حكومة تونسية لتغطية فشل النهضة

حكومة تونسية لتغطية فشل "النهضة"؟...

حكومة تونسية لتغطية فشل "النهضة"؟...

 العرب اليوم -

حكومة تونسية لتغطية فشل النهضة

خيرالله خيرالله

هناك ما هو أبعد بكثير من شن نواب تونسيين حملة على وزيرة السياحة آمال كربول بحجة "التطبيع مع الكيان الصهيوني". ما الذي يمكن أن تفعله امرأة تونسية تقيم في أوروبا وتمتلك مؤهلات معيّنة، في حال كانت تريد مساعدة الفلسطينيين في الضفة الغربية؟ هل تقوم بعملية انزال من الجوّ من أجل الوصول الى حيث تريد الوصول، أي الى حيث يوجد الفلسطينيون؟ هناك من هاجم الوزيرة بعيد نيل حكومة السيد مهدي جمعة ثقة مجلس النوّاب متذرعا بأنها حطت في مطار تل أبيب...في طريقها الى الضفة الغربية في مهمة ذات طابع انساني يصبّ في خدمة الفلسطينيين. كانت النتيجة أنّ السيدة كربول وضعت استقالتها في تصرّف رئيس الوزراء الجديد الذي يبدو أنه خرج من تحت سطوة حركة "النهضة"، أي الجناح التونسي للاخوان المسلمين، ولكن من دون أن يخرج منها. يبدو الهدف من الحملة على الوزيرة واضحا كلّ الوضوح. يمكن تلخيص المطلوب بعبارة واحدة. هناك رغبة لدى "النهضة" في التأكيد لكلّ وزير أن هناك حدودا لا يستطيع تجاوزها، خصوصا عندما يتعلّق الامر بالقيم الجديدة التي تسعى الحركة الى فرضها على التونسيين. تريد "النهضة" تأكيد حضورها بصفة كونها القيّم على البلد. تريد التأكيد لكلّ وزير من الوزراء أن لديها ملفات تتعلّق بشخصه وتصرّفاته وسلوكه وأنّها على استعداد لاستخدام هذه الملّفات متى تدعو الحاجة الى ذلك! أسقط التونسيون، بصمودهم وتمسّكهم بالانجازات التي حققّها بلدهم منذ الاستقلال، بفضل العقل المنفتح والحضاري للزعيم التاريخي الحبيب بورقيبة، حكومة "النهضة" برئاسة علي العريض. هناك نقلة نوعية حصلت في تونس التي انطلق منها "الربيع العربي". صمد المجتمع المدني في وجه الاغتيالات والظلم والجهل والظلام والظلامية. الدليل على ذلك اقرار دستور جديد يؤكد "مدنية" الدولة والمساواة بين المواطنين جميعا ويكرّس المكاسب الكبيرة التي حققتها المرأة على كلّ صعيد ودورها الطليعي في المجتمع. جاء الدستور الجديد الذي أقرّه مجلس النواب بمثابة مفاجأة سارة على الصعيد العربي، في وقت تطغى الاخبار المحزنة على كلّ ما عداها. جاء ليؤكّد أن هناك من يقاوم وأن هناك في تونس من لا يزال يتذكّر أن المجتمع لم يتطوّر من عبث وأنّ عهد بورقيبة أسّس لدولة حديثة يحكمها القانون والمؤسسات. كان يمكن لهذه الدولة أن تكون أفضل لو عرف "المجاهد الاكبر" متى يتخلّى عن السلطة بدل تحوّله، بعد تقدّمه في العمر، أسيرا للرئاسة ونساء القصر. يتذكّر التونسيون أيضا أن عهد زين العابدين بن علي لم يكن كلّه سيئات، على الرغم من غياب العقل السياسي المستنير لدى الرجل وحصر نفسه في زاوية الهاجس الامني وعائلة "السيّدة الاولى" في ظلّ الفساد والتضييق على الحرّيات. يتذكّر التونسيون أن ما حصل منذ ازاحة بن علي أدى الى تدهور على كلّ الصعد وأن "النهضة" لا تمتلك حلّا لأي مشكلة مطروحة. لا مشروع سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو حضاريا لديها باستثناء الاستحواذ على السلطة، على طريقة "حماس" في قطاع غزة. لذلك، يخشى أن تخدم حكومة مهدي جمعة "النهضة"، نظرا الى أنّها ستجنبّها المحاسبة على الفشل الذي انتهت اليه سنوات حكمها للبلد. انه فشل ذريع على كلّ الصعد. جعل هذا الفشل الترويكا الحاكمة، ظاهرا، تسعى الى الافلات من الاستحقاق الانتخابي الذي يفترض أن تخوضه بقيادة "النهضة" على خلفية سقوطها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. كان هذا السقوط سيؤدي في طبيعة الحال الى نهاية الحركة وتحللّها بطبيعة الحال وفي ظل ديناميكية العامل الديموقراطي! كلّ ما تريده "النهضة" التي أخذت البلد الى الافلاس هو السلطة وتفادي السقوط. تريد استخدام الآخرين من أجل بلوغ هدفها وتغطية فشلها. تريد استخدام كلّ من تقع يدها عليه، بما في ذلك رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي الذي تحوّل بقدرة قادر الى غطاء للاخوان المسلمين، بعدما كان في الامس القريب شخصية ليبرالية تؤمن بالانفتاح والعصرنة. لا يمكن عزل ما شهدته تونس أخيرا عن الذي جرى مصر. تراجعت "النهضة" عن مشروعها ظاهرا، لا لشيء سوى لانّها خافت من ثورة شعبية في تونس على غرار "ثورة الثلاثين من يونيو". خشيت أن تؤثر مصر في تونس، كما أثرّت تونس بمصر في أواخر العام 2010 وبداية 2011. لا شكّ أن الاخوان المسلمين في تونس استغلوا السنوات الثلاث الاخيرة في زرع التابعين لهم في أجهزة الدولة، خصوصا في الداخلية. كلّ ما أرادوا قوله للحكومة الجديدة، عبر الهجمة على وزيرة السياحة، أن هناك حدودا لن يسمحوا بتجاوزها وأن الحكومة لن تكون قادرة على اعادة النظر في ما حققه الاخوان من اختراقات في مؤسسات الدولة التونسية. المسألة ليست مسألة "تطبيع" أو شيئا من هذا القبيل، خصوصا أن الاخوان، أكان في تونس أو في مصر أو في بقعة من العالم، لا يجدون عيبا في التعاطي مع أي طرف يؤمن لهم مصالحهم. الدليل على ذلك، التعاون الذي قام بينهم وبين اسرائيل عندما كان مطلوبا انضباط "حماس" في غزة. من هنا، لا يمكن الذهاب بعيدا في التفاؤل على الصعيد التونسي، ذلك أنّ كلّ ما هو مطلوب حاليا، يتمثّل في تمرير مرحلة ما بعد اقرار الدستور وتشكيل حكومة جديدة. مطلوب صراحة أن لا تتجرّأ الحكومة الجديدة على اتخاذ أي خطوة تصبّ في اعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة وتطهيرها من سيطرة "النهضة". ما حصل مع الوزيرة درس للوزراء الاخرين، خصوصا أن الهدف الدائم هو الانقضاض على السلطة في الوقت المناسب وتفادي الاخطاء التي وقع فيها الاخوان في مصر. هل يعي التونسيون ذلك؟ هل يعون أنّ معركة نجاح ثورتهم لا تزال في بدايتها وأن هناك جولات أخرى لا مفرّ منها في حال كانوا يسعون بالفعل الى دولة "مدنية" تسودها المساواة وتبني على ما تحقّق منذ الاستقلال...هل يعي التونسيون أن الحكومة الجديدة يمكن أن تغطي على فشل "النهضة" وزعيمها راشد الغنوشي وتفادي أي محاسبة للاخوان المسلمين في الانتخابات المقبلة؟

arabstoday

GMT 09:18 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:48 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

السوشيال كريديت وانتهاك الخصوصية

GMT 07:40 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 07:39 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كَذَا فلْيكُنِ الشّعرُ وإلَّا فلَا!

GMT 07:13 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

من باب المندب للسويس والعكس صحيح

GMT 07:10 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«بيرل هاربر» التي لا تغيب

GMT 07:07 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كرد سوريا وشيعة لبنان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة تونسية لتغطية فشل النهضة حكومة تونسية لتغطية فشل النهضة



فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 02:31 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال قوي يضرب جزر الكوريل الروسية ولا أنباء عن خسائر

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 05:53 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أكبر معمرة في إيطاليا عمرها 114 عاما

GMT 08:49 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 05:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

محكمة روسية تصادر ممتلكات شركة لتجارة الحبوب

GMT 07:55 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي يودي بحياة 9 فلسطينيين بينهم 3 أطفال في غزة

GMT 05:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر في البرازيل لـ10 قتلى

GMT 12:22 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

مدير منظمة الصحة العالمية ينجو من استهداف مطار صنعاء

GMT 02:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب الفلبين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab