عن البلديات والديموقراطية

عن البلديات والديموقراطية..

عن البلديات والديموقراطية..

 العرب اليوم -

عن البلديات والديموقراطية

طلال سلمان

أكثر ما تكره الطبقة السياسية الحاكمة في النظام اللبناني الفريد هي: الانتخابات!
إنها كلمة استفزازية تتضمن قدراً من التمرد والرغبة في الخروج على طاعة أولي الأمر، والإصرار على إثبات الذات، بما يطعن بشرعية «التمثيل» والتهديد بإسقاطه..
وأبغض مشهد يمكن أن تراه هذه «الطبقة»، والأكثر استفزازاً لمشاعرها، طوابير «الرعايا» وهم يتقدمون نحو صناديق الاقتراع وفي أيديهم أوراق بأسماء من يختارونهم ـ بأصواتهم ـ ممثلين لهم في أية مؤسسة تؤكد تعلقهم بالديموقراطية، أي حرية الاختيار... يستوي في ذلك المجلس النيابي أو جمعية تنظيم النسل أو الحق بالزواج المدني وصولاً إلى جمعية الرفق بالحيوان، وفضلاً عن الأهم وهي: البلديات.
والطبقة السياسية تكره المشهد الانتخابي، أي انتخابات، حتى لو كانت قد رتبت لها التفاصيل جميعاً: اللوائح وممولي الحملة الانتخابية، ومن ضمنها وسائط النقل والوجبات السريعة والمرطبات، بعد تأمين التحالف ولو مع المختلفين (مؤقتاً) لضمان الفوز بأصوات الناخبين بالمال أو بالضغط المعنوي (الوظيفة والترقية إلخ)..
في أي حال، فلقد تعذر على هذه الطبقة السياسية أن تؤجل الانتخابات البلدية، مرة أخرى، كما تحايلت فتواطأت ـ مجتمعة ـ على الانتخابات النيابية فأرجأتها مرة ومرتين، وربما سترجئها ثالثة، مكتفية بالتمديد للنواب الحاليين الذين يمثلونها من موقع الأتباع، ضامنة استمرارهم على ولائهم لزعامات اللوائح التي تعودت بيع المقاعد بالثمن مشفوعاً بالتبعية المطلقة والالتزام برفع أيديهم، متى لزم الأمر، بغير سؤال أو استفسار أو استيضاح.
برغم هذا كله فلا بد أن نحمد ونشكر المصادفات التاريخية التي جعلت تمديد التمديد للمجالس البلدية القائمة بالأمر، على غرار ما جرى ويجري مع المجلس النيابي، مستحيلاً، اللهم إلا إذا ما تعرضت البلاد لمخاطر أمنية تفرض الإرجاء، مرة أخرى، بذريعة لا تقبل النقض وهي: الحفاظ على أمن الناخبين..
لقد كان الخطر يتهدد مفخرة النظام اللبناني بادعائه الانتماء إلى «الديموقراطية»..
فرئيس الدولة تنتخبه «الدول» بعد فترة فراغ قد تمتد ما شاءت لها المقادير، بالتواطؤ مع الطبقة السياسية..
وهكذا صارت القاعدة أن تفصل بين الرئيس المنتهية ولايته وخليفته، أي رئيس الجمهورية الجديد، مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين.. وهذا مصدر لشعور طائفة الرئيس بالغبن وافتقاد المكانة..
كذلك صارت القاعدة أن يتطلب تشكيل أية حكومة، أي الفترة الفاصلة بين استقالة الحكومة السابقة وتكليف رئيس جديد بالمهمة المستحيلة، أي حبك التحالفات وتخطي الألغام واسترضاء المغضبين وتهدئة الطوائف المغضبة نتيجة الإرجاء والتأخير في إطلاق البشرى بإنجاز تركيب البازل للحكومة الجديدة، طوائفياً ومذهبياً وعنصرياً ومناطقياً... صارت القاعدة أن يستغرق التشكيل سنة أو يزيد قليلاً.
في حين أن رئاسة المجلس، لأسباب عدة بينها شخصية «الرئيس» وبراعته في التعامل مع الكتل، وعدم إحراجهم عبر إلزامهم ـ ولو معنوياً ـ القيام بواجباتهم البديهية، وتأمين النصاب للجلسات النيابية وإقرار المشاريع... إلا في حال «تشريع الضرورة» حين ينعدم المهرب أو الذريعة (كما حدث مع الجلسة اليتيمة التي عقدها المجلس، وبعد جلسة التمديد لنفسه نواباً ورئيساً... وهي جلسة عُقدت بالأمر، تقريباً، لمنع إعلان إفلاس الدولة).
النظام الفريد في لبنان يمارس من أشكال الديموقراطية ما يفيد دوامه، وما يجعله ذروة الديموقراطية بالقياس إلى سائر الأنظمة السائدة في البلاد العربية الأخرى..
وغني عن البيان أن النظام يتحسس حتى المرض من أية ممارسة ديموقراطية... وأبسط دليل أن الكتل الكبرى التي استولدها العداء للديموقراطية قد التفت على الانتخابات البلدية، بفبركة الائتلافات في ما بينها، بحيث تنجح معظم اللوائح في مختلف أنحاء الطوائف اللبنانية بالتزكية التي تشهد للنظام بديموقراطية فريدة في بابها... ومن شابه أباه فما ظلم!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 05:48 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

قرار 1701

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إيران بدأت تشعر لاول مرة بأن ورقة لبنان بدأت تفلت من يدها

GMT 04:32 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن البلديات والديموقراطية عن البلديات والديموقراطية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab