الرئيس واللقاح و«أسابيع الجمر»

الرئيس واللقاح و«أسابيع الجمر»

الرئيس واللقاح و«أسابيع الجمر»

 العرب اليوم -

الرئيس واللقاح و«أسابيع الجمر»

بقلم - غسان شربل

لا مبالغة في القول إنها «أسابيع الجمر». الانتخابات الأميركية لا تعني الأميركيين وحدهم. الرجل الذي سيخرج من صناديق الاقتراع هناك سيعتبر شرطي «القرية الكونية»، حتى لو رفض الصفة والدور. موعد الانتخابات الأميركية أهم من كل المواعيد الأخرى. أهم من الاستحقاقات السياسية في أنحاء أخرى، وأهم أيضاً من كل الأحداث الرياضية والفنية التي تسرق اهتمام الناس في مختلف القارات.
إنها «أسابيع الجمر» لأن الانتظار فيها ثقيل. ويتساوى في هذا الانتظار قادة الدول الكبيرة والصغيرة. لا يستطيع فلاديمير بوتين تجاهل هذا الموعد. اسم الرئيس الأميركي يؤثر على بلاده وصورتها وإنفاقها العسكري وموقعها في العالم. الرئيس شي جينبينغ يمشي بالتأكيد على الجمر. لا يستطيع أن ينسى أن دونالد ترمب يفضل في خطبه تسمية «كورونا» بـ«الفيروس الصيني». يجزم ترمب أيضاً بأن على الصين أن تدفع ثمن ما فعلت. لا يستطيع سيد بكين إنكار أن ترمب فرض لغة جديدة في مخاطبة بلاده. أرغمها على تقديم بعض التنازلات التجارية لتفادي جولة مفتوحة من تبادل اللكمات. بقاء ترمب في البيت الأبيض سيضع حزب ماو أمام خيارات بالغة الصعوبة. ربما لهذا السبب أطلق مهندس افتتاح القارة الصينية قبل نصف قرن، هنري كيسنجر، تحذيرات مذكراً بالمناخات التي سبقت الحرب العالمية الأولى.
إنها «أسابيع الجمر» في أوروبا أيضاً. عاود «كوفيد - 19» هجماته على القارة القديمة. قتل المزيد من الأشخاص وأنهك النظام الصحي وهز ثقة الأوروبيين ببلدانهم ومؤسساتهم. ضاعف الوباء أوجاع القارة التي تعاني أصلاً من الخيانة البريطانية والابتزاز التركي والحرائق المفتوحة على ضفاف المتوسط أو قربها. قارة حائرة. تخاف من الرئيس الأميركي حين يتصرف كعازف منفرد يعطل الأوركسترا الغربية بأسلوبه الفردي وأنانيته. وتخاف أيضاً من أن تصبح رهينة الغاز الروسي أو رهينة الخوف من العقوبات التي ينزلها القيصر بمشاكسيه وآخرهم أليكسي نافالني.
إنها «أسابيع الجمر» أيضاً في الشرق الأوسط. لا مبالغة في القول إن المرشد الإيراني علي خامنئي يحصي الساعات التي تفصل عن الانتخابات. لا يستطيع أن ينسى أن ترمب أنهك الاقتصاد الإيراني ما اضطر النظام إلى ممارسة قمع وحشي لكسر احتجاجات المواطنين الذين ضاقوا ذرعاً بتدهور أحوالهم المعيشية وعملتهم الوطنية واستنزاف قدرات البلاد في لعبة الأدوار. لا يستطيع خامنئي أن يغفر لترمب أنه اتخذ قراراً يصعب أن يتخذه غيره وهو شطب الجنرال قاسم سليماني من المعادلة. وهو قرار أصعب من قرار قتل أسامة بن لادن أو أبو بكر البغدادي. ولا ينسى أيضاً أن بلاده لم تجرؤ حتى اليوم على القيام برد يوازي حجم الاغتيال رغم تعهدها بذلك.
تركيا أيضاً معنية بالانتظار القلق. واضح أن سياسة ابتزاز أوروبا بأمواج اللاجئين والتدخل عبر المرتزقة واختراق الخرائط بلا استئذان وزرع المرتزقة فيها والتلويح بالقوة لترسيم حدود الثروات في البحار، أثارت قلق أوروبا من «تهور» سياسات رجب طيب إردوغان وزادت القناعة بوجوب معاقبته. وطبيعي أن تنتظر أنقرة نتائج الانتخابات الأميركية لتتعرف على حجم الضرر الذي لحق بعلاقاتها بواشنطن بسبب إدخالها الصواريخ الروسية إلى البيت الأطلسي.
إسرائيل تنتظر هي الأخرى. ليس مطروحاً على الإطلاق أن يكون سيد البيت الأبيض معادياً للدولة العبرية أو مستعداً لكبح سياساتها أو تحجيمها. إسرائيل تريد أكثر من ذلك. تريد قراءة أحداث المنطقة ومستقبلها بالنظارات نفسها والمفردات نفسها. وهنا يمكن أن يتدخل أسلوب الرئيس في مقاربة التحالفات ودرجة الانخراط فيها.
الرياض معنية أيضاً بالانتخابات الأميركية. سياسة إدارة ترمب الصارمة حيال الهجوم الإيراني الواسع في الإقليم حرمت طهران من مداخيل كان يمكن أن تستخدمها في توسيع الهجوم أو ترسيخه. تفهمت إدارة ترمب محاولات التطويق التي تقوم بها إيران للسعودية، خصوصاً عبر الخاصرة اليمنية والدور الذي أوكلته إلى الحوثيين هناك. طبعاً للسعودية مصلحة في علاقات قوية مع الإدارة الأميركية بغض النظر عن اسم الرئيس. في المقابل، لأميركا مصلحة فعلية في إقامة علاقة قوية مع السعودية كدولة ذات ثقل اقتصادي وتأثير سياسي، خصوصاً في العالمين العربي والإسلامي. القاهرة معنية بانتظار النتائج أيضاً. لا تريد بالتأكيد أن ترى مجدداً في واشنطن مقاربات من قماشة تلك التي ظهرت إبان عهد باراك أوباما وقراءته للتغيير في المنطقة والقوى التي يمكن أن تشارك فيه.
يزداد ثقل «أسابيع الجمر» في البلدان التي تحولت ساحات مفتوحة وصناديق لتبادل الرسائل خصوصاً مع أميركا. ففي بيروت يعتقد كثيرون أن الحكومة اللبنانية الجديدة لن تولد قبل الانتخابات الأميركية، رغم تكاثر التحليلات بعد انطلاق المفاوضات «التقنية» لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. وفي سوريا كلام أن خروج دمشق من عزلتها الدولية مرهون بنتائج الانتخابات الأميركية، خصوصاً إذا قلصت مناخات المواجهة مع طهران.
«أسابيع الجمر» واضحة الالتهاب في العراق. قوى اللادولة لا تسمح لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالتقاط أنفاسه. صواريخ تستهدف الأميركيين أو المنطقة الخضراء. عبوات وتهديدات. وجديد الممارسات العودة إلى النفخ في جمر الحساسيات الشيعية - السنية، وتحديداً عبر المجزرة في قضاء بلد في محافظة صلاح الدين. ترافق ذلك مع العودة إلى ضخ التوتر في العلاقة مع المكون الكردي.
أضافت الانتخابات الأميركية المقررة في الأسبوع الأول من الشهر المقبل جمراً على جمر. العالم بأسره يعيش على وقع انتظار موجع للقاح ضد «كورونا». كثيرون يعتقدون أن الموعد يقترب. لهذا دخل العالم «أسابيع الجمر» بعد ما سمعه من ترمب ومن موسكو أيضاً. هز الوباء الخرائط والتهم الميزانيات وأطلق الجنازات وأمواجاً من البطالة. هز أيضاً المؤسسات والقناعات والعادات والتعليم والتطبيب والاستثمار. كم يشتهي العالم خبراً مفرحاً يعلن نهاية جمر انتظار اللقاح. أما الجمر الأميركي فهو قصة أخرى.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس واللقاح و«أسابيع الجمر» الرئيس واللقاح و«أسابيع الجمر»



فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 02:31 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال قوي يضرب جزر الكوريل الروسية ولا أنباء عن خسائر

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 05:53 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أكبر معمرة في إيطاليا عمرها 114 عاما

GMT 08:49 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 05:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

محكمة روسية تصادر ممتلكات شركة لتجارة الحبوب

GMT 07:55 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي يودي بحياة 9 فلسطينيين بينهم 3 أطفال في غزة

GMT 05:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر في البرازيل لـ10 قتلى

GMT 12:22 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

مدير منظمة الصحة العالمية ينجو من استهداف مطار صنعاء

GMT 02:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب الفلبين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab