«حماس» وشروط المنتصر

«حماس» وشروط المنتصر

«حماس» وشروط المنتصر

 العرب اليوم -

«حماس» وشروط المنتصر

بقلم - خير الله خير الله

لا تستطيع «حماس»، ومن يقف وراء «حماس» كإيران مثلاً، الإفلات من واقع قائم على الأرض. يتمثّل هذا الواقع في أن قطاع غزّة دمّر تدميراً كاملاً من جهة وأنّ العودة إلى الوراء في قطاع بات أمراً مستحيلاً من جهة أخرى.

تريد «حماس» في الوقت الحاضر وقفاً دائماً لوقف النار. حسناً، ما دام كان هذا المطلب هدفاً بحدّ ذاته، لماذا كان هجوم «طوفان الأقصى» أصلاً؟ هل من دولة أو قوّة عسكريّة أو سياسية تقدم على مثل الهجوم، الذي هزّ إسرائيل وأدخلها في حال هستيريّة، لا تأخذ في الاعتبار سلفاً النتائج التي يمكن أن تترتب على مثل هذا الهجوم؟

يكمن الفشل الحقيقي لـ«حماس» في زجها غزّة في حرب لن تقوم منها ثمّ في غياب أي مشروع سياسي قابل للحياة لديها، باستثناء التفاوض مع إسرائيل بعد احتجاز عدد من الرهائن. ليس معروفاً هل الرهائن التي لدى «حماس» ما زالت ورقة قويّة في يدها.

الأهمّ من ذلك كلّه، ما ظهر، على السطح، بعد بدء حرب غزّة التي دخلت شهرها السادس والتي يبدو أنّها مستمرّة أشهراً أخرى. ظهر أن الطرف الوحيد الذي يمتلك مشروعاً سياسياً للمنطقة هو «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران التي تستخدم ورقة «حماس» وورقة غزّة وورقة العراق وسورية ولبنان واليمن، المطلّ على البحر الأحمر.

تستخدم إيران كلّ هذه الأوراق لإثبات أنّها الجهة الوحيدة التي أعدّت نفسها لتكون في مستوى التفاوض مع الولايات المتحدة في شأن صفقة شاملة في منطقتي الشرق الأوسط والخليج.

نجد حاليا أنّ هناك قراراً إسرائيلياً واضحاً بالانتهاء من غزّة في غياب القدرة على الانتهاء من «حماس» التي لم تعد تجد مكاناً تذهب إليه غير طهران، فيما القادة الأساسيون لـ«حماس» في الداخل، مثل يحيى السنوار ومحمّد ضيف، في خنادق تحت الأرض في غزّة نفسها.

كانت نتيجة «طوفان الأقصى»، على أرض الواقع، تدميراً إسرائيلياً ممنهجاً لغزّة. لا يستطيع إعادة إعمار قطاع غزّة في يوم من الأيّام سوى الدول العربيّة الخليجيّة بمشاركة مصريّة وغطاء من المجتمع الدولي، على رأسه الولايات المتحدة، مع إسرائيل المختلفة طبعاً.

المقصود هنا إسرائيل ما بعد بنيامين نتنياهو، إسرائيل العاقلة التي تعرف أنّ ليس في استطاعتها تصفية القضيّة الفلسطينية أو التخلّص من الشعب الفلسطيني الذي لا تمثّله «حماس» بأي شكل، خصوصا بعدما عرف الفلسطينيون وأدركوا أنّ لا مشروع سياسيا قابلا للحياة لدى الحركة.

هل تظنّ «حماس» أنّ القوى التي تستطيع إعادة إعمار غزّة في المرحلة المقبلة، التي لا يمكن تحديد موعد لها، تقبل بعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر 2023 تاريخ حصول «طوفان الأقصى»؟ لا عودة إلى ما قبل «طوفان الأقصى»، خصوصا أنّه لا توجد دولة عربيّة تريد شنّ حرب على إسرائيل، كما لا توجد دولة عربيّة تقبل بشنّ مثل هذه الحرب بتوقيت حمساوي أو إيراني. أكثر من ذلك، غيّر «طوفان الأقصى» إسرائيل كلّيا من داخل. إسرائيل التي عرفناها لم تعد موجودة.

تسعى «حماس» في الوقت الراهن إلى وقف دائم للنار ولانسحاب إسرائيلي من القطاع. في الوقت ذاته لا تدرك «حماس» أنّها لم تنتصر في حرب غزّة كي تفرض شروطاً معيّنة، أي شروط المنتصر.

في الوقت ذاته، لا همّ لدى إيران غير تحقيق مكاسب وتسجيل نقاط بغض النظر عمّا يحل بغزّة ومواطنيها. ما يدعو إلى الأسف، فشل الجهود العربيّة من أجل وقف حرب غزّة تمهيداً للبحث عن تسوية سياسية تضع حدّا للمأساة الناجمة عن «طوفان الأقصى» ورد الفعل الإسرائيلي الذي فاق بوحشيته كلّ تصوّر.

يكشف تطور الأحداث إلى أي حد تبدو إيران مستعدة للذهاب في استغلال حرب غزّة والحروب التي تشنها بالواسطة في أماكن أخرى. تؤكّد ذلك الهجمة التي تتعرّض لها المملكة الأردنيّة الهاشمية في هذه الظروف بالذات.

توجد محاولة مشتركة للإخوان المسلمين في الأردن، بالتفاهم مع «حماس»... و«الجمهوريّة الإسلامية» في طبيعة الحال، من أجل زعزعة الاستقرار في المنطقة.

يعود ذلك إلى أن الأردن، بقيادة الملك عبدالله الثاني، رأس حربة في السعي إلى بلورة مشروع سياسي لمرحلة ما بعد غزّة على أساس حلّ الدولتين. يكشف هذا التحرّك المشترك للإخوان المسلمين و«حماس»، بالتفاهم مع «الجمهوريّة الإسلاميّة» العلاقة القائمة بين «الممانعة» ورافعي شعار «وحدة الساحات» مع اليمين الإسرائيلي.

تقوم هذه العلاقة على استمرار حرب غزّة، كما يريد نتنياهو والعمل على ضرب ما بقي من استقرار في المنطقة في الوقت ذاته.

أكثر من أي وقت، تبدو الحاجة إلى تحرّك عربي فعال بدل ترك «حماس» تتصرّف بطريقة توحي بأن في استطاعتها تحقيق أوهامها. يفرض مثل هذا التحرّك العربي الوقوف بحزم مع الأردن ومع الهجمة التي يتعرّض لها من الإخوان المسلمين والحمساويين الذين ليسوا سوى جزء من هذا التنظيم.

بكلام أوضح، لا مكان لأي تردّد في اتخاذ موقف واضح من استمرار حرب غزّة أو العمل جدّيا من أجل وقفها. كذلك، لا مكان لأي تهرّب من تسمية الأشياء بأسمائها، بما في ذلك العودة إلى ممارسات «حماس» منذ توقيع اتفاق أوسلو في العام 1993 والحلف غير المقدّس الذي قام بينها وبين اليمين الإسرائيلي...

في حال ليس مطلوباً التذكير بالعمليات الانتحاريّة لـ«حماس» في مرحلة ما بعد أوسلو، تكفي العودة إلى مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزّة صيف العام 2005. كانت هناك فرصة لتحويل غزّة إلى منطقة مزدهرة تنتصر فيها ثقافة الحياة على ثقافة الموت.

حوّلت «حماس» غزّة إلى سجن في الهواء الطلق بالتفاهم مع إسرائيل التي أحكمت حصارها على القطاع. أليس ذلك كافياً لبلوغ خلاصة فحواها أنّ أقصى ما يمكن لـ«حماس» تحقيقه هو نكبة أخرى للشعب الفلسطيني بدءا بالتسبب بتدمير غزّة؟

 

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» وشروط المنتصر «حماس» وشروط المنتصر



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab