وضع جديد في اليمن… انطلاقا من عدن

وضع جديد في اليمن… انطلاقا من عدن

وضع جديد في اليمن… انطلاقا من عدن

 العرب اليوم -

وضع جديد في اليمن… انطلاقا من عدن

خير الله خير الله

مرّة أخرى استهدف إرهاب “داعش” الشرعية اليمنية في عدن. جاء ذلك في وقت تسعى هذه الشرعية إلى تثبيت نفسها بعدما عاد نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح إلى عاصمة الجنوب من أجل العمل على إعادة الحياة والأمن إلى المدينة، وقبل ذلك إلى حكومته، تلك الحكومة التي عدّلها الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي من دون موافقته. أخيرا حصلت مصالحة بين الرئيس الانتقالي ونائبه، وبات عليهما مواجهة وضع جديد انطلاقا من عدن.

شكّلت عودة بحاح إلى عدن تطورا في غاية الإيجابية، خصوصا أنّه عقد لقاء مع عبدربّه منصور في المدينة بهدف التنسيق الثنائي والسعي إلى طي صفحة التجاذبات التي سادت في الأشهر القليلة الماضية، والتي عطّلت العمل الحكومي وجعلت الشرعية تبدو وكأنّها شرعيتان.

جاء التفجير الذي استهدف حاجزا عند مدخل الطريق المؤدي إلى منطقة المعاشيق، حيث القصر الرئاسي، والذي أدّى إلى مقتل نحو سبعة عناصر من الجيش الحكومي المعاد تشكيله حديثا، للتذكير بحجم التحدّيات التي تواجه اليمن. إنّها تحديات كبيرة جدا خصوصا في ظلّ الجهود التي بذلها التحالف العربي من أجل منع وضع اليد الإيرانية على البلد. من يتذكّر أن “أنصار الله” كانوا في الأمس القريب في عدن، وأنّهم كانوا يحتلون المدينة كلّها بما في ذلك منطقة المعاشيق التي ليس صعبا تأمين الحماية لها بسبب طبيعتها.

كان تحرير عدن من الحوثيين في يوليو الماضي نقطة تحوّل. ما لا يمكن تجاهله أنّه قبل ذلك بسنة تماما، في يوليو 2014، كان الحوثيون يزحفون في اتجاه صنعاء. وقد بدأ زحفهم بالسيطرة على محافظة عمران وعلى المدينة التي تحمل الاسم نفسه، ثم بإخراج آل الأحمر، زعماء حاشد، من بيوتهم وقراهم في تلك المحافظة تمهيدا للاستيلاء على مقر اللواء 310 والآليات التي في حوزته. كان هذا اللواء مع آلياته، التي عددها نحو ثمانين، أحد أهمّ الألوية التابعة للجيش اليمني. جاءت سيطرة الحوثيين على مدينة عمران، التي لا تبعد أكثر من خمسين كيلومترا عن صنعاء، تطوّرا في غاية الأهمية على الصعيد اليمني، بل منعطفا تاريخيا في هذا البلد المهمّ بسبب موقعه الاستراتيجي أوّلا، وحضارته القديمة وثقله السكّاني ثانيا وأخيرا.

قبل كلّ شيء، أثبت الحوثيون عندما سيطروا على عمران، تمهيدا لدخول صنعاء في سبتمبر 2014، أنّهم باتوا قوّة عسكرية قادرة على هزيمة الجيش اليمني. أتى التحالف العربي ليقلب هذه المعادلة ابتداء من أواخر مارس الماضي وليضع الأمور في نصابها.

بعد معركة عمران، صيف 2014، ثم دخول الحوثيين صنعاء وصولا إلى عدن، لم يعد من شكّ بأنّه بات على القوى الإقليمية، على رأسها المملكة العربية السعودية التي لديها حدود طويلة مع اليمن، أن تأخذ في الاعتبار أنّ إيران صارت موجودة في هذا البلد أكثر من أي وقت. لم تخف طهران ذلك. أكثر من مسؤول إيراني سارع إلى الحديث، وقتذاك، عن أن طهران باتت تسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، وأنها تتحكم بالملاحة في البحر الأحمر نظرا إلى وجودها في مضيق باب المندب اليمني.

تكرّس، وقتذاك، الوجود الإيراني في كلّ اليمن، عبر الحوثيين، في ظلّ نظام ضعيف وحكومة عاجزة حتّى عن معالجة أي جانب من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي يمرّ بها البلد.

لم يعد مسموحا الآن، بعد استعادة الشرعية لعدن ولكل المحافظات الجنوبية في اليمن باستمرار التجاذبات السياسية. على العكس من ذلك، ثمة ضرورة للعمل على الانتقال إلى مرحلة جديدة تقوم على نقطتيْن. تتمثل النقطة الأولى في إيجاد فريق عمل سياسي جدي يجعل من عدن نقطة انطلاق في اتجاه بسط الشرعية في اليمن كلّه، مع الأخذ في الاعتبار أن اليمن الذي عرفناه صار جزءا من الماضي. هذا يعني أن لا مفرّ من البحث عن صيغة جديدة للبلد الذي يمكن أن يتحوّل إلى بلدان أو أقاليم عدة، ربّما في إطار فيديرالي.

أما النقطة الثانية التي هي أيضا في غاية الأهمّية، فإنها تتمثل في متابعة الحرب على الإرهاب بدءا بضبط الأمن في عدن. كان الهجوم الذي شنّه “داعش” على الحاجز العسكري الذي يساعد في حماية الطريق إلى المعاشيق بمثابة تأكيد لوجود فوضى أمنية في المدينة. لا مفرّ من الاعتراف بأن “داعش” و”القاعدة” موجودان في مناطق عدة في الجنوب اليمني، في عدن ومحيطها، وفي شبوة وأبين وحضرموت خصوصا، وهما استفادا كثيرا من التغييرات التي طرأت على المجتمع الجنوبي في صيف العام 1994 عندما انهزم الحزب الاشتراكي في الحرب، وعندما اجتاحت عدن ميليشيات تابعة في معظمها لتنظيم الإخوان المسلمين بفروعه وأشكاله وأقنعته المتعددة.

لا شكّ أن هناك حاجة ملحة إلى التفكير بقيادة جديدة للشرعية في اليمن تتمثل فيها كل المناطق، خصوصا الوسط والشمال. ليس مطلوبا الاستغناء عن عبدربّه منصور وخالد بحاح، وهما من أبين وحضرموت، بمقدار ما أن المطلوب توسيع قاعدة الشرعية بغية تحقيق اختراقات سياسية في تعز وصنعاء وكلّ المحافظات التي في الشمال والوسط، من البيضاء وأب وذمار وصنعاء والحديدة، وصولا إلى حجة وعمران وصعدة.

قدّم التحالف العربي الذي أقدم على “عاصفة الحزم” الكثير لليمن في المجالين العسكري والإنساني، كذلك قدّم الكثير من التضحيات في المواجهة مع الحوثيين الذين تحالفوا مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، عدوهم في ست حروب خاضوها معه بين 2004 و2010. سقط شهداء من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين في عدن ومأرب، دفاعا عن الشرعية في اليمن، لكنّ ما لا مفر من الاعتراف به أن على اليمنيين تحمّل مسؤولياتهم في معالجة وضع في غاية التعقيد.

من الآن يصلح طرح الأسئلة المتعلقة بالحاجة إلى تحقيق اختراقات في تعز وعدن سياسيا وعسكريا، ربّما سياسيا أوّلا، وإلى البحث في الصيغة الجديدة لليمن.

من القادر على تحمّل مسؤوليات المرحلة المقبلة التي تلي الضربة التي وجهها التحالف العربي إلى المشروع الإيراني في اليمن؟

صحيح أنّه لا يمكن إلا الترحيب بالتقارب بين الرئيس الانتقالي ونائبه، لكنّ الصحيح أيضا أن هذا التقارب يحتاج إلى عناصر أخرى تساعد في استكمال ما تحقّق على يد التحالف العربي من جهة، وخوض مواجهة ناجحة مع الإرهاب الذي يطل برأسه في عدن وغير عدن كلّ يوم من جهة أخرى.

arabstoday

GMT 06:03 2016 السبت ,02 إبريل / نيسان

المنطقة في عصر "داعش" والدواعش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وضع جديد في اليمن… انطلاقا من عدن وضع جديد في اليمن… انطلاقا من عدن



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 00:06 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن زايد وبشار الأسد يبحثان تطورات الأوضاع في سوريا
 العرب اليوم - محمد بن زايد وبشار الأسد يبحثان تطورات الأوضاع في سوريا

GMT 00:06 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025
 العرب اليوم - الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab