مغرب محمد السادس الاستمرارية والانسان

مغرب محمد السادس... الاستمرارية والانسان

مغرب محمد السادس... الاستمرارية والانسان

 العرب اليوم -

مغرب محمد السادس الاستمرارية والانسان

بقلم _خير الله خير الله

عناوين كثيرة تصلح لخطاب الملك محمد السادس في مناسبة عيد العرش الـ20. لكن يبقى العنوان الاهمّ كلمة واحدة هي الاستمرارية. في عشرين عاما، لم يدخر العاهل المغربي جهدا من اجل المحافظة على هذا الخط الذي يصب في مكان واحد هو المواطن المغربي. لذلك، جاء في الخطاب:

"لقد أنجزنا نقلة نوعية، على مستو ى البنيات التحتية، سواء تعلق الأمر بالطرق السيارة، والقطار فائق السرعة والموانئ الكبرى أو في مجال الطاقات المتجددة وتأهيل المدن والمجال الحضري . كما قطعنا خطوات مشهودة، في مسار ترسيخ الحقوق والحريات، وتوطيد الممارسة الديمقراطية السليمة.إلا أننا ندرك أن البنى التحتية، والإصلاحات المؤسسية، على أهميتها، لا تكفي وحدها. ومن منطلق الوضوح والموضوعية، فإن ما يؤثر على هذه الحصيلة الإيجابية، هو أن آثار هذا التقدم وهذه المنجزات، لم تشمل، بما يكفي، مع الأسف، جميع فئات المجتمع المغربي".

من خلال الخطاب، يتأكّد الاستثناء المغربي. يتمثّل هذا الاستثناء في ان المراجعة للتجربة التي دخلتها المملكة في السنوات العشرين الماضية، مراجعة مستمرّة وفي العمق. دفعت المراجعة محمّد السادس الى الإشارة، في سياق حديثه عمّا تحقق، الى ان "أن بعض المواطنين قد لا يلمسون مباشرة، تأثيرها في تحسين ظروف عيشهم، وتلبية حاجياتهم اليومية، خاصة في مجال الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحد من الفوارق الاجتماعية، وتعزيز الطبقة الوسطى. ويعلم الله أنني أتألم شخصيا، ما دامت فئة من المغاربة، ولو أصبحت واحدا في المائة، تعيش في ظروف صعبة من الفقر أو الحاجة. لذلك، أعطينا أهمية خاصة لبرامج التنمية البشرية، وللنهوض بالسياسات الاجتماعية، والتجاوب مع الانشغالات الملحة للمغاربة.وكما قلت في خطاب السنة الماضية، فإنه لن يهدأ لي بال، حتى نعالج المعيقات، ونجد الحلول المناسبة للمشاكل التنموية والاجتماعية". ذلك هو الجانب الإنساني الذي تقوم عليه التجربة المغربية، وهو جانب جعل المواطن المغربي محور خطاب عيد العرش الـ20.

 مع مرور عشرين عاما على صعود محمد السادس الى العرش، دخلت المملكة مرحلة جديدة تقوم على النظر الى الواقع بعيون ناقدة. فهناك المجالات التي حقق فيها النموذج المغربي نتائج جد ايجابية على المستوى الداخلي والخارجي. لكن هذا النموذج أبان عن نواقص يجب استدراكها، بما في ذلك العوائق التي تجعل بعض الشركات الأجنبية تمتنع عن الاستثمار في المغرب وخلق فرص عمل فيه. لا يتردد محمد السادس في كشف النواقص حيث توجد نواقص.

مرّة أخرى، خطاب الملك محوره المواطن المغربي. لذلك دعا محمّد السادس الى مراجعة النموذج التنموي لتستطيع جميع فئات المجتمع من الاستفادة من العدالة الاجتماعية في كل القطاعات. من هذا المنطلق، تقرر تنصيب لجنة خاصة للنموذج التنموي في مجموعة من المجالات الحيوية قادرة على قول الحقيقة واقتراح حلول ناجعة.

فضلا عن ذلك، هناك الاهتمام بالطبقة الوسطى التي تمثل صمام الأمان من أجل إنطلاق المغرب نحو آفاق جديدة ومواصلة العمل في اصلاح القطاع العام وتدبير الشأن العام.

في كلّ كلمة من الخطاب، هناك اهتمام بضرورة تسريع البناء الاقتصادي المشمول بمجموعة من الرهانات، بما في ذلك الانفتاح على الاستثمار الخارجي في قطاعات معينة.

نعم، يدخل المغرب مرحلة جديدة تقوم على جيل جديد من المشاريع تستدعي نخبة جديدة من الكفاءات تتمتع بعقليات شجاعة قادرة على ضخ دماء جديدة تستطيع تحقيق تحول جوهري. هذا يفرض ضرورة التعبئة الجماعية من أجل مغرب متقدم.

كان ملفتا في الخطاب امران. أولهما إن الاحتفال بعيد العرش يمثل "أبلغ لحظة لتأكيد تعلقنا الراسخ بمغربية صحرائنا، ووحدتنا الوطنية والترابية، وسيادتنا الكاملة على كل شبر من أرض مملكتنا". هذا يعني قبل أي شيء آخر ان لا مجال لاي مساومات في موضوع الصحراء. هناك وضوح ليس بعده وضوح. يقول العاهل المغربي في هذا المجال "إذ نعرب عن اعتزازنا بما حققته بلادنا من مكاسب، على الصعيد الأممي والإفريقي والأوروبي، فإننا ندعو إلى مواصلة التعبئة، على كل المستويات، لتعزيز هذه المكاسب، والتصدي لمناورات الخصوم. ويبقى المغرب ثابتا في انخراطه الصادق، في المسار السياسي، تحت المظلة الحصرية للأمم المتحدة. كما أن المغرب واضح في قناعته المبدئية، بأن المسلك الوحيد للتسوية المنشودة، لن يكون إلا ضمن السيادة المغربية الشاملة، في إطار مبادرة الحكم الذاتي".

امّا الامر الثاني الملفت فهو قول الملك: "إننا نؤكد مجددا التزامنا الصادق، نهج اليد الممدودة، تجاه أشقائنا في الجزائر، وفاء منا لروابط الأخوة والدين واللغة وحسن الجوار، التي تجمع، على الدوام، شعبينا الشقيقين. وهذا ما تجسد مؤخرا، في مظاهر الحماسة والتعاطف، التي عبر عنها المغاربة، ملكا وشعبا، بصدق وتلقائية، دعما للمنتخب الجزائري، خلال كأس إفريقيا للأمم بمصر الشقيقة ومشاطرتهم للشعب الجزائري، مشاعر الفخر والاعتزاز، بالتتويج المستحق بها وكأنه بمثابة فوز للمغرب أيضا. فهذا الوعي والإيمان بوحدة المصير، وبالرصيد التاريخي والحضاري المشترك، هو الذي يجعلنا نتطلع، بأمل وتفاؤل، للعمل على تحقيق طموحات شعوبنا المغاربية الشقيقة، إلى الوحدة والتكامل والاندماج".

 يبقى ان خاتمة الخطاب تعبّر عن واقع الحال وما هو مطلوب العمل من اجله. بالنسبة الى محمّد السادس، "إن المغرب ملك لجميع المغاربة، وهو بيتنا المشترك. وعلينا جميعا، كل من موقعه، أن نساهم في بنائه وتنميته، وأن نحافظ على وحدته وأمنه واستقراره. مغرب يتسع لكل أبنائه، ويتمتع فيه الجميع، دون استثناء أو تمييز، بنفس الحقوق، ونفس الواجبات، في ظل الحرية والكرامة الإنسانية".

هناك بكل بساطة دولة عربية من دون عقد. هذا خروج عن القاعدة. لا يمكن المقارنة سوى بين المغرب وعدد قليل من الدول العربية، هناك تصالح فيها بين العائلة الحاكمة والمواطن العادي.

ليس مرور عشرين عاما على صعود محمد السادس الى العرش سوى تأكيد لواقع تدعمه الأرقام. هناك تقدّم في كلّ المجالات من دون تجاهل أي تقصير. هناك استثمار في الانسان المغربي قبل ايّ شيء آخر. هناك عودة دائمة الى ما آمن به محمد السادس منذ كان وليّا للعهد. آمن بالحرب على الفقر. من يشاهد بام عينيه كيف ازيلت مدن الصفيح يكتشف مدى جدّية الحرب على الفقر التي تعني بين ما تعنيه إزالة كلّ البؤر التي يمكن ان تساعد في نشوء التطرّف وبالتالي الإرهاب.

في عالم لا يرحم، وجد المغرب مكانه. قريب من أوروبا وجسر بين أوروبا وافريقيا. في عشرين عاما، هناك خيط متين يجمع بين كل تلك المراحل اتي مرّ فيها المغرب حديثا. خيط يعتمد على الاستمرارية وعلى الاستثمار في الانسان في الوقت ذاته.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مغرب محمد السادس الاستمرارية والانسان مغرب محمد السادس الاستمرارية والانسان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 العرب اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab