منطقة الرأس المقطوع

منطقة الرأس المقطوع

منطقة الرأس المقطوع

 العرب اليوم -

منطقة الرأس المقطوع

غسان شربل

اذا ثبت ان «داعش» هو من فجر الطائرة الروسية فلا غرابة في الامر. من يرتكب مذبحة الايزيديين يرتكب مذبحة من هذا النوع. ومن يقطع رؤوس المسلمين من ابناء العشائر التي رفضت مبايعته يقطع رؤوس سياح وافدين من بلاد لينين وبوتين. ومن يعدم على الارض يعدم في الفضاء. اذا ثبت ان «داعش» هو المرتكب تكون سياسة الرأس المقطوع دخلت مرحلة ابعد واخطر.

للمكان دلالاته وللزمان مغازيه. انها محاولة لقطع رأس السياحة المصرية. القطاع الذي تراهن الحكومة المصرية عليه كمصدر للعملات الاجنبية ومصدر رزق لحشد من المصريين العاملين في هذا القطاع والمنتفعين منه. وقطع رأس امن المطارات في مصر لا يقطع رأس السياحة وحدها بل يصيب الاستثمار معها. وقطع راس الاقتصاد المصري على هذا النحو محاولة صريحة لقطع رأس برنامج السيسي وعهده. يزيد الضربة ايلاما ان مصر يصعب ان تحصل الآن على السخاء الذي حصلت عليه من اصدقائها غداة اطاحة «حكم الاخوان».

لا خيار امام السيسي غير متابعة الحرب على الارهاب. وهي في الحقيقة مكلفة وصعبة خصوصا ان مصانع الارهاب في ليبيا المستباحة تعمل بكامل طاقتها. لكن الحرص على مصر يفرض القول ان العملية السياسية التي تواكب الحملة الامنية تستحق وقفة تامل ومراجعة. يستحق انقاذ مصر بذل محاولات جديدة لاستقطاب من لم تتلوث ايديهم بالدماء من انصار الحكم السابق. يستحق انقاذ مصر بذل جهود اكبر لفتح النوافذ واختراق الكتلة الاخرى والتحاور مع من يبدي استعدادا للمراجعة ايضا.

اختيار الطائرة الروسية هو ببساطة محاولة لقطع رأس الاطلالة التي سجلها فلاديمير بوتين على مسرح الشرق الاوسط بتدخله العسكري في سورية. انها محاولة لتسديد صفعة للقيصر وبلاده. رسالة راعبة حملت للجثث المتناثرة. ارغمت الضربة بوتين على اتخاذ قرارات مزعجة لصديقه السيسي وبينها الهروب الروسي الكبير من شرم الشيخ. ولا غرابة ان يشعر السيسي بالمرارة بعدما ذهب بعيدا في تفهم السياسة الروسية في سورية وملاقاتها.

جاء بوتين لمقاتلة الارهابيين في سورية كي لا يضطر الى محاربتهم داخل الاتحاد الروسي او على اطرافه. ها هم يوسعون الحرب. من يضمن غدا سلامة السائح الروسي هنا او هناك؟ ومن يضمن سلامة السفارات الروسية في الدول الرخوة؟ ها هو ابو بكر البغدادي يعامل روسيا والروس كما عامل اسامة بن لادن اميركا والاميركيين. بتدخلها في سورية انتزعت روسيا من اميركا لقب «الشيطان الاكبر».

لا يستطيع بوتين الخضوع لعمليات قطع رأس هيبة «الجيش الاحمر». سيواصل ما بدأه وقد يزداد غرقا. تكاليف حربه اكبر بكثير مما توقع سيد الجواسيس. لا يستطيع اقتصاده مجاراة الاقتصاد الاميركي في احتمال النزيف. لهذا يبدو مدعوا الى مراجعة باكرة. عليه اخراج بلاده سريعا من الحريق السوري وباطفائه. يحتاج الى الرجل الخبيث المتردد الذي الذي رفض ادخال اصابعه في الجمر السوري. يحتاج الى باراك اوباما والدول الاقليمية المؤثرة. يحتاج الى ما يتجاوز براعات لافروف ومتعته في نصب الكمائن وتعميم الالتباسات.

لن نعلق كل شيء على شماعة «داعش» رغم خطورته واهواله. هذه اصلا منطقة الرأس المقطوع. قطع المستبدون رؤوس شعوبهم والدساتير. حولوها قطعانا مثخنة. قطعت الاستخبارات رؤوس الحكومات والبرلمانات والاحزاب والنقابات. قطعت الرقابة رؤوس الاعلام والاعلاميين. قطع الفساد رؤوس المواطنين. التهم الاقتصاد وافترس الارض ومن عليها. قطع التعليم المتخلف رأس مخيلة الطلاب والسنتهم ووزعهم محبطين وخانعين ومتسولين ولاجئين وانتحاريين.

منطقة الرأس المقطوع. قطعت الفتنة رأس الوحدة الوطنية. قطع الاحتراب الاهلي رأس الدولة. قطعت المليشيات رأس الجيوش. قطع الارهابيون والمتدخلون رأس الحدود الدولية. قطع المغامرون رؤوس الخرائط. قطعت «الاوطان الصغيرة» رأس الوطن الذي حقنوا اوردتنا باناشيده.

لسنا في الطريق الى الهاوية اننا نقيم فيها. هذا ليس حطام الطائرة الروسية. انه حطام الشرق الاوسط. ليتنا نلمح فكرة تنقذ. ليتنا نسمع صوتا يدل على الطريق. فشلنا في اقامة دولة طبيعية. كشفت العاصفة عمق تخلفنا وعجزنا ووطأة قيودنا. لم يأت مسلحو «داعش» من القمر. جاؤوا من توحش منطقتنا ومجتمعاتنا.

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منطقة الرأس المقطوع منطقة الرأس المقطوع



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab