هل يستعيد لبنان استقلاله

هل يستعيد لبنان استقلاله؟

هل يستعيد لبنان استقلاله؟

 العرب اليوم -

هل يستعيد لبنان استقلاله

خيرالله خيرالله

مرّت الذكرى الـ72 لاستقلال لبنان والبلد من دون رئيس للجمهورية، وذلك للسنة الثانية. هل بدأ البلد يتعوّد على غياب الرئيس؟

يعطي غياب رئيس الجمهورية فكرة عن الهجمة المستمرّة التي يتعرّض لها هذا البلد الصغير، ومدى قدرة اللبنانيين على مقاومة الهجمة التي بدأت تأخذ أبعادا جديدة. مجرّد أن يكون هناك قرار لدى جهة ما بمنع انتخاب رئيس للجمهورية، يعكس المدى الذي بلغته المحاولة الانقلابية الهادفة إلى تغيير طبيعة النظام اللبناني وتركيبة البلد وإلحاق الوطن الصغير بحلف إقليمي معيّن واضح المعالم.

كان مفترضا بهذا الحلف أن يبدأ بطهران ويعبر بغداد ودمشق، وصولا إلى بيروت حتّى مارون الراس في أقصى جنوب لبنان. لكنّ الثورة السورية وما تلاها من فشل إيراني في إنقاذ النظام، غيّر المعطيات إلى حدّ كبير.

ما تغيّر يتمثّل في زيادة زخم الهجمة التي يتعرّض لها لبنان بهدف تحقيق تغيير في العمق للنظام، على غرار التغيير الذي أصاب المجتمع الشيعي في بلد كان فيه هذا المجتمع يرمز إلى كلّ ما هو تقدّمي وحضاري وذي طابع انفتاحي على كلّ صعيد.. بدءا بالفنّ والأدب وصولا إلى السياسة والانفتاح الاجتماعي على الآخر.

على هامش الذكرى الـ72 للاستقلال الذي تحقّق في العام 1943 بفضل رجالات دولة من حجم بشارة الخوري ورياض الصلح، ثمّة جوانب ملفتة تستأهل التوقّف عندها.

لا يقتصر الأمر على منع مجلس النوّاب من انتخاب رئيس للجمهورية، علما أن الدستور واضح في هذا الشأن. الدستور من الوضوح إلى درجة أنّه يفرض على المجلس منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس الانعقاد كهيئة انتخابية وحصر نشاطاته بانتخاب رأس الدولة.
    
هناك نوّاب يرفضون النزول إلى المجلس وترك اللعبة الديمقراطية تأخذ مجراها. هناك تعطيل لعمل مجلس النوّاب في موازاة تعطيل لكلّ مؤسسات الدولة، بما في ذلك مجلس الوزراء الذي لا يستطيع الانعقاد من أجل إيجاد حلّ لمشكلة النفايات. هل في العالم بلد يعاني من هذا النوع من المشاكل في وقت تستطيع لجنة صغيرة تضمّ مجموعة من الخبراء يتمتعون بحدّ أدنى من النزاهة والرؤية، إيجاد وسيلة للاستفادة من النفايات في مجالات عدّة من بينها إنتاج الطاقة!

الأخطر من ذلك كلّه، أن لبنان معطّل. لم يعد مكانا يأتي إليه العرب. نسي اللبنانيون أن هناك سياحا يأتون إليه من الدول العربية، خصوصا من الخليج يساهمون في ازدهار اقتصاده.

في السنوات الأخيرة التي تميّزت بالتعطيل المبرمج للحياة السياسية، عبر إسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري، وفرض نجيب ميقاتي رئيسا لمجلس الوزراء على رأس حكومة “حزب الله”، صار لبنان معزولا عربيا. صار بلدا من نوع آخر، ذي حدود مفتوحة على الداخل السوري. يعبر هذه الحدود مقاتلون من “حزب الله” من أجل المشاركة في الحرب التي يشنّها النظام على الشعب السوري من منطلق مذهبي ليس إلا. أين مصلحة لبنان في ذلك؟ أين مصلحته في دخول ميليشيا مذهبية تابعة لحزب معروف بارتباطه المباشر بإيران طرفا في الحرب على الشعب السوري؟

على هامش منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، هناك أيضا أزمة اقتصادية عميقة. هناك قطاعات اقتصادية باتت مهدّدة. القطاع المصرفي يواجه وضعا جديدا، وقطاع الخدمات دخل مرحلة التراجع التي تجعل من لبنان بلدا متخلّفا على كلّ صعيد.

يحصل ذلك على الرغم من أن كلّ الخطط المرتبطة بتطوير البلد موضوعة منذ بدء مشروع إعادة الحياة إلى بيروت مطلع التسعينات من القرن الماضي. حتّى كابلات “الفايبر” التي تربط لبنان بشبكة الإنترنت العالمية موجودة من أجل أن يمتلك لبنان الشبكة العنكبوتية الأسرع في المنطقة.. وليست شبكة متخلّفة كما هو الحال الآن.

يشير منع انتخاب رئيس للجمهورية إلى رغبة واضحة ومدروسة بعناية من أجل تحقيق أهداف سياسية معيّنة عبر ضرب المؤسسات من جهة، ونشر البؤس من جهة أخرى. لا شيء يحدث بالصدفة في لبنان. هناك تصميم أكثر من أي وقت على وضع اليد على البلد. فعندما يدعو الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى “تسوية”، لا معنى لهذه الدعوة ما دام الحزب يمتلك ميليشيا مسلّحة تتدخل في سوريا من دون أي أخذ في الاعتبار للمصلحة اللبنانية.

تتم التسويات عادة بين أطراف يمتلك كلّ منها حرّيته في ظلّ حدّ أدنى من توازن القوى. هناك شعب لبناني مقهور، لا يمتلك حتّى حرية الهجرة، يتفاوض مع حزب مسلّح ينفّذ أجندة إيرانية ولا شيء آخر غير ذلك. كلّ ما في الأمر أن إيران باتت في حاجة إلى تأكيد سيطرتها على لبنان أكثر من أي وقت بسبب النكسات التي تعرّضت لها في العراق وسوريا.. واليمن.

في الذكرى الـ72 للاستقلال، الذي لم يعد سوى ذكرى، يكتشف اللبناني، مجدّدا، لماذا اغتيلت كلّ شخصية فكّرت في مرحلة معيّنة في كيفية حماية البلد. اغتيل كمال جنبلاط عندما بدأ يعي خطورة نظام حافظ الأسد على لبنان، واغتيل بشير الجميّل عندما بدأ يستوعب أن لا مفرّ لديه من رفع شعار “لبنان أوّلا” في وجه الأطماع الإسرائيلية والسورية. واغتيل المفتي حسن خالد عندما أكّد، بما لا يدع مجال لأي شك، أن مسلمي لبنان لبنانيون أوّلا.

لا داعي إلى عرض الأسباب التي أدّت إلى اغتيال هذه الشخصية أو تلك. الأسباب كلّها متشابهة. ولكن كلّما مرّ الوقت، نفهم أكثر فأكثر لماذا اغتيل رفيق الحريري في شباط ـ فبراير عام 2005. اغتيل، بكل بساطة، من أجل أن يصل الوضع اللبناني إلى ما وصل إليه في السنة 2015. ليست هناك كمّية لا تحصى من الفرص الضائعة على البلد وعلى مواطنيه فحسب، هناك توقّف كلّي أيضا لكل المشاريع المرتبطة بالبنية التحتية، وعجز عن التفكير في كيفية مواجهة العزلة العربية المفروضة على الوطن الصغير في ظلّ أزمة اقتصادية تزداد حدّتها يوما بعد يوم. إنّها مجموعة من التحديات لا ترحم بأي شكل.

فوق ذلك كلّه، هناك إصرار على تغيير النظام، بقوة السلاح المذهبي، فيما على لبنان أن يفكّر في السنة 2015 في كيفية مواجهة التحدي الأكبر منذ الاستقلال.

التحدّي الذي اسمه مشكلة اللاجئين السوريين يفوق في حجمه تحدّي السنة 1948 عندما تدفّق اللاجئون الفلسطينيون على البلد.. وصولا إلى فرض اتفاق القاهرة المشؤوم في العام 1969.

هل لبنان قادر على مواجهة كلّ هذه التحديات كي يستعيد استقلاله في غياب رئيس للجمهورية، وفي ظلّ المعاناة وكلّ الفرص الضائعة عن سابق تصوّر وتصميم؟

arabstoday

GMT 04:52 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

القوة الناعمة: سناء البيسي!

GMT 04:48 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

قفزات عسكرية ومدنية

GMT 04:45 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

عن الأزهر ود.الهلالى!

GMT 04:30 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

خير الدين حسيب

GMT 04:21 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

صوت من الزمن الجميل

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يستعيد لبنان استقلاله هل يستعيد لبنان استقلاله



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:05 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية
 العرب اليوم - مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية

GMT 03:01 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

استشهاد 70 شخصًا فى قطاع غزة خلال 24 ساعة

GMT 00:58 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

أوغندا تعلن السيطرة على تفشي وباء إيبولا

GMT 01:04 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

قصف مبنى في ضاحية بيروت عقب تحذير إسرائيلي

GMT 02:57 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

الطيران الأميركي يستهدف السجن الاحتياطي

GMT 20:28 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

أخطاء شائعة في تنظيف المرايا تُفسد بريقها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab