زمن التعتيم ولّىفي مجلس التعاون

زمن التعتيم ولّى...في مجلس التعاون

زمن التعتيم ولّى...في مجلس التعاون

 العرب اليوم -

زمن التعتيم ولّىفي مجلس التعاون

خيرالله خيرالله

كانت قمة الكويت لمجلس التعاون لدول الخليج العربية قمّة الوضوح... والواقعية أيضا. كان هناك وضوح في مواجهة المستجدات والازمات الاقليمية، وضوح وجرأة في الوقت ذاته، وواقعية في التعاطي مع التطوّر المتمثّل في الاتفاق "التمهيدي" المتعلّق بالملفّ النووي الايراني. لم يغفل أعضاء المجلس موضوعا من المواضيع المطروحة في الاقليم الاّ واتخذوا موقفا منه. ان دلّ ذلك على شيء، فانّه دلّ على أن زمن التغاضي عن الخلافات والاختلافات في وجهات النظر بين الاعضاء قد ولّى. لا مجال بعد الآن لسياسة التعتيم على الخلافات داخل المجلس التي قد تكون حقيقية، كما قد لا تكون سوى اختلافات في الامكان معالجتها خلال سنة أو سنتين أو ثلاث، كما الحال بالنسبة الى موضوع "الاتحاد" الذي طرحته المملكة العربية المملكة العربية السعودية. شكّل مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ تأسس في أبو ظبي في العام 1981 برعاية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، مظلّة تحمي الاعضاء الذين تربط في ما بينهم مصالح مشتركة من جهة وأنظمة سياسية ومجتمعات متشابهة الى حدّ كبير من جهة أخرى. نجح المجلس في تمكين الدول الست الاعضاء فيه من تمرير السنوات الثمان للحرب العراقبة- الايرانية بأقلّ مقدار ممكن من الاضرار. ولكن عندما كان على دولة معيّنة مثل الكويت الاجتهاد في اتجاه ما لحماية نفسها، كان على هذه الدولة التصرّف بالطريقة التي تحفظ أمنها ومصالحها بمعزل عن الآخرين. على سبيل المثال وليس الحصر، اتخذت الكويت في تلك المرحلة خطوة في غاية الذكاء عندما استخدمت رفع علمي الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي على ناقلاتها كي تستمرّ في تصدير نفطها بشكل عادي على الرغم من التهديدات الايرانية. عكست تلك الخطوة وجود قيادة كويتية ممثلة بالامير الشيخ جابر الاحمد ووليّ العهد الشيخ سعد العبدالله، رحمهما الله، ووزير الخارجية الشيخ صُباح الاحمد، أطال الله عمره، قادرة على اتخاذ قرارات خارجة عن المألوف عندما يكون الخطر محدقا بالكويت والكويتيين. فالاستعانة بالعلم السوفياتي لحماية الناقلات الكويتية، جاء في وقت لم تكن هناك علاقات بين الرياض وموسكو...! هذه القيادة الكويتية، عرفت كيف تتصرّف في العام 1990 عندما حصل الغزو العراقي مستعينة بالقوى الكبرى، على رأسها أميركا، والمظلة التي اسمها مجلس التعاون. وقد تبيّن مع مرور الوقت أنّ هذا المجلس يؤدي الدور المطلوب منه، دور المظلّة، على الرغم من وجود اختلافات في وجهات النظر، وهي اختلافات كبيرة وعميقة أحيانا نظرا الى أنّ لكلّ دولة من الدول الستّ نظرتها الى مسائل محدّدة وحساسيات زائدة تجاه هذه المسألة او تلك. من بين هذه المسائل كيفية التعاطي مع ايران وتدخلها في شؤون الدول العربية، بدءا بالبحرين، وصولا الى اليمن والقرن الافريقي، مرورا بالعراق وسوريا ولبنان. لم يعد سرّا انّ لكلّ من الاعضاء الستة نظرته الى الاتفاق الايراني- الاميركي في شأن الملفّ النووي، وهو اتفاق يعكس قبل أي شيء آخر تغيير في العمق حصل في الولايات المتحدة. هذا التغيير الاميركي الذي يقوده الرئيس باراك أوباما هو الاساس. الثابت أن الولايات المتحدة تغيّرت. الثابت أيضا أن هناك من أخذ علما بذلك. ولذلك، كان الوصف الذي ورد في البيان الختامي لقمة الكويت، وقبل ذلك في الخطاب الذي افتتح به أمير دولة الكويت الشيخ صُباح الاحمد القمة، في غاية الدقّة. وصف الاتفاق بأنّه "تمهيدي". ما الذي يمكن أن يمهّد له؟ أبقى مجلس التعاون الابواب مشرّعة أمام تغيير ايجابي يمكن أن يطرأ على السياسة الايرانية. رحّب بهذا الاحتمال بكلّ حسن نيّة ولكن من دون أوهام لدى كثيرين. لكنّ دول مجلس التعاون، بمن في ذلك سلطنة عُمان، لم تتردد في اتخاذ موقف حاسم من النظام السوري، الذي أسمته "نظام الاسد"، وما يرتكبه من مجازر في حق شعبه بدعم ايراني واضح بطابع مذهبي فاقع. أكثر من ذلك، لم تدع دول مجلس التعاون حادث اطلاق قذائف من العراق في اتجاه الاراضي السعودية يمرّ مرور الكرام. كادت حتى أن تسمي أن ايران تقف وراء المسلحين الذين أطلقوا القذائف. فوق ذلك كلّه، كان لدول مجلس التعاون موقف أكثر من صريح في شأن لبنان والمخاطر التي يتعرّض لها الوطن الصغير بسبب سلاح "حزب الله" الايراني وميليشياته المشاركة في "حرب الابادة" التي يشنّها النظام السوري على شعبه. المهمّ أيضا، أن مجلس التعاون دعم "خيارات الشعب المصري" الذي انتزع مصر من براثن الاخوان المسلمين مبديا "ثقته" بها. هذه رسالة الى الادارة الاميركية أكثر مما هي الى ايران التي سعت الى استغلال فترة حكم الاخوان لمصر لاختراق مراكز القرار في القاهرة واستيعابها. يمكن اعتبار ما فعلته ثلاث دول عربية هي دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت، التي انضمّت اليها المملكة الاردنية الهاشمية من خارج مجلس التعاون، دليلا على أن هناك قدرة لدى بعض العرب على اتخاذ مبادرات بغض النظر عما تفكّر فيه أو تسعى اليه الادارة الاميركية. قبل ذلك، كانت هناك مبادرة، ذات طابع عسكري، في البحرين التي كانت في حاجة الى دعم جيرانها العرب في مواجهة الفتنة المذهبية التي تغذّيها ايران. تكمن أهمّية مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أنه استطاع تجاوز أخيرا دور المظلّة. تعاطى بوضوح مع ازمات المنطقة وبواقعية مع التغيّر الذي طرأ على السياسة الاميركية. بعد قمة الكويت التي كانت منعطفا مهمّا، أظهر المجلس مرّة اخرى انّه حاجة لكلّ من الدول الست الاعضاء وأن المرونة لا تعني بالضرورة ضعفا، بل يمكن أن تكون أحيانا مصدر قوّة كما تبيّن مع الاعلان عن تشكيل قيادة عسكرية مشتركة مقرّها في الرياض. في النهاية، هناك حدّ ادنى من التنسيق بين الاعضاء من دون أن تفقد أي دولة هامش المناورة الذي تحتاج اليه أحيانا. هذا الهامش الذي يتيح بين حين وآخر طعنا متبادلا في الظهر بين هذه الدولة أو تلك. من قال أن مثل هذه الضربات ليست جزءا من الواقعية...ومن الحوار الدائم القائم بين الاعضاء الستة منذ مرحلة التأسيس، قبل ما يزيد على اثنين وثلاثين عاما؟  

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زمن التعتيم ولّىفي مجلس التعاون زمن التعتيم ولّىفي مجلس التعاون



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab