عن تلاشي «الدولة» على أيدي مسؤوليها

عن تلاشي «الدولة» على أيدي مسؤوليها..

عن تلاشي «الدولة» على أيدي مسؤوليها..

 العرب اليوم -

عن تلاشي «الدولة» على أيدي مسؤوليها

بقلم: طلال سلمان

تتلاشى «الدولة» أمام عيون «رعاياها» وبمشاركة مكشوفة ومعززة بالإثارة طائفياً من أهل الطبقة السياسية، أصحاب الألقاب السامية، المسؤولين في ما تبقى من مؤسسات وإدارات ومجالس وهيئات.
الفراغ يُدَوِّي في القصر الجمهوري، والتعطيل الممنهج والمقصود يُبطل دور المجلس النيابي كمرجعية تشريعية جامعة ويحوله إلى «مكلمة» بلا نصاب، ومنصة لإطلاق الكل اتهامات ضد الكل حول المسؤولية عن البطالة التي صارت عرفا ومنهجاً في التعامل مع شؤون البلاد والعباد.
أما الحكومة التي يصعب اكتمال نصابها، إذا ما قدر لها أن تنعقد كمجلس للوزراء، فكل جلسة لها تبدأ بمشكلة وتنتهي بمشكلات تزيد الوضع تعقيداً، ورئيسها الذي تفوق على «أيوب» في الصبر ممنوع من الاستقالة لأسباب عدة بينها الشخصي والعام، وممنوع ـ وحكومته ـ من الإنجاز إلا عبر مساومات تشبه «المقاصة» وعلى طريقة «أعطني فأعطيك»، وغالباً من خارج المقرر والمطلوب.

ثم أن الوزراء «أمم شتى»، لكل منهم جدول أعماله وجدول أسفاره وجدول الاتفاقات والبروتوكولات مع الدول الأخرى، متصرفا كـ «دولة» داخل «الدولة المغيبة».. ألم ينص اتفاق الطائف على أن الوزير سلطان في وزارته لا سلطة عليه لأية جهة، فصلاحياته مطلقة ومرجعيته قيادته الحزبية أولاً، وبعدها يأتي دور مجلس الوزراء مجتمعاً... وفي غياب رئيس للجمهورية، والخلافات الدورية والممنهجة في ما بين الوزراء، تحتاج كل جلسة لمجلس الوزراء إلى «اتفاق لوقف إطلاق النار»، ثم إلى مساومات ومقايضات، تتضمن حفلة زجل مفتوحة عن حقوق الطائفة، التي تعطي «صاحب المعالي» حق الفيتو وتعطل الإنجاز... من دون أن يمنع هذا كله من تبادل تمرير الصفقات... بالتراضي!
طبيعي والحالة هذه، أن تطفح نشرات الأخبار المتلفزة والمذاعة، أو تلك التي «تصنع» عناوين الصفحات الأولى في الصحف، بالإهانات الموجهة كل صباح إلى «الرعايا اللبنانيين» الذين يتزايد إحساسهم بالعجز في مقابل خوفهم من تفجر «الدولة» ـ وربما الكيان ـ بخلافات زعمائهم وقياداتهم التي تتخذ من الطائفية سلاحاً لتحقيق مصالحهم بل أغراضهم على حساب «الدولة» التي تتهاوى مؤسساتها في قلب العجز (المقصود) عن القرار.
من ذلك، مثلاً، ما يتصل بواقعة إعلان رئيس حزب الكتائب، في مؤتمر صحافي، عقده محاطا بأركان الحزب، وقد أجلس وزيري الحزب عن يمينه ويساره، استقالة ممثليه في الحكومة.
جاءت السابقة نافرة: أن يتولى رئيس حزب سياسي، وفي موعد رسمي، إبلاغ رئيس الحكومة قراره باستقالة «وزيريه»، وبعد يوم كامل من إعلانه هذا القرار للعالم أجمع، واللبنانيين ضمنا، معللاً اتخاذه بواقع الشلل وافتقاد قدرة هذه الحكومة على القرار.. وحتى لا يحسب كل هذا على الحزب فيحسم من رصيده!

من التفاصيل أن الوزير الثالث الذي ظهر، عند تشكيل الحكومة، جالساً إلى جانب رئيس الحزب (الأب ـ يومذاك ـ)، قد أعلن بعد قرار الرئيس الجديد للحزب (الإبن، الآن) أنه لا ينتمي إلى الكتائب، وأنه باقٍ في الحكومة.
ومن التفاصيل أيضاً أن أحد الوزيرين اللذين أعلن رئيس الحزب استقالتهما قرر أن يبقى في الحكومة (وفي الكتائب... التي أعطاها أربعين سنة من عمره.. ومنذ أيام الجد المؤسس) مؤكداً احترامه للرئيس ـ الحفيد، ولكن الحكومة مسألة أخرى..
أما «الرعايا» الذين تقض مضاجعهم الوقائع الميدانية للحرب في سوريا وعليها التي لا تبدو لها نهاية واضحة، ولا توقفها هدنة منظمة تبقي الأمل بوحدة الدولة، وشعبها.. مضافاً إليها سيول الدماء في أرض الرافدين التي تهدد «الدولة العراقية» في وحدتها، خصوصاً وأن الطائفية والمذهبية ضربت وحدة الشعب، فضلاً عن اليمن التي ضرب التفكك المزدوج، طائفياً ومذهبياً، وحدة شعبها واستمرارية دولتها الفقيرة والممزقة بحرب «الشقيق الأكبر»...
أما «الرعايا» في لبنان فيفتقدون دولتهم التي تكاد تتلاشى ويشلها الفراغ المدوي في موقع الرئاسة الأولى، والفراغ المصنع وغير المبرر في المجلس النيابي ثم الشلل الحتمي في الحكومة نتيجة لكل ذلك.

الطريف أن القيادات المطهمة تواصل حياتها المعتادة: تتبادل التصريحات المهيجة طائفياً على طريقة «البنغ بونغ»، وتخطب في الإفطارات الرمضانية، وتواصل رحلات المصالح والصفقات، وتستثمر التفجير الذي استهدف مصرفاً كبيراً في بيروت لنفاق الإدارة الأميركية والنفخ في الفتنة النائمة لتوقظها، كاستثمار مجز، ثم تذهب إلى النوم هانئة مطمئنة إلى ارتفاع منسوب القلق الذي يزيد من خطورة دورها محلياً، وعند أهل الذهب الأسود، وفي العواصم البعيدة التي لا وقت لمسؤوليها للاهتمام بالتفاصيل اللبنانية المضجرة!
عشتم، وعاش لبنان!

arabstoday

GMT 00:02 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 11:05 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع لبنان ..سأخونك يا وطني*

GMT 06:02 2017 السبت ,20 أيار / مايو

رصاص على حرف النون

GMT 06:10 2016 الأربعاء ,28 أيلول / سبتمبر

الرئاسة بالصوت اللبناني.. ولو كره الكارهون!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن تلاشي «الدولة» على أيدي مسؤوليها عن تلاشي «الدولة» على أيدي مسؤوليها



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab