ضغط داخلي لاستعجال خروج إيران من اليمن

ضغط داخلي لاستعجال خروج إيران من اليمن

ضغط داخلي لاستعجال خروج إيران من اليمن

 العرب اليوم -

ضغط داخلي لاستعجال خروج إيران من اليمن

بقلم - خير الله خير الله

في الطريق إلى إقامة كيان تابع لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» الإيرانية في شمال اليمن، لعب الحوثيون على كلّ التناقضات. شمل ذلك تحولهم إلى الرابح الأوّل من الانقلاب الذي نفذه الإخوان المسلمون في فبراير من العام 2011، من أجل التخلّص من علي عبدالله صالح. ما لبث الرئيس اليمني الراحل أن قدّم استقالته بعد سنة من الانقلاب الذي استهدفه والذي قاده الإخوان بجناحهم الحزبي بقيادة «التجمع اليمني للإصلاح» والعسكري بقيادة اللواء علي محسن صالح الأحمر، قائد ما كان يسمّى الفرقة الأولى/ مدرّع. خسر علي عبدالله صالح، المواجهة مع خصومه ولم يغفر له الحوثيون، الذين لعب دوراً في بروزهم، خوضه ست حروب معهم بين 2004 و2010. نفذوا عملية اغتيال جبانة في حقه.

المفارقة أنّه قبل أن يغتال الحوثيون علي عبدالله صالح، في ديسمبر 2017، تعرّض الرجل لمحاولة اغتيال وقف وراءها الإخوان المسلمون الذين اخترقوا حراسته وزرعوا عبوات في المسجد الذي يصلي فيه. كان ذلك في يونيو 2011، في حرم دار الرئاسة في ضواحي صنعاء. خرج علي عبدالله صالح من السلطة وخرج منها الإخوان المسلمون الذين اعتقدوا في كلّ وقت أنّ الحوثيين، ومن خلفهم إيران، لاعب هامشي في اليمن. جاءت الأحداث لتكذب ذلك. انّّهم يسيطرون على صنعاء منذ أحد عشر عاماً. جاء الآن وقت الخروج منها، كذلك وقت الانتهاء من الكيان السياسي والعسكري الذي أقامته إيران في شبه الجزيرة العربية.

جاء الآن، ما يؤكد ذلك. فمن دولة الوحدة التي قامت في 22 مايو 1990، إلى الحوثيين، الذين ليسوا سوى أداة إيرانية، على صنعاء في 21 سبتمبر 2014، وصولاً إلى سلسلة الضربات الأميركية التي استهدفت العاصمة اليمنية ومناطق أخرى مثل صعدة وذمار وحجة ومأرب والبيضاء ومحيط تعز، دخل اليمن مرحلة جديدة كلّياً. يمكن أن يكون هناك مكان للحوثيين في يمن المستقبل، لكنه لا يمكن أن يكون هناك مكان لإيران. الحوثيون جزء من مكونات المجتمع اليمني لكن الاعتراف بدورهم سيكون رهناً بتخليهم عن إيران وتخلي إيران عنهم.

تعكس المرحلة الراهنة رغبة أميركيّة في التخلص من الأذرع الإيرانية في المنطقة مع ما يعنيه من حرمان لـ«الجمهورية الإسلاميّة» الإيرانيّة من أوراقها الإقليمية تمهيداً للمواجهة معها في شأن ملفّها النووي. يهمّ هذا الملفّ كل دولة من دول المنطقة، بما في ذلك تركيا، التي تشعر أنّها في غنى عن سباق تسلح ذي طابع نووي. ويبدو منع حصول «الجمهوريّة الإسلاميّة» على السلاح النووي متفق عليه. لكنّّه لاتزال تنقصه حلقة في غاية الأهمّية هي حلقة الداخل اليمني. تظلّ مثل هذه الحلقة حاجة لابدّ منها في حال كان مطلوباً تخليص شبه الجزيرة العربيّة سريعاً من الكيان الذي أقامته إيران في اليمن، وهو كيان أرادت «الجمهوريّة الإسلاميّة» من خلاله إظهار أنّها قادرة على التحكم بالملاحة الدولية في البحر الأحمر. ليست إسرائيل المتضرر الأول من تعطيل الملاحة في البحر الأحمر. المتضرر الأول هو مصر التي خفضت عائداتها من قناة السويس خفضاً كبيراً أثّر على اقتصادها.

من المفيد العودة إلى مرحلة السيطرة السوفياتية على اليمن الجنوبي، قبل العام 1990، للتأكّد من أنّ مصير السيطرة الإيرانية على الجزء الأكبر من اليمن الشمالي لن يكون أفضل من مصير السيطرة السوفياتية على الجنوب.

تأتي الضربات الأميركية للحوثيين في وقت يواجه هؤلاء عزلة داخلية من جهة وضعفاً إيرانياً من جهة أخرى. لم يخرج السوفيات من الجنوب اليمني إلا بعد مواجهة الاتحاد السوفياتي أزمات داخلية، لا حلول لها، أدت إلى انهياره مطلع تسعينات القرن الماضي. ترافق ذلك مع متاعب كبيرة واجهت النظام الذي كان قائماً في اليمن الجنوبي. توجت تلك المتاعب بحرب أهلية سميت في حينه «أحداث 13 يناير 1986». لم تكن تلك الأحداث سوى تتويج لمسلسل من الأزمات الداخلية لم يعد الكرملين، كقوة مهيمنة على جمهورية اليمن الديموقراطيّة الشعبية، قادراً على ضبطها.

توجد حاجة الآن إلى تكاتف للقوى اليمنية التي تعارض الحوثيين الذين لا أفق سياسياً أو اقتصادياً أو حضارياً لهم. كان الأفق الوحيد للمشروع الحوثي خدمة المشروع التوسعي الإيراني تمهيداً ليوم تستطيع فيه «الجمهوريّة الإسلاميّة»، بصفة كونها القوّة الإقليمية المهيمنة، التوصل إلى صفقة مع «الشيطان الأكبر» الأميركي على حساب الشعوب العربيّة في المنطقة.

هل يحصل تحرك يمني داخلي في مواجهة الحوثيين؟ ذلك هو السؤال الكبير الذي يطرح نفسه بقوّة. في النهاية، لم يتخلص اليمن الجنوبي من الهيمنة السوفياتية إلّا بعد الانفجار الداخلي مطلع العام 1986، وهو انفجار كشف هشاشة الاتحاد السوفياتي ودرجة إفلاسه أواخر ثمانينات القرن الماضي. ما تفعله إيران حالياً عندما تتحدث عن القرار المستقل للحوثيين هو بمثابة انكشاف لمدى ضعف «الجمهوريّة الإسلاميّة». إنّه انكشاف ليس بعده انكشاف بدأ بخسارة «حماس» حرب غزة وهزيمة «حزب الله» في لبنان وسقوط النظام العلوي في سوريا.

هل يكون اليمنيون، بمن في ذلك ما تبقى من قبائل شمالية، في مستوى التحدي؟ هل تكون «الشرعيّة» اليمنية ممثلة بالدكتور رشاد العليمي، في مستوى المرحلة الجديدة الني يمرّ فيها اليمن؟ أيام قليلة ويتبين أن التغيير في اليمن أمر حتمي من جهة وأن الحاجة إلى ضغط داخلي لاستعجال هذا التغيير، المتمثل في خروج إيران من اليمن، من جهة أخرى.

 

arabstoday

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

ستة أهداف للعدوان الإسرائيلى الجديد

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

متى يكون الظهير جناحا وماذا يمنعه؟!

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

صور من رحلة لا تنسى

GMT 09:38 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

منطق الطير ومنطق التاريخ

GMT 09:36 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

هل ينقلب ترامب على إسرائيل؟

GMT 09:35 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

القاعدة الوحيدة فى المباراة: ممنوع القتل!

GMT 04:24 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

مواني الأدب

GMT 04:21 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

عبير الكتب: النفيسي والعُميم والمتعة النقدية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضغط داخلي لاستعجال خروج إيران من اليمن ضغط داخلي لاستعجال خروج إيران من اليمن



إطلالات هدى المفتي تجمع بين الأناقة العصرية والبساطة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 02:33 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

مقتل مسؤول أمني في حكومة غزة بغارة إسرائيلية

GMT 02:14 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

طواقم الدفاع المدني في غزة تواجه صعوبات كبيرة

GMT 07:08 2025 الإثنين ,17 آذار/ مارس

سوريا: صراعات الذّاكرة وهويّة الألم

GMT 02:23 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

فولكس تسرح 1600 موظف في وحدة البرمجيات

GMT 02:17 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

حماس تحمل إسرائيل مسؤولية العدوان على غزة

GMT 02:01 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

مقتل 50 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي بغزة

GMT 02:30 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

سقوط 131 قتيلاً في قصف إسرائيلي بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab