حسناً أنهم ماتوا باكراً
الجيش الإسرائيلي يقول إن سلاح الجو استهدف منشأة يستخدمها حزب الله لتخزين صواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان أكثر من 141 قتيلا في اشتباكات بين القوات السورية وهيئة تحرير الشام في ريفي حلب وإدلب بوتين يقول إن الهجوم الضخم على أوكرانيا كان "ردًا" على الضربات على روسيا بأسلحة أميركية وبريطانية الجامعة العربية تطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الخطوط الجوية الفرنسية تواصل تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت حتى نهاية العام قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز بالتعامل بشكل صارم مع الأشخاص المحسوبين على حزب الله العائدين إلى الشريط الحدودي مع إسرائيل الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء لسكان عدد من المناطق في صور ويأمرهم بالتوجه إلى شمال نهر الأولي الدفاع الجوي الأوكراني يعلن إسقاط 50 مسيرة روسية من أصل 73 كانت تستهدف مواقع أوكرانية الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا
أخر الأخبار

حسناً أنهم ماتوا باكراً

حسناً أنهم ماتوا باكراً

 العرب اليوم -

حسناً أنهم ماتوا باكراً

غسان شربل

أهربُ أحياناً من مهنتي. منذ اندلاع «الربيع العربي» تحولتُ حفّاراً للقبور. أجمع يومياً الجثث الوافدة من الشرق الأوسط الرهيب وأواريها في صفحات «الحياة». وحين أسافر بحثاً عن خبر أو نافذة أرجع مثخناً بهدير الانهيارات وبكاء الخرائط.

تلازمني عادة سيئة قديمة. أتوهّم أن الهروب إلى المكتبات يساعد أو يفيد أو يعزّي. ذهبتُ إلى مكتبة جرير في الرياض. وكان همّي التعرُّف إلى نتاج الأصوات الجديدة. فجأة شاهدتُ على الرف المجاور صُوَراً ودواوين لأربعة من المقيمين في الذاكرة. محمد مهدي الجواهري. نزار قباني. محمد الماغوط. ومحمود درويش.

أفسدَتْ الصُّوَر رحلتي. انتابني شعور غير لطيف. وجدتُني أقول في نفسي حسناً أنهم ماتوا. وخجلت قليلاً بشعور من هذا النوع. البديهي أن أقول ليتهم عاشوا أكثر. أعمارهم تفني أعمارنا ومخيلاتنا. ورحم الأمة بخيل أصلاً. لا يفاجئنا بقامات من هذا النوع إلا في فترات متباعدة وربما لهذا السبب نشعر أمام الزمن أننا عُزَّل إلاّ من المتنبّي. نعتبره نجمة عابرة للقرون التي تغتال العناوين والأسماء. ونرى ديوانه درّة المكتبة ونحمله معنا حين تستدعينا المنافي.

حسناً أنهم ماتوا.

لا نُبلَ في هذا الشعور ولا رقّة. لكنني عزيزي القارئ، أتحدَّث عن رجال عرفتُهم وقرأتُهم. ولعلّني في داخلي أردتُ أن أنقذهم من ذُلِّ الإقامة في مستنقع الانحدار العربي. انحدار لا يَعِدُ بغير المزيد من الانحدار.

عدتُ إلى الفندق فلاحقتْني الصُّوَر. تَصَوَّر عزيزي القارئ، أن يُستدعى الجواهري العظيم، مرتكب العمارات ووريثها، ليمثُل أمام محكمة «داعش». وأن يرى لدى دخوله المحكمة رأس الماغوط مقطوعاً وصاحب الرأس يواصل ضحكة عالية تشبه الصهيل. تصوَّر أن يُسأل الجواهري عن جرائمه، عن الأبيات التي اقتحمت النوافذ والجدران وتسلَّلتْ إلى الذاكرة والألسن.

تصوَّر عزيزي القارئ، الجواهري جالساً على شفير دجلة في بغداد العباسيين. تصوَّرْهُ يرى بغداد تتلوّى على لحن النزاع الشيعي – السنّي. تصوَّرْهُ يستمع إلى الأنباء عن استباحات «داعش». والارتكابات في المقدادية بعد طرد التنظيم. وحلم أهل الأنبار بالإقليم. وحلم الأكراد بالطلاق. لا يصلح الجواهري لزمن الطوائف والخنادق. أتخيّلَهُ يرمي بنفسه في النهر للاختباء خجلاً في أعماقه.

تصوَّر عزيزي القارئ، الماغوط يمثُل أمام محكمة «داعش». ويسأله القاضي عما قاله الصحافي في المقهى الدمشقي: «لا تسقط في الأمل. الخيار أمامنا معروف: إما أبو نجمة (الضابط) وإما أبو لحية (الإرهابي) وكلاهما يغذّي الآخر. الأول يسرق كرامتك وربما أظافرك أو أسنانك. والثاني يسرق أبسط حقوقك ويحوّلك كتلة من الظلام».

وأغلب الظن أن الماغوط كان سيموت لأسباب أخرى أيضاً. من رؤية القتل الطائفي والتهجير. من ارتكابات مَنْ وفدوا بحجّة دعم المعارضة واغتالوها. وارتكابات البراميل والسيارات المفخّخة. من هذا الخيار المدمِّر بين «أبو نجمة» و «أبو لحية».

وتصوَّر عزيزي القارئ، نزار قباني يتابع بأناقة روحه وأسلوبه ومن بيروت الموحِشة أخبار سورية الممزّقة والمدمّرة بشراً وحجراً. ودمشق التي غادرها الياسمين. وبغداد الذبيحة الكئيبة المفلسة. أغلب الظن أنه كان سيستدعي قصيدة «متى يُعلنون وفاة العرب؟» ليضيف سطوراً لاهبة قبل أن يُبحر في قوارب الموت.

وتصوّر محمود درويش يرى بنيامين نتانياهو يتابع بالمنظار اندحار الدول والعواصم العربية. ينتصر من دون أن يطلق رصاصة. ويسمعه يقول إن ما فعلته إسرائيل بالفلسطينيين أقل بكثير مما يفعله العربي بالعربي. أغلب الظن أن قلبه كان سينفجر أو سيسلّم نفسه متعمّداً لسيّاف «داعش».

حسناً أنهم ماتوا باكراً. نجوا من مستنقعات الذُّل الشاسعة. من حقول الظلام المديدة. وحقول الوحل والدَّم. من هذا الانحدار السريع الهائل المتواصل. حسناً أنهم لم يعاينوا فضيحة الموصل. وحلب. وبغداد. ودمشق. وطرابلس. وصنعاء. حسناً أن نزار لم يشاهد الإيزيديات سبايا يُبعنَ في الأسواق.

ما هذا الانحطاط؟ ما هذا الانحدار؟ يذهب صحافي إلى المكتبة ليتعزّى ثم يجد نفسه يهنّئ مَنْ توارى قبل الزمن العربي الحالي. زمن الذليل الواقف في الصَّف الطويل.

 

arabstoday

GMT 00:22 2023 الخميس ,13 إبريل / نيسان

السعودية: دبلوماسية تبريد المراجل التي تغلي

GMT 00:44 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... العمامة والعسكر

GMT 07:01 2022 الأحد ,17 تموز / يوليو

بايدن في السعودية... سياساتٌ واستراتيجيات

GMT 13:14 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 08:47 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

المعلوماتية ومستقبل الحرية والديمقراطية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسناً أنهم ماتوا باكراً حسناً أنهم ماتوا باكراً



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:53 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
 العرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 09:17 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة

GMT 04:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 04:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك سلمان بن عبد العزيز يفتتح مشروع قطار الرياض

GMT 08:52 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا EV3 تحصد لقب أفضل سيارة كروس أوفر في جوائز Top Gear لعام 2024
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab