الكويت وإيران هل صحيح الجار قبل الدار

الكويت وإيران... هل صحيح الجار قبل الدار

الكويت وإيران... هل صحيح الجار قبل الدار

 العرب اليوم -

الكويت وإيران هل صحيح الجار قبل الدار

خيرالله خيرالله

المخطط الإيراني في المنطقة لا سقف له ولا حدود، وإذا كان الأمر مع الكويت «القريبة» من إيران هكذا، فالأمر مع الدول الأخرى، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، سيكون أصعب وأمر.

لم يكن الكويتيون يتوقعون أن يستفيقوا يوما ليجدوا بين بيوتهم ترسانة أسلحة ضخمة قادمة من إيران ومخزنة لدى مواطنين أقروا بانتمائهم إلى “حزب الله” وعلاقاتهم بأجهزة إيرانية وأنهم تلقوا تدريبات عسكرية في لبنان، وأنهم يؤسسون لفرعيْن سياسي وعسكري في الكويت، في انتظار التعليمات سواء من إيران أو من قيادة الحزب.

التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في الكويت شملت 25 متهما وهم مرشحون للزيادة. خلصت التحقيقات إلى اتهامات قوية تبدأ بـ“زعزعة الاستقرار” وتنتهي بـ“تقويض نظام الحكم”. لم تجد الحكومة الكويتية بدّا من انتظار كلمة القضاء كون الأحكام النهائية ستصدر من المحكمة. ومع ذلك أصدرت بيانا شديد اللهجة اعتبر أن المقصود بالمخطط الذي تم اكتشافه “ضرب كيان الكويت نفسه”. معنى ذلك أن الأمر يتجاوز اكتشاف أسلحة ومجموعة إرهابية، إلى مخطط يستهدف الدولة ومؤسساتها.

تكمن خطورة خلية “حزب الله” في الكويت واعترافات أفرادها بالعلاقة العضوية مع إيران في الرسالة التي أريد إيصالها من خلال ترسانة أسلحة تكفي لتفجير مدينة بأكملها. فحوى الرسالة أن إيران لم تراع أقرب دولة خليجية لها، ولم تأخذ في الاعتبار أن الكويت لعبت أدوارا كثيرة في تقريب وجهات النظر بين إيران ودول الخليج من جهة، وبين إيران ودول العالم من جهة أخرى. إيران لم تحترم اليد الكويتية التي مُدت لها، بل بادلت عشرات المبادرات الكويتية الخيّرة تجاهها، بما في ذلك زيارة أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد لطهران، بأطنان من “سي فور”، وهي مادة شديدة الانفجار، والأسلحة الثقيلة والخفيفة. تؤكّد الرسالة الإيرانية أن المخطط الإيراني في المنطقة لا سقف له ولا حدود، وأنه إذا كان الأمر مع الكويت “القريبة” من إيران هكذا، فالأمر مع الدول الأخرى، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، سيكون أصعب وأمر وأدهى.
الملفت في الحدث الكويتي، أنّ اكتشاف الخلية الإيرانية وترسانتها، جاء بعد أسابيع قليلة من توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع المجتمع الدولي (مجموعة الـ5 زائد 1)، وبعد أيام من مقال لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، عنوانه “الجار قبل الدار”، وقبل أيام من خرق آخر للسيادة الكويتية تمثل في اتخاذ إيران خطوة من جانب واحد في حقل الدرة البحري المشترك بين السعودية والكويت، حين أقْدمت على استدراج عروض مناقصات من الشركات الأجنبية لبدء الاستثمار والاستكشاف في الغاز والنفط. وحدا ذلك بالكويت إلى توجيه احتجاج رسمي.
    
    

وعدت إيران العالم بأنها ستعطي تطمينات لدول الخليج بفتح صفحة جديدة معها. وجهت رسائل مختلفة في اتجاهات متنوعة بأن الاتفاق النووي ليس على حسابها، لكنها سارت في ما يبدو بمسار آخر. الكلام العلني الإيراني شيء، وما تقوم به على الأرض شيء آخر. ما تقوم به إيران يتمثل في تمتين شبكاتها داخل دول الخليج ومدها بكل ما يلزم من دعم مالي وعسكري، في انتظار تغيّر الظروف واستخدام هذه الشبكات ورقة جديدة للتفاوض مع العالم في شأن دور إقليمي أوسع يحقق لها حلم الامبراطورية الفارسية (المُغطّى أيضا بالخطاب الإسلامي). من يراقب سلوك إيران في العراق الداعم بقوة لأدواتها الميليشوية، وسلوكها في سوريا الساعي لإيجاد مخارج تبقي بشّار الأسد في السلطة، يُدرك أن التركيز الإيراني المقبل هو على انتزاع شرعية الدور الإقليمي الأول.

الكويت دولة مسالمة، هذا ليس سرّا. إنها على استعداد للتغاضي عن إساءات كثيرة تجاهها وذلك حرصا منها على الاستقرار في المنطقة، وعلى إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع الجميع. هذا لا يعني، في أيّ شكل، أن هناك استعدادا كويتيا للتغاضي عن أي إساءة لأمنها الداخلي أو المس به. سلاح الكويت في هذا المجال هو الوحدة الوطنية والمحافظة عليها. الدليل على ذلك التصرّف العفوي للسلطات الكويتية، على رأسها أمير الدولة، لدى تفجير مسجد الصادق قبل بضعة أسابيع وسقوط عدد كبير من الضحايا.

كانت هناك مسارعة إلى التصرف بما يثبت أن الكويت لجميع الكويتيين. كان المفجّر مواطن سعودي من “داعش”. أمكن كشفه بسرعة. كشف أيضا شركاؤه في الكويت وقبض عليهم. هناك قناعة لدى الكويتيين بأن الوحدة الوطنية هي خط الدفاع الأوّل عن الكويت.

ظهرت الوحدة الوطنية التي يدافع بها الكويتيون عن بلدهم عند حصول الاجتياح العراقي للكويت، في مثل هذه الأيّام قبل ربع قرن. لم يجد صدّام حسين، وقتذاك، كويتيا واحدا على استعداد للتعاون معه أو حتى لفتح حوار من أيّ نوع كان مع الاحتلال أو من يمثّله. كان موقف الكويتيين الحجر الأساس الذي حال دون تمكين النظام العراقي السابق من تحقيق أهدافه. وتكفّل المجتمع الدولي، بفضل وعي كبار الأسرة الحاكمة، بإعادة البلد إلى أصحابه.

في مواجهة الخطر الإيراني، ليس أمام الكويتيين، مرّة أخرى، من خيار غير تأكيد أنّ كلّ متفجرات العالم لن تجعلهم يتخلون عن الوحدة الوطنية. في النهاية، ما لابدّ من تذكّره أن الكويت عرفت، دائما، كيف تحمي نفسها، حتّى إبّان الحرب الباردة وطوال الحرب العراقية الإيرانية بين 1980 و1988 من القرن الماضي. الأكيد أنّ كمية المتفجرات المكتشفة ونوعها يثيران قلقا كبيرا، كذلك الواقع المتمثل في أن الأسلحة والمتفجرات جاءت من إيران، وأن مواطنين كويتيين تدربوا في لبنان لدى حزب الله الذي هو في نهاية المطاف لواء في “الحرس الثوري الإيراني”.

يدلّ هذا كلّه على أن الكويت تواجه تحديات جديدة في منطقة لا تزال تعيش تحت تأثير ترددات الزلزال العراقي الذي تسببت به الإدارة الأميركية في العام 2003، عندما قرّرت إسقاط النظام في العراق. لم تفكر إدارة جورج بوش الابن في أن الحاجة كانت إلى خطة واضحة المعالم يجري تطبيقها في اليوم الأوّل الذي يدخل فيه الأميركيون بغداد.

هذا الزلزال العراقي زاد من شهية إيران إلى التوسّع. الثابت أن الشهية الإيرانية زادت بعد توقيع الاتفاق النووي. بات واضحا أنّ هناك استهدافا إيرانيا للكويت العضو الفاعل في “مجلس التعاون لدول الخليج العربية”. كيف ستردّ الكويت على التحديات الجديدة؟

نقطة البداية الوحدة الوطنية في الكويت. تغيّرت الظروف الإقليمية وتغيّرت طبيعة التحديات. ما لم يتغيّر هو الكويت التي لا تزال، إلى إشعار آخر، متمسكة بالوحدة الوطنية التي تراهن إيران على اختراقها. الأرجح أنّها لن تتمكّن من ذلك، الأرجح أنّها ستفشل حيث فشل قبلها صدّام حسين وآخرون. هذا على الأقلّ ما توحي به المعطيات وردود الفعل الشعبية والرسمية على كشف الأسلحة والمتفجرات والذين كانوا ينوون استخدامها. هناك حزم ولكن هناك تروّ في الوقت ذاته. هذه طبيعة الكويت التي لم تتغيّر.

arabstoday

GMT 01:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 01:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 01:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 01:40 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 01:38 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 01:36 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 01:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 01:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت وإيران هل صحيح الجار قبل الدار الكويت وإيران هل صحيح الجار قبل الدار



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم
 العرب اليوم - أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم

GMT 01:16 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

مسمار جحا

GMT 00:55 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

شراسة بلوزداد بعد مباراة القاهرة!

GMT 06:28 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الكونغرس... وإشكالية تثبيت فوز ترمب

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 20:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هزة أرضية بقوة 3.1 درجة تضرب الجزائر

GMT 20:28 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 5.1 درجة يهز ميانمار

GMT 09:28 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

كليوباترا وسفراء دول العالم

GMT 00:15 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وفاة ملاكم تنزاني بعد تعرضه الضربة القاضية

GMT 09:27 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

مطار برلين يتوقع ارتفاع عدد المسافرين إلى 27 مليونا في 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab