إيران والحزم السعودي

إيران والحزم السعودي

إيران والحزم السعودي

 العرب اليوم -

إيران والحزم السعودي

غسان شربل

< قال رفيق الحريري: «كي تفهم السياسة السعودية عليك أن تعايش المسؤولين السعوديين وطريقتهم في التعامل مع الأحداث الصعبة. لا يحبون المغامرات ولا المجازفات. يتسلّحون بالهدوء والصبر والنَفَس الطويل ويفضّلون إبقاء الأزمات بعيدة عن صفحات الصحف. أحياناً يتركون الأزمات ليتولّى الوقت تبريدها ثم يبدأون البحث الهادئ عن حلول. لكن الاعتدال لا يلغي القرار. وإذا استنفدوا أسلحة الصبر والرويّة يتّخذون أصعب القرارات. وحين تلقي السعودية بثقلها وراء قرار، يجد موقفها صداه في كل العواصم. من القاهرة إلى واشنطن ومن إسلام آباد إلى موسكو. أحكي لك عن مسائل عشتها وخبِرتها».
وأضاف: «هل تعرف مثلاً أنني زرت دمشق عشرات المرات مكلّفاً من الملك فهد في مواضيع حساسة بينها العلاقات مع إيران. كان الغرض أن يتدخل الرئيس حافظ الأسد لدى المسؤولين الإيرانيين ليعالجوا خطوات إيرانية من شأنها تصعيد التوتر في المنطقة. حمّلني الملك فهد رسائل مفادها أن قَدَرَنا أن نتعايش مع إيران وهذا قدرها أيضاً. وكان يعتقد أن لا مصلحة لإيران في استفزاز العرب في الخليج وخارجه، سواء باللغة المتوترة أو الممارسات المُقلِقة أو الاختراقات الأمنية».
قال: «سأعطيك مثالاً عمّا تقدم. ذات يوم وخلال الحرب العراقية- الإيرانية خرقت طائرات إيرانية الأجواء السعودية فتصدت لها الطائرات السعودية والدفاعات الأرضية فتم إسقاط طائرتين إيرانيتين وإصابة ثالثة. كنا مع الملك فهد حين أُبلِغ بالحادث. انتظر قليلاً ثم أمر بأن يتم الإعلان عن إسقاط طائرة واحدة. سألناه عن السبب فأجاب: إذا أعلنّا إصابة ثلاث طائرات نكون كمن يهين الجيش الإيراني. نحن لا نريد مواجهة أو مشكلة مع إيران. إذا أهنتَ الجيش الإيراني علانية يشعر بأن من واجبه أن يردّ. الجيش الإيراني يعرف ماذا حصل ولا ضرورة لإخراج الحادث كله إلى العلن... نحن لا نستطيع إلغاء إيران ولا هي تستطيع إلغاءنا...».
أعطى الحريري مثالاً آخر على اهتمام السعودية باحتواء الأزمات وتفادي الحروب والمواجهات. قال إن الملك فهد تلقّى بعد الغزو العراقي للكويت رسالة مفادها أن صدام حسين مستعد للانسحاب إذا وافق العاهل السعودي على لقائه في خيمة على الحدود السعودية- العراقية. وأضاف الحريري: «الملك فهد، وببراعته المعهودة أرسل جواباً قال فيه لماذا نجتمع على الحدود. أنا مستعد للذهاب إلى بغداد ولكن نريد رسالة من الرئيس العراقي أنه مستعد للانسحاب من الكويت إذا اجتمعنا. الرسالة نحفظها لدينا ولم يسبق أن كشفنا أموراً نحتفظ بها. كان الملك فهد جدياً ومستعداً للتوجه إلى بغداد، على حد ما قال لنا، وأن يعلن من هناك انسحاب القوات العراقية من الكويت».
وقال الحريري إن سورية حافظ الأسد لعبت دوراً في تهدئة الأجواء بين إيران والسعودية «لأنها كانت تُدرك أهمية السعودية عربياً وإسلامياً ودولياً، ولم تَغِب عنها أهمية مصر أيضاً».
كان غرض الحريري من هذا الكلام الذي نشرته في «الحياة» قبل عشرة أعوام القول أن السعودية لا تستعجل الذهاب إلى المواجهات، بل تحرص على إعطاء مُرتكِب الخطأ فرصة التراجع عن خطئه ليجنّب بلاده والمنطقة دفع ثمن ما فعل. لكن السعودية لا تتردد في النهاية في اتخاذ القرارات الصعبة حين توصَد الأبواب أمام الحل.
في موضوع الكويت يمكن القول إن صدام أخطأ في تقدير رد فعل طرفين أساسيين هما الولايات المتحدة دولياً والسعودية إقليمياً. ارتكب خطأً فادحاً في فهم السياسة السعودية ولم يدرك أن الاعتدال لا يلغي الحزم، وأن الصبر لا يلغي القرار. وعلى رغم الفوارق بين المسرحين والحقبتين، واضح أن إيران ارتكبت في الأزمة اليمنية خطأً فادحاً في قراءة السياسة السعودية. وأن التوتر الظاهر في سلوك إيران وحلفائها إنما يرجع إلى وقع المفاجأة التي شكّلها قرار السعودية بناء تحالف سريع وإطلاق «عاصفة الحزم». فخصوصية الوضع اليمني وأهمية باب المندب جعلتا ما جرى في صنعاء وعدن يشبه انقلاباً يمنياً وإقليمياً يمسّ أمن السعودية وكل دول مجلس التعاون، ويُنذِر بترك آثاره على كل نقاط التجاذب والاشتباك.
أعرف ما يُكتَب عن براعة المفاوض الإيراني. وعن الصبر وصناعة السجاد. وعن النجاحات الإيرانية في العراق وسورية ولبنان. المشهد اليمني ليس من القماشة ذاتها، إذ بدت السياسة الإيرانية فيه مغامرة إلى حد التهور. يعطيك المشهد انطباعاً بأن إيران اعتبرت أن السعودية ليست قادرة على اتخاذ قرار كبير ما دامت أميركا أوباما غير راغبة في عرقلة المفاوضات النووية مع إيران. لم تتوقف طهران عند حقيقة مفادها أن غياب الإدارة الدولية للإقليم، لم يترك للقوى الأساسية فيه غير أن تتولى بنفسها الدفاع عن مصالحها. كان عليها الالتفات إلى موقف السعودية من مصر السيسي على رغم معارضة الإدارة الأميركية. الخطأ في القراءة جعل إيران تجد نفسها في أزمة تصطدم عبرها بالأكثرية العربية والسنّية والدولية. ولهذا الاصطدام إذا لم تُسارع إيران إلى الخروج منه، أثمانه بالنسبة إلى صورتها وعلاقاتها وموقعها، حتى في الساحات التي اعتبرتها تغيَّرت إلى غير رجعة.

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران والحزم السعودي إيران والحزم السعودي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab