جائزة نوبل لمدمري المواطن والوطن

جائزة نوبل لمدمري المواطن والوطن

جائزة نوبل لمدمري المواطن والوطن

 العرب اليوم -

جائزة نوبل لمدمري المواطن والوطن

طلال سلمان

تستحق الطبقة السياسية في لبنان، بتلاوينها الدينية والطائفية والمذهبية، جائزة نوبل لتدمير المجتمعات والأوطان، فضلاً عن الدول ذات الأعلام المزركشة فوق المبنى الأزرق للأمم المتحدة في نيويورك. لقد غيبت «المجتمع» الموحد أو الذي كان في طريقه إلى التوحد، وأعادته إلى بدايات الخلق: أقوام يخرجون من جلد المواطنة إلى فيء الطائفة والمذهب، ومن الشراكة في وطن إلى جبهات مقتتلة. بل إن هذه الطبقة السياسية ساعدت وشجعت ورعت كل محاولات الهرب إلى تاريخ مزور، كالادّعاء ان «اللبنانيين اللبنانيين» هم من ذرية الفينيقيين لا يشاركهم أحد في هذا النسب، بينما كانت «فينيقيا»، وهي خليط من الأسطورة والواقع، تمتد بامتداد الساحل السوري كله، ومعظم آثارها الناطقة هناك... وثمة من عدّل في الأنساب بعد تدفق الثروات النفطية في الجزيرة العربية وخليجها فانتبه إلى انه من «الغساسنة»، في حين بالغ بعض آخر فوصل بنسبه إلى «قحطان»، أو تحدر من «عدنان» ليغدو من مشايخ الموارنة في لبنان. لكن التاريخ لا يفيد كثيراً في الانتخابات، ولذلك لا بد من القفز من فوقه لإثبات ان «اللبنانيين» شعوب شتى بحسب طوائفهم، وانه لا يجوز الخلط بين المذاهب، أما موضوع الوحدة الوطنية فحديث خرافة..، وهكذا فإن الناخبين من كل طائفة أو مذهب هم «شعب» قائم بذاته: يختارون نوابهم بغير شريك، في «إقليمهم» حتى لو كان بحجم حي في مدينة أو بضع قرى في قائمقامية، أو بلدة حولها بعض المزارع في «الجرد». فكل طائفة أو مذهب «أمة تامة» شرط الديموقراطية فيها النقاء المذهبي، حتى لو كان بعض المنتمين إليها من «السوريين البيض» أو «المصريين البيض» أو يتحدر من سلالة يونانية أو ايطالية أو فرنسية أو مالطية الخ.. وليس سراً ان هذه الطبقة السياسية تتباهى الآن بأنها قد فرضت «منطقها» على العرب جميعاً، بدءاً من المحيط القريب، سوريا والعراق والأردن وحتى مصر وتونس، فصار الدين بل المذهب هو القاعدة في الانتماء إلى الكيان، ويكاد الخطر يمس المواطنة بمكانتها المميزة في دولة عريقة مثل مصر، أو في دولة مثل تونس ينتمي شعبها جميعاً إلى مذهب واحد في الدين الإسلامي الواحد. كذلك ليس سراً ان هذه الطبقة السياسية في لبنان قد استفادت من الأخطاء الفاحشة بل الخطايا التي ترتكبها بعض النظم العربية، سواء تلك التي استعصت على الانتفاضات حتى اللحظة، أو تلك التي جاءت بها بعض الانتفاضات التي حُرفت عن مسارها أو اغتالتها التنظيمات ذات الشعار الإسلامي فقفزت إلى السلطة وكأنها «حق كان مغصوباً فاستعيد شرعاً»، واتهمت القوى الثورية التي كانت شريكة في «الميدان» في دينها، أو ذهبت إلى الأبعد فاتهمت بعض هؤلاء بالكفر أو بالشرك و«شجعتهم» على الخروج من وطنهم وهم أصله ومصدر تسميته ليغدو المجتمع «صافياً» في عقيدته، وخالصاً حكمه لفصائلها «إخوانية» و«سلفية» و«وهابية» تكفّر الآخرين جميعاً، والمسلمين منهم على وجه الخصوص. كيف يكون نقاشاً حول الديموقراطية ذلك السجال البذيء لمشروع قانون الانتخابات، الذي يدور خارج أي إطار وطني، بل وخارج السياسة وإن كان يفيد في تغذية الفتنة عبر إلزام الرعايا اللبنانيين بأن تنضبط كل طائفة منهم داخل «حدودها» فلا ينتخب الماروني كاثوليكياً ولا السني شيعياً ولا الدرزي أرثوذكسياً ولا الأرمني علوياً أو أي مرشح آخر غير أرمني؟ إن كل انتخابات نيابية تصير، عبر قانونها الذي غالباً ما يعد في اللحظة الأخيرة، ويبرر بتلك العبارة المهينة لعقول الناس «استثنائياً ولمرة واحـدة»، مشـروع حـرب أهليـة جديـدة بين مجموعة من الشعوب التي «يستحيل» توافقها على «العيش المشترك»، ولذلك من الأفضل ان يبني كل «شعب» منها «إقليمه الطائفي الصافي» بإرادته الحرة المستقلة بغير شريك! وفي كل دورة انتخابية تخسر الدولة بعض مبررات وجودها، ويحقق الطائفيون والمذهبيون انتصاراً جديداً عليها،.. وها نحن أمام مجموعة من المشروعات التي لا يحمي أي منها «الدولة»، بل هو «يقسمها» كانتونات، ويلغي وحدة الشعب فيجعل الأربعة ملايين من الرعايا مجموعة من الشعوب المتخاصمة، لكل منها «مرجعيته» بين «الدول» إقليمية أو أجنبية... ثم نتباهى بالحرية والديموقراطية الفريدة في بابها، على مر العصور. لقد تم تدمير الدولة. وهذا الجدل المؤذي والمدمر لمفهوم «المواطن»، بداية، ثم لمعنى الديموقراطية ومفهوم الانتخاب، يحوّل الرعايا اللبنانيين إلى قطعان مسلحة في غمرة حرب أهلية مفتوحة... بقوة القانون. فحضّر سلاحك. اشتر صناديق الرصاص والقذائف. استعد لأن تبني الديموقراطية الذاتية بعيداً عن أولئك «شركاء الاضطرار» في الأرض، من «الكفرة» أو «الخارجين على الدين» والذين كانوا يستقوون عليك بأكثريتهم العددية. تستطيع الآن أن تصنع نائباً بأصوات عشيرتك وحدها. يمكنك ان تشكل لائحة نظيفة مطهرة من أي كافر أو مشرك... بين الدين والديموقراطية لا مجال للمفاضلة.. وهذه هي اللحظة الفاصلة لخوض معركة حماية الدين، وإلى جنهم الديموقراطية والديموقراطيين. فالديموقراطية بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. ولبنان طليعة. ومن واجب الطليعة ان تحمي الدين بل المذهب في هذه المنطقة بأقطارها جميعاً، ولو أدى ذلك إلى حرب أهلية مفتوحة يتم القضاء فيها على الكفار من المؤمنين بالأفكار المستوردة. نقلاً عن جريدة "السفير"

arabstoday

GMT 04:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انتفاع مؤقت

GMT 04:08 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 04:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب إيران... وترامب أوكرانيا

GMT 04:04 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ــ ترمب... لماذا الآن؟

GMT 04:01 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الممانعة اللبنانيّة في وحدتها

GMT 03:59 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّها الترمبية ضد الأوبامية

GMT 03:56 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... العودة المظفّرة

GMT 02:13 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برلمان وستمنستر يوم انتخاب ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جائزة نوبل لمدمري المواطن والوطن جائزة نوبل لمدمري المواطن والوطن



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم
 العرب اليوم - إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم

GMT 08:19 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
 العرب اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 18:05 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة اسرائيلية تستهدف "مبنى سكني" في ريف دمشق في سوريا
 العرب اليوم - غارة اسرائيلية تستهدف "مبنى سكني" في ريف دمشق في سوريا

GMT 04:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب إيران... وترامب أوكرانيا

GMT 04:04 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ــ ترمب... لماذا الآن؟

GMT 21:24 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

برنامج "شات جي بي تي" يعود للعمل بعد انقطاع قصير

GMT 18:10 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

حمدوك يحذر من حرب أهلية في السودان 4

GMT 19:13 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة الممثل الأمريكي توني تود بطل فيلم Candyman

GMT 21:19 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يعلن حصيلة جديدة لعدد ضحايا الغارات الإسرائيلية

GMT 10:22 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تعود للحفلات بمصر بعد غياب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab