اليمن والحوار الوطنيوالابتعاد عن الاوهام

اليمن والحوار الوطني...والابتعاد عن الاوهام

اليمن والحوار الوطني...والابتعاد عن الاوهام

 العرب اليوم -

اليمن والحوار الوطنيوالابتعاد عن الاوهام

خيرالله خيرالله

على بعد أيّام من مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، يبدو مفيدا اكثر من أي وقت الابتعاد عن الاوهام. في مقدّم الاوهام الاعتقاد أنّ المؤتمر الذي لا مفرّ منه سيأتي بمعجزة. ولّى اوان المعجزات، لكن لا شيء يحول دون التفاؤل بقدرة اليمنيين على النزول الى ارض الواقع والاعتراف بأنّ المشاكل التي تواجه بلدهم تحتاج الى صيغة جديدة للحكم. يفترض في مثل هذه الصيغة أن تاخذ في الاعتبار أن اليمن الذي عرفناه لم يعد قائما. المهمّ ان يمهد مؤتمر الحوار الوطني ابتداء من يوم الثامن عشر من الشهر الجاري لقيام نظام جديد يقوم على التبادل السلمي للسلطة. الأهمّ من ذلك، ان تكون هناك قيامة لليمن بعد المرحلة  التي تنتهي يعد احد عشر شهرا، اذ يخشى ان يغرق البلد في مستنقع التجاذبات الداخلية والاقليمية التي لم يعد معروفا لا اين تبدأ ولا اين يمكن ان تنتهي. المؤسف ان مستقبل اليمن، ذي الحضارة العريقة، مفتوح على المجهول بدل ان تكون هناك خطة واضحة، متفق في شأنها، تنقل البلد الفقير الى مرحلة وصيغة حكم جديدتين تعالجان المشاكل الكثيرة التي تواجهه وتواجه شعبه المغلوب على امره. هذا الشعب الذي عانى الامرّين منذ ما قبل اعلان الجمهورية في العام 1962. ما نشهده اليوم هو انكشاف للبلد في ظل عوامل جديدة بعضها خارجي والاخر داخلي. لم يعد التدخل الايراني في شؤون اليمن سرّا. ثمة من يعتقد ان اخطر ما في التدخل زيادة البقعة التي يسيطر عليها الحوثيون في الشمال وتمددهم في اتجاه صنعاء. يضاف الى ذلك، تكديسهم السلاح في العاصمة وبلوغ نفوذهم المناطق الوسطى من اليمن وهي اكثر المناطق كثافة سكّانية كما فيها اكبر مدن اليمن وهي تعز. الغريب في الامر ان الحوثيين، الذين تحوّلوا من الزيدية الى الشيعة الاثني عشرية، وجدوا وسائل لاختراق المناطق الوسطى، بما فيها تعز، على الرغم من انها مناطق شافعية في اكثرها! وهكذا، يبدو جليا ان التدخل الايراني لم يعد محصورا في ما كان يسمّى الشمال، بل ان الايرانيين، استطاعوا، عبر الحوثيين، ايجاد بعض النفوذ لهم في تعز والمنطقة المحيطة بها، كما انهم يدعمون "الحراك الجنوبي" الذي يدعو الى الانفصال والعودة الى الوضع الذي كان قائما قبل ايار- مايو 1990 حين تحققت الوحدة بين شطري اليمن. ما يزيد الوضع سوءا سعي الاخوان المسلمين الى تعزيز مواقعهم في كل اليمن معتمدين على تنظيمهم القديم من جهة وعلى التركيبة القبلية لليمن. وجدوا من يدعمهم  من داخل التركيبة القبلية بعدما لعب الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر، رحمه الله، دورا في ايجاد الغطاء القبلي لحزب اسلامي كبير، يضمّ بين ما يضمّ الاخوان، هو "التجمع اليمني للاصلاح". وكان الشيخ عبدالله رجلا استثنائيا بكلّ المقاييس بفضل ما كان يمتلكه من نفوذ داخل قبيلة حاشد، وكان شيخها، وعلى صعيد كل القبائل اليمنية، فضلا عن العلاقة التي ربطته بالرئيس علي عبدالله صالح الذي حكم اليمن ثلاثة وثلاثين عاما. منذ ما قبل بدء المرحلة الانتقالية، حصل تغيير في العمق في اليمن. ما لا يمكن تجاهله حاليا هو ان هناك انقساما في الشمال يستفيد منه الحوثيون الى ابعد حدود وذلك في ضوء خروج علي عبدالله صالحمن السلطة من جهة وانهيار المعادلة التي كنت قائمة سابقا والتي كان اسمها معادلة "الشيخ والرئيس". غاب الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر عن الساحة اليمنية، فيما اضطر علي عبدالله صالح الى الاستقالة بفعل ضغط شعبي وقبلي وحتى اقليمي ودولي. اننا امام يمن جديد. يمن موحد، اقلّه ظاهرا، لم يعد يحكم من صنعاء. في هذا اليمن مناطق تحت السيطرة الكاملة للحوثيين، كما فيه مناطق اخرى تحت سيطرة "القاعدة" وفيه شخصيات تدعو علنا الى الانفصال. هل الانفصال حلّ في اليمن...ام انه الطريق الاقصر لتشظي البلد؟ هل صدفة ان ايران تدعم الحوثيين في الشمال والانفصاليين في الجنوب؟ لا علاج في المدى القصير للظاهرة الحوثية التي تشكل الاخطر الاكبر على اليمن في المدى الطويل. انها مسألة معقدة تحتاج الى خبراء في هذا الشأن، بل الى عقلاء، يأخذون في الاعتبار ان هناك ظلما تاريخيا لحق باهل صعدة والمحافظات القريبة منها، مثل عمران والجوف... وحتى حجة، منذ قيام الجمهورية. لا يمكن السعي الى معالجة الظاهرة الحوثية، وهي خطيرة بكل المقاييس، في ظلّ استمرار المشاكل القائمة في الجنوب وسعي الاخوان المسلمين الى اعداد نفسهم لتولي السلطة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية. يسعون الى ذلك، بغض النظر عما يفعله الحوثيون في مناطقهم، وحتى داخل صنعاء، وبغض النظر عمّا يدور في المحافظات الجنوبية والشرقية او في حضرموت حيث تعمل "القاعدة" على تعزيز وجودها مستفيدة من الجهل اوّلا. لا بدّ من ايجاد نقطة انطلاق في يمن ما بعد المرحلة الانتقالية. هناك رئيس اختار تفادي الدخول في مواجهات عقيمة. قبل هذا الرئيسالتخلّي عن السلطة. لهذا الرئيس، الذي اسمه علي عبدالله صالح، حسنات وسيئات. لكنّ الطريقة التي خرج بها من السلطة وبقاءه في اليمن يدلان على ان لا احد يمكن ان يلغي احدا في اليمن. فالملفت قبل الزيارة الاخيرة التي قام بها الرئيس عبدربه هادي منصور لعدن، وخلال الزيارة وبعدها، أستفاقة كل الحساسيات التي كانت قائمة في الجنوب قبل الوحدة. هذا واقع لا يعتبر شخص مثل الرئيس عبدربه مسؤولا عنه في ايّ شكل. لو لم تكن هذه الحساسيات قائمة، لما انهارت "جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية" ولما تحققت الوحدة في العام 1990. هذا يعني بكلّ بساطة انه يمكن الانطلاق من الجنوب لمعالجة مشاكل اليمن ككل. اليمن يحتاج الى صيغة حكم جديدة في اساسها اللامركزية وليس الى انفصال من هنا وآخر من هناك. من يقول ان اهل عدن اقرب الى حضرموت مما هم عليه من اهل تعز؟ باختصار شديد. مشكلة اليمن ليس في الوحدة. مشكلة اليمن في الحاجة الى صيغة جديدة للحكم تسمح بالبحث في ما يمكن عمله في مرحلة ما بعد سقوط صيغة "الشيخ والرئيس". لم يعد اليمن يحكم من صنعاء كما كانت عليه الحال في الماضي. صار اليمن ضائعا. هذا ما استوعبه الايرانيون قبل غيرهم ولذلك راهنوا باكرا على الحوثيين وعلى الانفصال...وعلى كلّ ما يمكن يؤجج التجاذبات والانقسامات، بما في ذلك نشاط الاخوان والسلفيين و"القاعدة". هل من مجال لحوار في اليمن...حوار يأخذ في الاعتبار ان المشكلة ليست في الوحدة بمقدار ما انها في الحاجة الى البحث عن صيغة جديدة للبلد من منطلق ان اليمن الذي عرفناه في الماضي، كدولة مركزية تحكم من صنعاء، لم يعد قائما؟

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمن والحوار الوطنيوالابتعاد عن الاوهام اليمن والحوار الوطنيوالابتعاد عن الاوهام



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab