وطنيّة تظهر يوميّاً عجزها عن الإقدام على أي خطوة ذات طابع إيجابي في أي اتجاه كان، اللهمّ إلّا إذا استثنينا موقف «فتح» من «حماس» رداً على اعتراض الحركة على تشكيل حكومة فلسطينيّة جديدة.

من الواضح، أنّ فصلاً مختلفاً من حرب غزّة بدأ الآن مع إصرار بنيامين نتنياهو على اقتحام رفح بدل القبول بوقف للنار يضع حدّاً للمأساة. يستحيل وقف هذه المأساة ما دامت «حماس» موجودة وما دام بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيليّة وما دامت السلطة الوطنيّة في رام الله عاجزة عن اتخاذ أي مبادرة من أي نوع. من يخرج المنطقة من الحلقة المقفلة التي تدور فيها منذ ما قبل اندلاع حرب غزّة التي هي امتداد للمشروع التوسعي في المنطقة من جهة وسياسة اليمين الإسرائيلي من جهة أخرى؟ يظلّ أفضل تعبير عن المشروع الإيراني، الذي كانت انطلاقته الجديدة من العراق في العام 2003، انتشار الأذرع الإيرانية في المنطقة كلّها، خصوصاً في العراق نفسه وسورية ولبنان واليمن.

بكلام أوضح، لا مفرّ في نهاية المطاف من تدويل للوضع في غزّة بعيداً عن الاحتلال الإسرائيلي وعن أوهام «حماس» الراغبة في إعادة الحياة إلى «الإمارة الإسلاميّة». توجد مؤشرات إلى تحرّك أميركي في هذا الإتجاه، خصوصاً في ضوء إنشاء أميركا لميناء عائم قبالة غزّة. هل من علاقة بين زيارة وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن للصين وبين هذه المؤشرات؟ يعرف العالم كلّه أن الصين طرف قادر على التأثير في إيران وتحييدها، إضافة إلى أنّها مهتمة بحرّية الملاحة في البحر الأحمر دفاعاً عن مصالحها التجاريّة. هل نحن أمام تحوّل في غزة؟ سيعتمد الكثير على ما إذا كان العالم سينجح في لجم «بيبي» نتنياهو ومنعه من ارتكاب مجزرة أخرى في حق الشعب الفلسطيني في رفح... إنقاذاً لمستقبل سياسي لم يعد من وجود له!

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» خسرت وإسرائيل لم تربح «حماس» خسرت وإسرائيل لم تربح



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab