لبنان إلى الكارثة عن سابق تصوّر وتصميم

لبنان إلى الكارثة... عن سابق تصوّر وتصميم

لبنان إلى الكارثة... عن سابق تصوّر وتصميم

 العرب اليوم -

لبنان إلى الكارثة عن سابق تصوّر وتصميم

بقلم - خير الله خير الله

ليس مفهوماً كيف يمكن للبنان أن يرى الكارثة ماثلة أمامه وأن يصرّ على الالتحاق بها عن سابق تصوّر وتصميم. من يربط مصيره بمصير غزّة، إنّما هو ذاهب إلى كارثة حتميّة وذلك بغض النظر عمّا يحدث في القطاع الذي شنت منه «حماس» هجوم «طوفان الأقصى» الذي هزّ إسرائيل لكنّه حولها إلى وحش لا يبالي بعدد القتلى من أبناء الشعب الفلسطيني ولا بتدمير مدن بكاملها وتهجير سكانها من دون أي عقدة من أي نوع.

يبدو إصرار «حزب الله»، من منطلق أجندته الإيرانيّة على توريط لبنان في حرب كارثيّة مع إسرائيل في ظلّ صمت رسمي لبناني، بمثابة قدر لا مفرّ منه.

يفعل الحزب ذلك في وقت تبدو إسرائيل في حاجة إلى مثل هذه الحرب من جهة وفي ضوء حاجة إيران، التي ليس الحزب سوى أداة من أدواتها في المنطقة، إلى إظهار قدرتها على توسيع حرب غزّة من جهة أخرى. تفعل ذلك من أجل إقناع أميركا بصفقة لا تستطيع القوة العظمى الوصول إليها لسبب مرتبط بوضعها الداخلي قبل أي شيء.

من واجب الجهات الرسميّة للبنانيّة الاعتراف بأنّ لا مصلحة للبنان في ربط نفسه بحرب غزّة. لا حاجة لديه إلى ذلك لا من قريب أو بعيد.

أكثر ما يحتاج إليه لبنان هو إلى فك ارتباط بينه وبين حرب غزّة، وهي حرب افتعلتها «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي من دون أن يكون لهذه الحرب أي أفق سياسي من أي نوع. صحيح أن حرب غزّة غيّرت إسرائيل نهائياً، لكنّ الصحيح أيضاً أنّها حولتها إلى وحش لا قدرة لأحد، بما في ذلك الولايات المتحدة، في ظل وضعها الداخلي، على ضبطه.

لا تفسير لهذا الإصرار لدى «الجمهوريّة الإسلاميّة» على توريط لبنان واللبنانيين، بمن في ذلك أهل الجنوب في حرب غزّة. عفوا، يوجد تفسير وحيد مرتبط بمصلحة إيرانيّة. تعود هذه المصلحة إلى تحوّل لبنان ورقة في يد «الجمهوريّة الإسلاميّة» تستخدمها كما تشاء من دون أي أخذ في الاعتبار لموازين القوى السائدة في المنطقة.

هذه موازين تصبّ في مصلحة إسرائيل على الرغم من أنّه لا يمكن الاستهانة بأزمتها الداخليّة. تصبّ موازين القوى في مصلحة إسرائيل نظراً إلى أن لا وجود لدولة عربيّة أو نظام عربي، مثل النظام السوري، على استعداد لخوض حرب حسب توقيت تفرضه «حماس» واجندة الإخوان المسلمين وإيران...

لا يريد لبنان التعلّم من الماضي القريب وتجاربه. لا تفسير لتصرّف مجتمع بائس لا يستطيع قول، لا لحرب إسرائيل بناء على رغبة «حزب الله» الذي ليس، للمرّة الألف، سوى لواء في «الحرس الثوري» الإيراني.

ما العمل عندما تتكرّر في 2024 تجارب العامين 1968 و1969؟ ما العمل عندما لا توجد قوى سياسيّة تقول الأشياء كما هي، بما في ذلك أنّ «حزب الله» يفتعل حرباً مع إسرائيل وأن هذه تردّ بوحشية ليس بعدها وحشيّة مستهدفة مدنيين وعناصر حزبيّة لا فارق. المهمّ بالنسبة إلى إسرائيل إظهار قدرتها على الردع وهي مستعدّة لتدمير كل ما بقي من لبنان على رؤوس أبنائه ما دام يوجد من يقدّم لها المبرّر لذلك.

لا حاجة إلى تقديم مثل هذا المبرّر في وقت لم يعد سرّاً أن في استطاعة «حزب الله»، بما يملكه من صواريخ إلحاق أضرار بإسرائيل، لكنّه لا يستطيع الانتصار عليها ولا يستطيع في الوقت ذاته تفادي عملية تدمير ممنهجة للبنان.

توجد ثوابت لا يمكن تجاوزها على الرغم من ترديد كلام لا معنى له عن أن إسرائيل تعتدي على لبنان منذ قيامها في العام 1948، علما أن البلدين وقعا اتفاق هدنة بينهما في العام 1949. توجد خلافات في شأن نقاط حدوديّة بين لبنان وإسرائيل. لكنّ من يتوصّل إلى اتفاق في شأن الحدود البحريّة بين البلدين لن يجد مشكلة في تسوية الخلافات المرتبطة بالحدود البرّية يوماً.

الحاجة واضحة إلى حماية لبنان. من يحمي لبنان من «حزب الله» وسلاحه الموجّه إلى صدور اللبنانيين الآخرين؟ هذا هو السؤال المطروح ولا سؤال آخر غيره. في العام 1967، لم تهاجم إسرائيل لبنان ولم تحتلّ أي بقعة أرض لبنانيّة بعدما امتنع لبنان عن المشاركة في حرب يونيو من تلك السنة. مع مرور الوقت، أصرّ لبنان في نوفمبر 1969 على الانخراط في حرب مع إسرائيل بعدما قرّر توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم في ظلّ ضغوط داخليّة وعربيّة مورست عليه بعدما أغلقت الجبهات العربيّة الأخرى كلّها. سمح ذلك الاتفاق للمقاتلين الفلسطينيين بشنّ عمليات تستهدف إسرائيل انطلاقاً من جنوب لبنان!

لم يجن لبنان من اتفاق القاهرة سوى الخراب. لن يجني من توريطه في حرب غزّة سوى مزيد من الخراب. توجت الحروب التي شهدها لبنان منذ توقيع اتفاق القاهرة بوضع النظام السوري يده عليه. ما الذي سيجنيه الآن من وضع اليد الإيرانيّة عليه سوى مزيد من الخراب والدمار في وقت لا يتجرّأ السياسيون على مواجهة الحقيقة المتمثلة في سؤال بسيط: أين مصلحة لبنان، الذي لا كهرباء لديه والذي انهار اقتصاده ونظامه المصرفي، في دخول حرب مع إسرائيل بسبب غزّة ودعماً لـ«حماس» في غزّة؟

يحتاج لبنان إلى مصالحة مع نفسه أوّلاً. يكون ذلك عبر المرور في مصالحة مع الحقيقة والواقع والمنطق. تقول الحقيقة والواقع والمنطق أنّ لا فائدة من ربط لبنان مستقبله ومستقبل أبنائه بحرب غزّة. الحاجة إلى بعض الشجاعة لإتمام مثل هذه المصالحة التي تعني بين ما تعنيه أن لا مصلحة لبنانيّة في البقاء في أسر أجندة إيران التي لا يهمّها ما يحل بلبنان واللبنانيين وسورية والسوريين والعراق والعراقيين واليمن واليمنيين...

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان إلى الكارثة عن سابق تصوّر وتصميم لبنان إلى الكارثة عن سابق تصوّر وتصميم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab