من سايكس ـ بيكو إلى الدولار

من سايكس ـ بيكو إلى الدولار!

من سايكس ـ بيكو إلى الدولار!

 العرب اليوم -

من سايكس ـ بيكو إلى الدولار

بقلم : طلال سلمان

في مثل هذه الأيام من العام 1916 تم «استبدال» الهيمنة التركية (العثمانية) على المشرق العربي بهيمنة غربية بريطانية ـ فرنسية، جاءت نتيجة لانتصار الغرب في الحرب العالمية الأولى..

ها هو المشرق الآن يسقط، بالكامل، تحت النفوذ الأميركي الذي تجاوز صيغة الاستعمار القديم، واستغنى عن الجيوش المحاربة مكتفياً بالسلاح الذي تصعب مقاومته والتصدي لهيمنته على العالم كله، تقريباً، وهو: الدولار.

مع المشرق، بل قبله سقط الغرب جميعاً، بدوله ذات التاريخ، في إسار هذا النفوذ.

إن الاستعمار الجديد ليس بحاجة إلى السلاح، وإن كان يملك أعظم ترسانة حربية، بين أسلحتها أرقى ما أنتج العقل الإنساني من أسباب التدمير، القنبلة الذرية معززة الآن بالصواريخ عابرة الكون وسائر أسلحة الدمار الشامل.
الاستعمار الجديد وسيلته أوراق خضراء متعددة القيمة هي: الدولار!

إن الدولار ليس فقط العملة الكونية، بعدما طغى حتى كاد يلغي الجنيه الاسترليني، الذي كان عنوان عز الإمبراطورية البريطانية، فضلاً عن سائر العملات الأوروبية، بل هو مرتكز الهيمنة الأميركية على العالم.

إنه استعمار من «نوع راق»، يكاد لا يُرى، مع أنه يتحكم بحياتك، مخبوء في خزنتك، في جيبك، في المصرف الذي تتعامل معه، لأنه يتحكم باقتصاد بلادك، كما باقتصاد مختلف دول العالم بعدما حلّ محل عملاتها جميعاً إذ صار مرجعها ومصدر تحديد قيمتها.
 
انطوى «الجنيه الاسترليني» على نفسه، واندثر الفرنك الفرنسي، وافترضت أوروبا أنها بتوحيد عملتها ستستطيع أن تحفظ حرية قرارها... لكن القوة غير المحدودة لهذه الورقة الخضراء اجتاحت العالم جميعاً وفرضت على دوله، حليفة أو مخاصمة، قوية أو متهالكة، أن تتخذه وحدة قياس ومرجعاً في تسعير السلع.

لقد بات «الدولار» عملة العالم جميعاً.. وحتى الدول التي لا تستخدمه مباشرة، تضطر إلى تسعير عملتها به أو قياساً عليه.
من هنا فإنه أخطر سلاح سياسي. إنه قوة تدمير سياسية ما لم تواجهه سائر الدول بقوة اقتصادية متينة، معززة بوحدة وطنية صلبة.

وما دامت الولايات المتحدة الأميركية هي الحليف الذي يكاد يتماهى مع العدو الإسرائيلي، فمن الطبيعي أن تستخدم هذا السلاح الفتاك، أكثر من الصواريخ عابرة القارات وطائرات التدمير الهائل والأساطيل بحاملات الطائرات ومختلف أنواع الصواريخ والقذائف هائلة القدرة التدميرية.

وهذه الحرب الأميركية المعلنة على «حزب الله»، والتي تصيب الاقتصاد اللبناني جميعاً، هي أقسى من الحرب العسكرية كالتي شنها العدو الإسرائيلي قبل عشر سنوات والتي قد يشنها في أي وقت آخر، خصوصاً إذا ما لمس النتائج المباشرة للحصار الأميركي على لبنان تحت عنوان «الدولار».

وبين النتائج المباشرة أن يشعر اللبنانيون جميعاً بأثقال لم تكن محسوبة، أو حتى متوقعة، للمقاومة على اقتصادهم، وبحصار مرشح لأن يترك شروخاً سياسية واجتماعية، فضلاً عن الاقتصادية، تضرب وحدة مجتمعه، وتهز العلاقة بين المقاومة وجمهورها... فليس أسهل من توجيه الاتهام في هذه الحال إلى المقاومة على أنها سبب الضيق الذي يعانيه اقتصاد البلاد!

يصير سهلاً تصوير المقاومة أنها عدوة رزق اللبنانيين، وأنها السبب في تردي أوضاعهم الاقتصادية... حتى مع معرفة الجميع بأن المقاومة لا تستخدم الدولار في تسليحها ولا في حركتها المالية عموماً.

ولأن «رأس المال جبان» بطبيعته، ولأن المصارف تفضل العمل بسرية تامة، لأسباب مفهومة، وتتجنب التصادم مع القوة العظمى التي تتحكم باقتصاديات العالم جميعاً، يصبح من السهل تزوير طبيعة الموضوع، فينسى الناس هذه الإجراءات التعسفية والتي لا يمكن تبريرها إلا بالسياسة العدوانية الأميركية، التي تخدم ـ أكثر ما تخدم ـ العدو الإسرائيلي، ويتوجهون بالشكوى من التأثيرات السلبية لـ «حزب الله» على الاقتصاد الوطني.

إنها حرب على لبنان. بل هي حرب على أية سياسة استقلالية. إنها حرب على القرار الوطني المستقل، وهي أقسى وقعاً من الحرب بالسلاح.

وليس مطلوباً من أصحاب المصارف، ولا حتى من مصرف لبنان، أن ينتسبوا إلى المقاومة، أو أن يقاتلوا بالنيابة عنها، ولكن أن يحموا كرامتهم الوطنية وأن يحفظوا كرامة الدم الذي أريق على مذبح الوطن وسيادته وحريته واستقلاله.

المطلوب فقط ألا يحركهم الذعر فيتبرعوا بما لم تطلبه الإدارة الأميركية ذاتها.

إن «حزب الله» لا يحرجهم، ولا يجبرهم على حمايته بما يهدد وجودهم.

فقليلاً من الهدوء ومن الحكمة ومن الكرامة الوطنية في مواجهة هذه الحرب الجديدة، الباغية والظالمة والتي لا مبرر لها... والتي يمكن مواجهتها بهدوء، خصوصاً وأن قيادة «حزب الله» تعي هذه المخاطر وتحاول جاهدة تجنيب البلاد تداعياتها المؤذية جداً.

arabstoday

GMT 08:22 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 08:09 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بدأ «الشو» مبكرًا

GMT 08:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر.. راقصة على خفيف

GMT 08:06 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 07:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان!

GMT 07:56 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

«ميتا» تسافرُ بكنوزنا إلى الماضي.. في حضرة «المتحف المصري»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من سايكس ـ بيكو إلى الدولار من سايكس ـ بيكو إلى الدولار



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 23:16 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية تقتل 12 عنصرا من الدفاع المدني في بعلبك
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية تقتل 12 عنصرا من الدفاع المدني في بعلبك

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab