الاختراق الروسي المطلوب سوريا

الاختراق الروسي المطلوب سوريا

الاختراق الروسي المطلوب سوريا

 العرب اليوم -

الاختراق الروسي المطلوب سوريا

خير الله خير الله

في حال كان بوتين جديا في إيجاد تسوية في سوريا، لا يمكنه الاكتفاء بتقديم ضمانات من تحت الطاولة بأن بشار الأسد لن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

هل يستطيع فلاديمير بوتين اقناع العالم، والسوريين أوّلا، بأنّ التدخل العسكري الروسي يمكن أن يساعد في إيجاد مخرج سياسي في سوريا؟ هذا على الأقلّ ما يحاول الرئيس الروسي تسويقه لدى الآخرين طالبا وساطة مع المملكة العربية السعودية وأطراف عربية وغير عربية أخرى من أجل إقناع الثوّار في سوريا بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار “ولو على جبهة واحدة”.

نظريا، يبدو الموقف الروسي منطقيا. لكنّ التنظير شيء والواقع شيء آخر، خصوصا أنّ الواقع يشير إلى أن الأحداث تجاوزت السياسة الروسية التي لم تستطع في يوم من الأيّام تقديم أيّ إيجابية على الصعيد الإقليمي. بقيت هذه السياسة في كلّ وقت أسيرة أيديولوجية عقيمة في أيام الاتحاد السوفياتي، السعيد الذكر، وردود الفعل التي لم تأخذ في الاعتبار التغييرات على الأرض السورية في عهد فلاديمير بوتين.

الأحداث تجاوزت السياسة الروسية التي لم تستطع في يوم من الأيام تقديم أي إيجابية على الصعيد الإقليمي

من خلال اللقاءات التي عقدها بوتين مع عدد لا بأس من كبار المسؤولين العرب، رشّح أنّه يؤكد على ثلاث نقاط. يؤكّد في البداية أن التدخل العسكري الروسي الذي تمثّل في إرسال طائرات إلى الساحل السوري من أجل قصف “داعش”، إنما يستهدف “استعادة التوازن على الأرض” تمهيدا لتسوية سياسية.

يشدّد بوتين، في الغرف المغلقة، على أن روسيا مقتنعة ثانيا بضرورة رحيل الأسد الابن في مرحلة معيّنة وذلك عن طريق إقناعه بعدم الترشّح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. لكنه يشدّد ثالثا، وأخيرا، على أنّ المطلوب في المرحلة الراهنة تثبيت الهدنة على إحدى الجبهات لتسهيل البحث عن حلّ سياسي. إنّه الاختراق الذي يبحث عنه الكرملين من دون أن يدرك أنّ لبّ المشكلة في مكان آخر، أي في العلاقة بين “داعش” والنظام السوري، وهي علاقة عضوية. تلك هي الحلقة المفقودة في المنطق الروسي.

لا شكّ أن هناك ما يدعو إلى البحث عن تسوية سياسية في سوريا في ظلّ ما بات “داعش” يشكّله من خطر على الأمن في الشرق الأوسط وفي أوروبا. لا حاجة إلى تأكيد أنّ “داعش” أثبت مدى خطورته بعد تفجير طائرة الركّاب الروسية في الجوّ وبعد تفجيرات برج البراجنة في بيروت.. وبعد “غزوة باريس″. ثمّة حاجة إلى اقتلاع “داعش”. ولكن هناك أيضا حاجة إلى التواضع قليلا بدل الهرب من الواقع المتمثّل في أن لا فائدة من أيّ بحث جدّي في شنّ حرب على “داعش” بوجود النظام السوري.

من يعود قليلا إلى خلف، يتذكّر أن “داعش” لم ينم ويتمدّد إلّا في ظل استمرار الحرب السورية. بقي وجود “داعش”، وما يشبه “داعش” محدودا في بداية الثورة الشعبية في سوريا في مارس من العام 2011 وقبل ذلك. ما غيّر المعادلة إطلاق النظام السوري مجموعات متطرّفة من سجونه في مرحلة معيّنة كان فيها العراق يشكو من إرهابيين يدخلون من الأراضي السورية. بقدرة قادر أطلقت حكومة نوري المالكي، لاحقا، مجموعات متطرّفة كانت في سجن أبو غريب. جاء ذلك بعدما صار المالكي في مرحلة معيّنة تحت السيطرة التامة لطهران. نسي فجأة أنّه كان يشكو قبل فترة قصيرة من دور النظام السوري في إرسال إرهابيين إلى العراق!

لكنّ العامل الأساسي الذي لعب دورا في تمدّد “داعش”، إضافة إلى استثمار النظامين السوري والإيراني فيه، كان زيادة الشرخ المذهبي السنّي ـ الشيعي اتسّاعا. أزال “داعش”، قبل أن يحتلّ الموصل وتدمر بتواطؤ واضح مع حكومة نوري المالكي ونظام بشّار الأسد، الحدود بين سنّة العراق وسنّة سوريا.

لم يكن “داعش” قادرا على ذلك لولا إزالة الحدود بين لبنان وسوريا من منطلق مذهبي ليس إلّا. تدخّل “حزب الله”، وهو لواء في “الحرس الثوري” الإيراني عناصره لبنانية، إلى جانب النظام السوري. لم يأخذ في الاعتبار أيّ عامل ذي علاقة بالسيادة اللبنانية أو بالحدود المعترف بها بين “الجمهورية العربية السورية” و”الجمهورية اللبنانية”. صار الرابط المذهبي فوق كلّ ما عداه. هل هذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي لا تريد روسيا الاعتراف به والذي باتت تقيم فيه “داعش”.

هناك تركيبة معيّنة صنعت “داعش”. لا يمكن اعتبار “داعش” غريبا عن هذه التركيبة التي لا يمكن تفكيكها بوجود النظام السوري. “داعش” والنظام السوري توأمان لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر بأيّ شكل وفي أيّ ظروف.

في حال كان بوتين جدّيا في إيجاد تسوية في سوريا، لا يمكنه الاكتفاء بتقديم ضمانات من تحت الطاولة بأن بشّار الأسد لن يترشّح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. النظام السوري ليس ورقة يمكن استخدامها في أيّ مفاوضات تتعلّق بمستقبل سوريا. النظام السوري انتهى منذ اليوم الذي قال فيه مراهقون سوريون لآبائهم إنّهم لن يقبلوا الذل الذي قبل به هؤلاء الآباء. هذا كلّ ما في الأمر. انتهى النظام في اليوم الذي لم يفهم فيه بشّار الأسد أن الردّ على التلامذة الذين كتبوا شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” في مدارس درعا لا يكون باعتقال هؤلاء وتعذيبهم وإهانة ذويهم الذين طالبوا بهم..

في النهاية، هل تريد روسيا التعاطي مع الأزمة السورية من زاوية تكشف أن موسكو في 2015 ليست موسكو المستعدة في 1977 للتغاضي عن جرائم النظام السوري، بما في ذلك اغتيال شخص مثل كمال جنبلاط، حامل وسام لينين. وقتذاك تجاهل الاتحاد السوفياتي الجريمة ومرّ عليها مرور الكرام من منطلق أن علاقته بدمشق أهمّ بكثير من علاقة تربطه بشخص معيّن، مهما كان هذا الشخص قريبا من موسكو.

لا تُخاض الحرب على “داعش” بمعزل عن المعطيات الإقليمية، بما في ذلك الشرخ المذهبي الذي بات هذا التنظيم يقتات منه. هناك المشروع التوسّعي الإيراني الذي يستثمر في الغرائز المذهبية. هناك أيضا تصرّفات النظامين في سوريا والعراق التي تصبّ في خدمة كل ما له علاقة بإثارة السنّة العرب في المنطقة. هناك، أيضا وأيضا، الميليشيات المذهبية واللبنانية والعراقية والأفغانية، التي تدعمها إيران والتي لم تؤد تصرّفاتها سوى إلى تغذية كلّ ما له علاقة بالتطرّف المذهبي من قريب أو بعيد.

لا ينفع مع “داعش” سوى الكيّ. تكون بداية الكيّ بتحقيق موسكو لاختراق في غاية الأهمّية. مثل هذا الاختراق لا يكون بالتوصّل إلى اتفاق لوقف النار على هذه الجبهة أو تلك. الاختراق يكون بالإعلان صراحة أن لا مستقبل لسوريا بوجود بشّار الأسد ولا حرب ناجحة على “داعش” ما دام النظام السوري قائما.

هذا النظام الذي يلفظ أنفاسه لم يبق له سوى “داعش”. كلّ ما تبقّى تفاصيل ودوران في حلقة مغلقة تفاديا للإجابة عن سؤال في غاية البساطة فحواه هل من أمل في بقاء سوريا موحّدة أم كلّ ما هو مطلوب إطالة الأزمة بغية الإمعان في تفتيتها عن طريق التذرع بـ”داعش” من جهة و”شرعية” بشّار الأسد من جهة أخرى؟

arabstoday

GMT 08:22 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 08:09 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بدأ «الشو» مبكرًا

GMT 08:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر.. راقصة على خفيف

GMT 08:06 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 07:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان!

GMT 07:56 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

«ميتا» تسافرُ بكنوزنا إلى الماضي.. في حضرة «المتحف المصري»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاختراق الروسي المطلوب سوريا الاختراق الروسي المطلوب سوريا



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab