المصالحة الفلسطينيّة تسلية في الوقت الضّائع

المصالحة الفلسطينيّة... تسلية في الوقت الضّائع!

المصالحة الفلسطينيّة... تسلية في الوقت الضّائع!

 العرب اليوم -

المصالحة الفلسطينيّة تسلية في الوقت الضّائع

بقلم - خير الله خير الله

ليس معروفاً ما الفائدة في الظروف الراهنة من مصالحة فلسطينيّة – فلسطينيّة، خصوصاً أنّه لا وجود لما يسمّى مصالحة من أجل المصالحة. لا بدّ من أن يكون لأي مصالحة هدف سياسي محدّد. ما الهدف السياسي المحدد لدى "حماس" التي تبيّن أن كلّ ما فعلته إلى يومنا هذا صبّ في خدمة المشروع التوسعي الإيراني؟ هل من هدف... أو على الأصحّ من وهم لدى "حماس" غير العودة إلى حكم غزّة؟

لا فائدة من أي مصالحة، لا لشيء سوى لأنّ "حماس" لا تستطيع تقديم إضافة ذات طابع إيجابي للمشروع الوطني الفلسطيني. بعد تدمير إسرائيل لغزّة، استفاقت الحركة فجأة على المشروع الوطني الفلسطيني. في أساس هذا المشروع خيار الدولتين الذي حاربته الحركة منذ اليوم الأوّل لقيامها قبل نحو أربعة عقود. لا فائدة تُذكر من المصالحة، لو تمّت في الصين أو غير الصين، نظراً إلى أنّ لا أفق سياسياً لها. ليس هناك في العالم من هو مستعد للتفاوض مع "حماس" من أجل تحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني، وهي أهداف لم يكن لـ"حماس" علاقة بها في يوم من الأيّام، خصوصاً عندما رفعت شعارات مستحيلة التحقيق لا علاقة لها بالواقع، من نوع "فلسطين وقف إسلامي" أو "تحرير فلسطين من البحر إلى النهر"... أو "من النهر إلى البحر" لا فارق.

ارتبط المشروع الحمساوي في كلّ وقت بمشاريع نادى بها اليمين الإسرائيلي الذي رفع، من أجل تكريس الاحتلال للضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة، شعار "لا وجود لطرف فلسطيني يمكن التفاوض معه". سعى هذا اليمين في كلّ وقت إلى إفشال أي محاولة تستهدف إطلاق أي عمليّة سلام جدّية. يحكم هذا اليمين إسرائيل، منذ اغتياله إسحق رابين في تشرين الثاني – نوفمبر 1995 بعد نحو سنتين من توقيع اتفاق أوسلو. كان يمكن البناء على أوسلو لو صفت النيات ولم يتعرّض الاتفاق الذي أعاد ياسر عرفات إلى أرض فلسطين، لكلّ تلك الهجمات التي استهدفت القضاء عليه. لا يمكن تجاهل أنّ الضربة الأولى التي تلقاها اتفاق أوسلو كانت في شباط – فبراير 1994 على يد متطرّف إسرائيلي، يدعى باروخ غولدشتاين، ارتكب مجزرة في حق المواطنين الفلسطينيين في الحرم الإبراهيمي في الخليل. سبقت تلك المجزرة، التي راح ضحيتها أبرياء، العمليات الانتحارية لـ"حماس" التي استهدفت إجهاض أي مسار سلمي قبل ولادته من جهة، وتغيير طبيعة المجتمع الإسرائيلي في اتجاه مزيد من التطرّف من جهة أخرى.

تجاوزت الأحداث المصالحة بين "فتح" و"حماس" في ضوء ما تعرّضت له غزّة. أكثر من أي وقت، هناك حاجة فلسطينيّة إلى الخروج من أسر الشعارات التي أوصلت غزّة إلى ما وصلت إليه بعدما اعتقدت "حماس" أنّ في استطاعتها شنّ هجوم بحجم هجوم "طوفان الأقصى" من دون التفكير ملياً بما سيكون عليه اليوم الذي يلي الهجوم.

الموضوع المطروح حالياً موضوع قيام سلطة وطنيّة جديدة تأتي عبر صناديق الانتخاب، ترسم ملامح المرحلة الجديدة التي ستمرّ بها القضيّة الفلسطينيّة في ضوء حرب غزّة وانعكاساتها على المنطقة كلّها. تبدو الأمور رهن قيام مثل هذه السلطة وليس بمصالحة بين رام الله و"حماس" أو بين "فتح" و"حماس". لن تقوم مثل هذه السلطة قبل توقف حرب غزّة... وقبل خروج بنيامين نتنياهو من السلطة.

لن تقدّم المصالحة الفلسطينيّة ولن تؤخّر. ما يمكن أن يقدّم التفكير الجدّي في مرحلة ما بعد غزّة من منطلق أنّ "حماس" لا تمتلك مستقبلاً سياسياً مثلها مثل "بيبي" نتنياهو والسلطة الوطنيّة الفلسطينيّة بشكلها الحالي. الأهمّ من ذلك كلّه الدور الأميركي الفاعل في مجال المساعدة في قيام إسرائيل مختلفة لا تؤمن بأنه ليس في الإمكان تصفية القضيّة الفلسطينيّة فحسب، بل تؤمن، في المقابل، بأنّ خيار الدولتين هو الطريق الأقصر لقبول إسرائيل في المنطقة.

يبقى بالطبع الإطار العام لأي تسوية تتحقّق في يوم من الأيام في المنطقة. يتحدد مثل هذا الإطار في الإجابة عن سؤال في غاية الأهمّية مرتبط بالمشروع التوسعي الإيراني ومستقبله ومدى تأثيره على "حماس" ودورها ومستقبلها.

في انتظار تبلور معالم المرحلة، مرحلة ما بعد حرب غزّة، يمكن التسلي بالمصالحة الفلسطينيّة التي هي مثل الدوران على الذات لا أكثر. تبدو المصالحة بمثابة لعب في الوقت الضائع في وقت لا مكان فيه لمثل هذا النوع من التسليات.

arabstoday

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ترامب في البيت الأبيض... رجل كل التناقضات والمفاجآت!

GMT 14:33 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

شرور الفتنة من يشعلها؟!

GMT 14:21 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الإسلام السياسي.. تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

GMT 14:20 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مخيم جباليا الذي اختفى

GMT 14:19 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

يد العروبة من الخليج إلى المحيط

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 05:56 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 05:54 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة الفلسطينيّة تسلية في الوقت الضّائع المصالحة الفلسطينيّة تسلية في الوقت الضّائع



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"
 العرب اليوم - أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab