إيران الثورة لا الدولة

إيران الثورة لا الدولة

إيران الثورة لا الدولة

 العرب اليوم -

إيران الثورة لا الدولة

غسان شربل

ما هو جوهر المشكلة مع إيران؟
- إنها ثورة ترفض الاستقرار في دولة. ثم إنها ثورة في بلد كبير ينام على ثروة. وهي ثورة شيعية في عالم إسلامي يشكل السنّة الأكثرية السّاحقة فيه. الدولة تعقلن الثورة. تقلم أظافرها وأوهامها. تصالحها مع الحقائق والأرقام والمؤسسات. حسن الجوار يُبنى على التزامات دولة، لا على إشعاعات ثورة. والأمر نفسه بالنسبة إلى الاتفاق النووي.

> هل يمكن أن توضح قليلاً؟
- يطالب العالم إيران بالتقيُّد بما يجب أن تلتزم به أي دولة طبيعية، في حين تقرأ طهران في كتاب الثورة وحده. على سبيل المثال الدولة ملزمة باحترام الحدود الدولية للآخرين وعدم التدخُّل في شؤونهم، الثورة تعتبر التسلُّل إلى أراضي الآخرين ومحاولة تغيير أنظمتهم جزءاً من واجبها وطبيعتها. الثورات الدينية لا تعترف بالحدود الدولية وتعتبرها مجرد عائق. المرشد ورجال الدين وجنرالات الحرس يصرّون على النفخ في جمر الثورة، وتصدير هذا الجمر يُشعِل الحروب الأهلية ويهدّد بتمزيق الخرائط وزعزعة الاستقرار.

> لماذا تخطّى نفوذ إيران حدودها؟
- أدرَكت باكراً أهمية القضية الفلسطينية. رفَعَت هذا الشعار في وقت كانت مصر تخرج من النزاع العربي - الإسرائيلي. توقيع اتفاقات كامب ديفيد من جانب مصر واتفاق أوسلو من جانب منظمة التحرير، أعطى انطباعاً خاطئاً مفاده أن السنّة خرجوا من هذا النزاع وأن مشعل المقاومة انتقل إلى الشيعة. هنا يمكن فهم استثمار إيران الكبير بـ «حزب الله» في لبنان، وفي سياق مشروع كبير يحاول تكريس إيران مرجعية سياسية ودينية لكل الشّيعة في العالم. ثم إن إيران اعتمدت سياسات نشطة وعدوانية وطويلة النَفَس، ووضعت في خدمة برنامجها الإقليمي ثروتها وقدراتها. قدّمت أحياناً مصلحتها في الخارج على حاجات الداخل. أنفقت بسخاء على الاختراقات، على رغم معاناة شرائح إيرانية في الداخل.

تصرّفت ببراعة. اخترعت ديموقراطية تحت الرقابة الصارمة للمرشد. يتغيّر الرؤساء ولا تتغيّر السياسات. أخفت برنامجها أحياناً تحت ابتسامة محمد خاتمي، ولاحقاً حسن روحاني.

> وقصة «الموت لأميركا»؟
- هذا نتاج الموقف الأميركي من نظام الشاه. ثم إنه شعار مفيد للتعبئة الجماهيرية.

سياسة إيران تراوح بين الحلم بتقليص الحضور الأميركي في الإقليم، وبين السّعي إلى موقع الخصم الأول والشريك الأول له. الهدف الأول للهجوم الإيراني كان إضعاف الأهمية الاستراتيجية لحلفاء أميركا في المنطقة، مثل السعودية ومصر وتركيا.

> ما هي العوامل التي أفادت إيران في هجومها الإقليمي؟
- نجحت إيران في توظيف مجموعة من الأحداث لمصلحتها. أفادت كثيراً من «غزوتي نيويورك وواشنطن» اللتين أعطتا الانطباع بأن الإرهاب يخرج من البيئة السنّية لا الشّيعية. تلقّت هدية كبرى حين أسقطت أميركا نظام صدام حسين، وبجهل كامل للتركيبة العراقية والإطار الإقليمي. كان نظام صدام وإن محاصراً، الجدار الذي يحول دون تدفُّق النفوذ الإيراني في الإقليم. يمكن القول أن إيران أفادت إلى أقصى حد مما أصاب العراق بعد الغزو الأميركي، وما أصاب سورية بعد غياب حافظ الأسد، وما أصاب لبنان بعد تغييب رفيق الحريري.

> أين أخطأت إيران؟
- أخطأت حين اعتبرت أن بإمكانها إدخال اليمن في منطقة نفوذها، من دون أن تراعي حساسية موقعه، وما يشكّله ذلك من تهديد لأمن الآخرين. أخطأت أيضاً حين اعتبرت أنها يمكن أن تحقق في اليمن ما تعذّر عليها تحقيقه في البحرين، وهو يرمي إلى إضعاف الأهمية الاستراتيجية للسعودية وتطويقها. وأخطأَت حين اعتقدت بأن السعودية لا تستطيع الذهاب في الرد إلى حد اتخاذ قرارٍ بالحرب، لمنع عملية التطويق. لا تستطيع السعودية التعايش مع ترسانة صاروخية تأتمر بأوامر الحوثيين. ولا تستطيع السعودية ومصر احتمال وقوع باب المندب تحت سيطرة ميليشيا تابعة لإيران.

> وما هو المخرَج؟
- أن تتراجَعْ إيران عن مغامرتها اليمنية. وأن تتقبّل حقائق المنطقة وأولاها أنه لا يكفي أن تكون الإدارة الأميركية غير راغبة في التدخل في الإقليم، لتستنتج طهران أنها تستطيع استكمال انقلابها الكبير من دون الالتفات إلى مصالح القوى الأساسية في المنطقة.

الإصرار على المغامرة سيُدخِل إيران في حرب استنزافٍ في أكثر من ساحة. ومَنْ يدري، فقد يؤثّر في الصياغة النهائية لاتفاقها النووي مع الدول الكبرى، ويضع أوباما في موقع حَرِج.

المخرج الحقيقي هو أن تتصرف إيران كدولة لا كثورة، وإن فعلت سيسلّم لها الآخرون بدور مهم يتناسب وحجمها. دور لا يقوم على حساب الآخرين أو تهديدهم. الثورات أيضاً تكبر وتتقاعد، والدليل أن باراك أوباما صافح رئيساً اسمه راوول كاسترو. وقبل كاسترو بعقود كبرت الثورة الصينية واستقرت في دولة، ومدّ رُبّانها ماو تسي تونغ يده لمصافحة زائر أميركي اسمه ريتشارد نيكسون.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران الثورة لا الدولة إيران الثورة لا الدولة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab