معركة الفلوجة… معركة إيران

معركة الفلوجة… معركة إيران

معركة الفلوجة… معركة إيران

 العرب اليوم -

معركة الفلوجة… معركة إيران

بقلم :خير الله خير الله

ما يمرّ به العراق أكثر من طبيعي. هناك بكل بساطة رغبة إيرانية في تأكيد أن طهران هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في البلد، وأن لا عودة عن الانتصار الذي كانت شريكة فيه في العام 2003.

كانت إيران الطرف الآخر في الحرب على العراق إبّان إدارة بوش الابن. بعد ثلاثة عشر عاما وبضعة أشهر على الحرب، لم يتغير شيء في العراق، أي لا مجال للعب شيعة العراق دورا في مجال تأكيد وجود هويّة وطنية عراقية. كذلك، لا مجال لإعادة عقارب الساعة إلى الخلف بأي شكل من الأشكال، هذا ما تسعى إيران إلى تكريسه عبر مشاركتها في الحرب المذهبية الدائرة حاليا في الفلوجة.

الملفت وسط كل ما يدور في العراق، بدءا بمعركة الفلوجة وصولا إلى وجود قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” قاسم سليماني على مشارف المدينة، مرورا بعودة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إلى الواجهة، أن موضوع الإصلاحات صار من الماضي. أين مقتدى الصدر وسط المشهد الجديد؟ لـم يعد له أي وجـود من أيّ نوع كان.

يبدو واضحا أنّه لعب في مرحلة معيّنة الدور المطلوب منه أن يلعبه. انتهى الأمر بأن إيران استوعبت الوضع على الأرض، وأكّدت أن القوات الأميركية الموجودة في العراق لن تستطيع لعب دور قيادي. كلّ ما في الأمر، أن هذه القوات، التي لن تستطيع إعادة بناء الجيش العراقي لا يمكن إلّا أن تكون في خدمة المشروع الإيراني.

الواضح، أنه كانت هناك في مرحلة معيّنة مخاوف إيرانية من أن يصبح الجيش العراقي تحت الهيمنة الأميركية وأن يزداد التعاون بين المؤسسة العسكرية العراقية والبنتاغون. قفزت إيران على مناسبة إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن “بدء معركة تحرير الفلوجة” لتوضح لكل من يعنيه الأمر أن لا وجود للجيش العراقي كقوّة فاعلة في العراق. هناك الميليشيات الشيعية المنضوية تحت تسمية “الحشد الشعبي” التي تتولى كل المهمات المطلوبة من الحكومة العراقية.

على رأس هذه المهمّات متابعة عمليات التطهير المذهبي. بدل أن تكون معركة الفلوجة مناسبة لظهور نوع من الوحدة الوطنية العراقية تجمع بين الشيعة والسنّة في الحرب على الإرهاب بكلّ أشكاله، أصبحت هذه المعركة رمزا للهوة العميقة بين المذهبين في البلد.

ليس كافيا أن يقف رئيس مجلس النوّاب العراقي السني إلى جانب رئيس الوزراء الشيعي في مكان واحد والتظاهر أن كل مكونات المجتمع العراقي تعمل من أجل تحرير الفلوجة من “داعـش”.

المشهد الحقيقي في مكان آخر، أي في المكان الذي يقود فيه قاسم سليماني الميليشيات الشيعية العراقية المنضوية في “الحشد الشعبي”، وفي القريب منه نوري المالكي الذي لم يوفّر شتيمة إلّا وقالها في حقّ أهل الفلّوجة وكأنهم جزء لا يتجزأ من “داعش” وأن لا مجال للتفرقة بينهم وبين هذا التنظيم الإرهابي.

في الواقع، يتبيّن من خلال معركة الفلّوجة أن “داعش” في العراق حاجة إيرانية، مثلما أن “داعش” في سوريا حاجة لنظام بشّار الأسد. استغلت إيران “داعش” إلى أبعد حدود في مرحلة تمدّده في العراق، بما في ذلك سيطرته على الموصل في ظروف أقلّ ما يمكن أن توصف به أنها غامضة. فعلت ذلك للدفع في اتجاه ترسيخ الشرخ المذهبي الشيعي-السنّي. واستغل بشار الأسد تمدّد “داعش” في سوريا لتصوير الحـرب التي يشنّها بدعم إيراني وروسي على الشعب السوري بأنّها “حرب على الإرهاب”.

يبدو “داعش” في العراق حاجة إيرانية أكثر من أي وقت هذه الأيّام. كان “داعش” أكثر من ضروري لتصوير المحافظات التي فيها أكثرية سنية بأنّها “أوكار للإرهاب والإرهابيين”. تحت شعار تطهير هذه المحافظات من “داعش”، نفّذ “الحشد الشعبي” سلسلة من عمليات التطهير المذهبي صبّت في مصلحة إيران الساعية إلى تفتيت العراق، ومعه سوريا في الوقت ذاته. لم يعد سرّا أن طبيعة بغداد تغيّرت. كانت بغداد مدينة لا فارق فيها بين سنّي وشيعي ومسيحي. صارت الآن مدينة مختلفة تماما…

ما ينطبق على المدن العراقية ينطبق أيضا على المدن السورية، على رأسها دمشق، حيث شراء الأراضي على قدم وساق تقوم به إيران مستخدمة هويات عربية لتبرير انتقال الملكيات الواسعة إليها. حتّى عمليات التفجير التي نفّذها “داعش” أخيرا في الساحل السوري مستهدفا جبلة والـلاذقية، لا تبدو بعيدة عن عمليات التطهير ذات الطابع المذهبي. يبدو مطلوبا إبعاد كلّ أهل السنّة الذين لجأوا من مناطق القتال إلى الساحل السوري باعتباره منطقة آمنة نسبيا.

قطعت إيران، التي شاركت بفعالية إبان إدارة جورج بوش الابن، الطريق على أي عودة أميركية إلى العراق، خصوصا عبر إعادة تأهيل الجيش العراقي. دخلت إيران إلى العراق برفقة الأميركيين وما لبثت أن أخرجتهم منه كي يبقى العراق لها وحدها. ساعدها في ذلك باراك أوباما الذي لا همّ له سوى استرضاء طهران. يحصل ذلك في مرحلة لم يعد فيها مستبعدا أن تكون فيه دولة كردية مستقلة تتجاوز حدودها كردستان العراق.

من الواضح أن معركة الفلوجة مهمّة لإيران. لو لم يكن الأمر كذلك لما ألقت كلّ ثقلها فيها. من الواضح أيضا أنه ممنوع إعادة تعويم حيدر العبادي، مثلما ممنوع القضاء كليّا على “داعش” الذي لم تنته مهمّته بعد، لا في العراق ولا في سوريا.

أصابت إيران عبر تدخلها في الفلوجة مباشرة عصافير عدّة بحجر واحد. أهمّ عصفور أصابته هو العصفور الأميركي بعدما قرّرت الولايات المتحدة لعب دور فعّال في القضاء على “داعش”. كلّ ما في الأمر أن أجندة القضاء على “داعش” مرتبطة بأجندة إيرانية تعتبر أن “الحشد الشعبي” هو من يجب أن يتحكّم بالعراق ولا أحد آخر غير “الحشد الشعبي”.

استثمرت إيران كثيرا وطويلا في الميليشيات الشيعية وذلك منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي. الثابت أنّها لن تتخلى عن هذا الاستثمار بسهولة نظرا إلى أن أي نكسة لـ“الحشد الشعبي” نكسة لها ولمشـروعها التوسّعي الذي انطلق من العراق. لذلك تبدو معركة الفلّوجة وكأنّها معركتها!

arabstoday

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 04:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 03:26 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة الفلوجة… معركة إيران معركة الفلوجة… معركة إيران



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab